“عسكرة المساجد” فصل جديد من فصول الارهاب الميليشاوي

خاص
كل يوم في السادسة صباحا، سيل من الشباب يقدر بالآلاف يخرجون فيما يشبه الطابور العسكري عابرين الشوارع المحيطة ب”جامع الصالح” في منطقة السبعين مرددين هتافات طائفية، تهدد وتتوعد كل من لا يؤمن بولاية عبدالملك الحوثي وتصفه بالخائن والمنافق و”ولي الشيطان ” :
(معك يا سبط القرآن
ضد الخونة والعدوان
وذي جالس جنب النسوان
أصبح ولي الشيطان)
هؤلاء هم ” طلاب اكاديمية القران الكريم” التي اسستها جماعة الحوثي في ٢١ سبتمبر من العام الماضي ٢٠٢٢ واتخذت من مبنى جامع الصالح والمباني الملحقة به مقرا لها، ويقدر عدد الطلاب الملتحقين بها من كافة القرى والمناطق بثلاثة الاف شخص، بحسب أحد الملتحقين بالأكاديمية.
فكر متطرف ومخرجات تكفيرية
وعلى غرار المراكز الصيفية الحوثية، تقوم “اكاديمية القرآن” بتدريس الفقه الهادوي الجارودي المتطرف القريب جدا من الاثنا عشرية الايرانية، وبحسب مراقبين فان الغرض هو اخراج جيل من الخطباء والمشرفين الثقافيين متشبعين بالفكر الحوثي يتم نشرهم وتوزيعهم على الاحياء والمناطق والقرى لنشر الفكر الحوثي التكفيري وهدم العقيدة الوسطية والفكر المعتدل، والتأثير على القطاعات الأكثر جهلا داخل المجتمع وتوجيهها نحو تلك الأفكار المستوردة من مبادئ ثورة الخميني مثل تكفير الرعيل الأول من الصحابة وكبار التابعين وتثبيت “مظلومية ال البيت “، واحقية العرق الهاشمي بالحكم المسلوب منهم منذ القرن الاول الهجري، وتكفير كل من لا يؤمن بأحقية الهاشميين بالسلطة والحكم عليهم ب”قطع الاطراف” و”فقع العيون”، مستندين في ذلك على مجموعة قصائد وفتاوى ل” عبدالله بن حمزة” احد ابرز الائمة الهادويين الذي اشتهر بارتكابه ابشع الجرائم بحق اليمنيين، ومن اقوال ابن حمزة ” اذا نفرت الماشية حل له قتلها وذبحها وسحلها واهلاك ممتلكاتها وتقويض ديارها” ويعتبر كتاب ” مجموع رسائل الامام المنصور عبدالله بن حمزة ” اضافة الى سيرته وقصائده وفتاواه من اهم المواد التي تدرس للطلبة في “اكاديمية القران”، الى جانب ملازم “حسين الحوثي” ووالده “بدر الدين” المعروف بشدة تعصبه للمذهب الاثنا عشري.
ميزانية مجهولة
وبالرغم من عدم وجود رقم محدد لميزانية هذه الاكاديمية، الا ان استقطاب الاف الشباب وتسكينهم وتغذيتهم ومدهم ب”القات” وانتداب عدد كبير من الجنود للحراسة برواتب مخصصة، يدل على ان الميزانية العامة لها لا تقل عن ستين مليون ريال في الشهر الواحد، على افتراض ان كل طالب يحصل على الفين ريال فقط في اليوم، رغم انه من شبه المستحيل ان تكفي الفين ريال للأكل والشرب و”القات” نظرا للأوضاع الاقتصادية الصعبة وغلاء الاسعار ما يعني ان ميزانية الأكاديمية قد تكون اكبر من هذا الرقم بكثير، الى جانب معلومات غير مؤكدة تتحدث عن رواتب تصرف للطلاب في الأكاديمية حوالي ثلاثين الف ريال كل شهر، في الوقت الذي يعاني الشعب اليمني من الجوع والفقر المدقع وانقطاع المرتبات للعام الثامن على التوالي، ومن غير المسموح لطلاب الاكاديمية العودة الى بيوتهم الا يوم الجمعة فقط تحت اي ظرف.
قنابل جرثومية
ويتساءل مراقبون عن السبب الذي دفع ميليشيات الحوثي لتسكين الطلاب داخليا وبالتالي تحمل كل هذه النفقات، مبدين تخوفهم من ان تكون هذه الاكاديمية وامثالها في حقيقة الأمر عبارة عن ” معسكرات ” يتم فيها عزل الشباب وصغار السن عن المجتمع الخارجي تماما، وغسل ادمغتهم ليتم اخراجهم فيما بعد مشبعين بالحقد والكراهية على كل من يخالف نمطهم الفكري وتوجهاتهم العقائدية حتى لو كانوا اقرب الناس إليهم، وبحسب الباحث “خالد شمس الدين” العضو السابق في المركز الوطني للمعلومات، فان المخرجات المتوقعة لهذه الاكاديمية ستكون كال”قنابل الجرثومية الموقوتة” الجاهزة للانفجار، وستبقى اثارها المدمرة لعشرات او مئات السنين”.
بل ان النائب البرلماني في البرلمان التابع للحوثيين “عبده بشر” قد تحدث عن هذه الاكاديمية علناً اثناء الجلسة التي عقدت في شهر اغسطس الماضي، حيث قال بشر بأن هذه الاكاديمية “ستخرج الاف الارهابيين” متسائلا عن سبب قيام الحوثيين في ٢٠١٤ بأغلاق “جامعة الايمان” بحجة نشرها للإرهاب وفي نفس الوقت يقومون بافتتاح مركز لنشر التطرف تحت اسم ” اكاديمية القران الكريم”.