استخدمت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” في عملية “طوفان الأقصى” النوعية أسلحة في معظمها من صناعتها وتطويرها، وكانت بذرة هذا العمل قد انطلقت بـ”مسدس”، ثم تدرجت في إنتاج واستخدام الأسلحة على مدار نحو 30 عاماً، وصولاً إلى الصواريخ والطائرات المسيرة.
واليوم وفي هذا التوقيت تتصدى كتائب القسام لأكبر قوة في العالم متمثلة في الجيش الإسرائيلي وقوات النخبة في الجيش الأمريكي، في عملية برية تهدف منها إسرائيل لاكتساح حماس والقسام فهل ستتمكن أم أن للقسام كلام آخر.
بطبيعة الحال لا تقارن ترسانة حماس العسكرية بأي حال من الأحوال بالقدرات العسكرية الإسرائيلية وبجيشها المزود بأحدث الأسلحة في البر والبحر والجو، وباستخباراتها الشهيرة، والدعم الأمريكي اللا محدود، لكن ما قامت به أسقط هيبة الجيش الذي كان يطلق عليه بأنه “لا يقهر”، وبما يملكه من أسلحة استخبارية وأمنية لم يمتلكها أحد قبله، ولكنا في هذا التقرير الذي أعده موقع الخليج أونلاين سنعرفكم عن كتائب القسام كما لم تعرفونها من قبل.
النشأة والانطلاقة
كانت البذور الأولى لكتائب القسام عام 1986، قبل إعلان انطلاق حركة “حماس”، حيث يعد الشهيد صلاح شحادة المؤسس الأول للجهاز العسكري للحركة عرف باسم “المجاهدون الفلسطينيون”، ثم صار يحمل اسم “كتائب عز الدين القسام”، في أواسط 1992.
في عام 1990 أعلنت حركة “حماس” جهازها العسكري، الذي حمل اسم كتائب الشهيد عز الدين القسام، نسبة للشيخ المجاهد السوري الأصل عز الدين القسام.
بدأت كتائب القسام عملها المسلح بمسدس أعلن عنه عام 1992، وهو من طراز “غولدستار”، ثم تدرجت في إنتاج واستخدام الأسلحة على مدار نحو 30 عاماً، حيث تطور سلاحها إلى الأحزمة الناسفة والعبوات، إضافة إلى القنابل والصواريخ، وانتهاء بالطائرات المسيرة.
وتتخذ كتائب القسام من قطاع غزة مقراً رئيسياً لنشاطها، وتأتي في طليعة الفصائل الفلسطينية التي تشدد على المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي، وتعمل على تحقيق أهداف سياسية فلسطينية، منها تحرير فلسطين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وتتبنى كتائب القسام استراتيجية المقاومة المسلحة، ولديها وحدات متخصصة في تنفيذ عمليات مثل إطلاق الصواريخ والهجمات البرية، ويقدر عدد قواتها في غزة فقط بما بين 30 إلى 40 ألف شخص.
وشاركت أركان كتائب القسام المختلفة في الإعداد والتنفيذ للعملية التي شهدتها مستوطنات غلاف غزة، في الـ7 من أكتوبر 2023؛ فجهاز الاستخبارات العسكرية وفر البنية المعلوماتية للعملية، ووحدات المدفعية تولت التمهيد الناري، ومهندسو الكتائب تولوا إزالة العوائق الهندسية، وصولاً إلى قوات “النخبة القسامية” التي شكلت قوة المناورة الأساسية التي احتلت مواقع “فرقة غزة”، و”مستوطنات الغلاف”، وخاضت لساعات اشتباكات مع جيش الاحتلال بعد العبور الأول.
وحدة النخبة
ولعل أبرز تلك الوحدات هي “النخبة”، التي أصبح اسمها يتردد مؤخراً على كل لسان، فبين عامي 2014 و2023 بدأت كتائب القسام مشروع “مراكمة القوة”، الذي كانت قوات النخبة أهم معالمه، ويختار أعضاؤها بعناية، ويبلغ عدد عناصر الوحدة نحو 5000 شخص.
جرى العمل على رفع قدرات القوة التسليحية والمهاراتية لقوات “النخبة”، وإكمال تشكيل سراياها عدداً وتدريباً وتخصصاً من خلال إخضاع المقاتلين لبرامج معسكرات تدريبية متواصلة ركزت على تطوير القدرات التخصصية (دروع، هندسة، قنص..).
ولم تخلُ مناورة تدريبية لقوات النخبة من مشاريع تحاكي سيناريو اقتحام المواقع الإسرائيلية وتطهيرها؛ فالتركيز على الجانب الهجومي في مناورات سرايا النخبة كان واضحاً للغاية، فهذه القوات وُجدت لتهاجم، وهذا ما حدث في معركة “طوفان الأقصى”.
وتتخصص وحدة النخبة في تنفيذ مهام خطيرة وصعبة، حيث تتلقى تدريبات عالية المستوى للقيام بالكمائن والغارات، وتنفيذ التحركات عبر الأنفاق للتسلل إلى مناطق داخل “إسرائيل”، وداخل غزة.
كما تتمتع وحدة النخبة بقدرة على تنفيذ مهام برية وبحرية واستطلاعية باستخدام الطائرات الشراعية، كما يحمل أفرادها أسلحة خفيفة لتنفيذ المهام المحددة.
سبقت العملية عملية تأهيل وإعداد امتدت من العام 2022 وحتى يوم العملية، وشملت تجهيز متطلبات إنجاح الخطة من معلومات ومعدات وتدريبات ومناورات، إضافة إلى عملية الخداع الاستراتيجي لقوات الاحتلال.
وعلى مدار عقود، وضعت “إسرائيل” نُصب أعينها تدمير “وحدة النخبة”، التي توصف بـ”الكوماندوز”، وبأنها “الأفضل” بين القوات والوحدات التي تملكها حماس، حيث زعم “جهاز الأمن العام” الإسرائيلي (الشاباك) مؤخراً، اغتيال كثير من قادة وحدة النخبة، كان آخرهم قائد وحدة النخبة التابعة لحماس في كتيبة جنوب خان يونس بلال القدرة، في الهجمات الإسرائيلية الأخيرة.
الضفادع البشرية
ومع عملية طوفان الأقصى، كان اسم الضفادع البشرية مرافقاً لعمليات واسعة نفذها عناصر من القسام، كان آخرها في 24 أكتوبر، حين كشفت “كتائب القسام” عن تفاصيل تسلل مقاتليها إلى شواطئ زيكيم جنوبي عسقلان.
وأعلنت أن “قوة من الضفادع البشرية تمكنت من التسلل بحراً على شواطئ زيكيم جنوب عسقلان”، مشيرة إلى “اشتباكات مسلحة جرت مع جيش الاحتلال الإسرائيلي في تلك المنطقة”.
وقوة “الضفادع البشرية” المرعبة لقوات الاحتلال بدأ تشكيلها بعد الـ7 من نوفمبر عام 2000، مع دخول انتفاضة الأقصى شهرها الثاني، حينما نفذت أول هجوم بحري، من خلال الاستشهادي حمدي إنصيو، الذي قاد قارباً محملاً بالمتفجرات، وصدم زورقاً حربياً لجيش الاحتلال في عرض بحر غزة، وأسفر عن سقوط قتلى وجرحى من جنود الاحتلال.
وكانت النقلة الثانية التي شهدها ميدان العمليات البحرية في 25 مارس 2004، أي بعد 3 أيام من اغتيال الشيخ أحمد ياسين، عندما نجح الاستشهاديان إسحاق نصار وزكريا أبو زور من كتائب القسام، في اقتحام مستوطنة “تل قطيف” جنوبي قطاع غزة عبر البحر، وتمكنا من أسر مستوطن إسرائيلي، لكنه قُتل لاحقاً خلال انسحابهما.
وفي 8 يوليو 2014، ثاني أيام معركة “العصف المأكول” في غزة، أعلنت الكتائب في بيان مقتضب أن مجموعة من وحدات الكوماندوز البحري اقتحمت قاعدة “زيكيم” العسكرية بحراً بعد اغتيال القيادي في كتائب القسام محمد شعبان.
وشكلت عملية “زيكيم” البحرية، وإعلان دخول قوات الكوماندوز البحري إلى ساحة المواجهة مع الاحتلال في جبهة غزة، مفاجأة نوعية للاحتلال، خاصة مع سيطرته على ساحل بحري يزيد طوله عن 200 كيلومتر، يضم كل المدن المحتلة الرئيسة، وعشرات المستوطنات، وأهم المرافق الاستراتيجية؛ مثل: موانئ أسدود وحيفا ومنصات استخراج الغاز وغيرها.
ودفع الأثر البالغ الذي تركته عملية “زيكيم” الاحتلال إلى البدء في تشييد “جدار بحري” فاصل مع قطاع غزة في 2018، تزامناً مع بدء مشروع “الجدار الحدودي الذكي”، الذي قرر الاحتلال تشييده للتصدي لهاجس الأنفاق التي وجهت له ضربات قاسية في عمق مواقعه العسكرية في المعركة نفسها في 2014، لكن ذلك لم يكن عائقاً أمام العمليات الحالية التي تنفذها هذه القوة والتي يعلن عنها بين الحين والآخر.
تطور صناعة الأسلحة
ومرت مراحل تطور سلاح القسام بمسدس 9 مليمترات، أعلن عام 1992، وهو من طراز “غولدستار”، و”عوزي حماس”، أعلن عام 1993، وصنع من 350 قطعة، ثم الحزام الناسف، أعلن عام 1993، وهو سترة متفجرة.
ولاحقاً أعلنت القنابل اليدوية، عام 1994، بين هجومية ودفاعية وصوتية ودخانية، ثم قذائف الأنيرجا، عام 2000، وهي قذيفة مضادة للتدريع الخفيف، ومدافع الهاون، عام 2000، وهو من عيارات 61 و81 و120.
ودخل صاروخ القسام عام 2000، ومنه نماذج عدة؛ “قسام 1″، ويبلغ مداه ما بين 2 و3 كم، و”قسام 2″ ومداه بين 0 و12 كم، و”قسام 3” ومداه 16 كم، ثم قاذف البنا، أعلن عام 2002، وهو قاذف مضاد للدروع، وقاذف البتار، أعلن عام 2003، وقاذف الياسين، عام 2004، مضادات للدروع.
كما صنعت عبوات مضادة للدروع، ومنها أنواع شواظ بنماذج 1 و2 و3 و4، ومضادة للأفراد، “التلفزيونية بنماذج 1 و2 و3، والعبوة الرعدية، والعبوة القفازة”، وصاروخ “إم 75″، أعلن عام 2012، ومداه 75 كم، وصاروخ “جيه 80” ومداه 80 كم.
وصنعت الكتائب صاروخ “آر 160″، أعلن عام 2014، ومداه 160 كم، وكذلك صاروخ سجيل، أعلن عام 2014، ومنه عدلت نماذج بمديات مختلفة.
وصنعت أيضاً بندقية الغول، أعلنت عام 2014، وهي بندقية قنص مداها 2 كم، وصاروخ “إس إتش 85″، أعلن 2015 ومداه 85 كم، و صاروخ “إيه 120″، أعلن في 2015 ومداه 120 كم، وصاروخ “كيو”، أعلن عام 2018، وهو نموذج مطور لصواريخ القسام بمديات مختلفة، وصاروخ “عياش 250″، أعلن عام 2021 ومداه 250 كم.
أما الطائرات المسيرة فقد بدأت بـ”طائرة أبابيل، أعلنت عام 2014، وطائرة شهاب الانتحارية، أعلنت عام 2021، وطائرة الزواري، أعلنت 2021، ومنها نوعان استطلاعي وانتحاري.
الشرق القطرية