أجساد محطّمة بلا علاج.. غزة تواجه موجة غير مسبوقة من الإصابات الجسيمة وحالات البتر

غزة – متابعة الوعل اليمني

بينما يواصل قطاع غزة مواجهة تبعات حرب أنهكت الإنسان قبل المكان، تتكشف أرقام صادمة حول حجم الإصابات الجسيمة وحالات البتر، في ظل انهيار المنظومة الصحية وعجز المرافق عن تلبية أبسط احتياجات الجرحى. ومع تفاقم المعاناة اليومية للآلاف، تبرز الحاجة الملحة لتدخل دولي يعيد لهم حق العلاج والحياة الكريمة.

اعتمد التقرير على بيانات رسمية صدرت بين 11 و27 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، إضافةً إلى أحدث تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ومنظمة الصحة العالمية وبيانات وزارة الصحة الفلسطينية في غزة.

ارتفاع الإصابات الجسيمة

يشير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، في تقرير أصدره اليوم الأربعاء، لمناسبة اليوم العالمي للاشخاص ذوي الاعاقة،  إلى أن عدد المصابين بإصابات جسيمة مغيرة للحياة في القطاع ارتفع إلى 42 ألف مصاب حتى نهاية عام 2025، وهو رقم تضاعف فعليًا خلال عام واحد، مقارنة بـ 22,500 إصابة سُجلت حتى يوليو/تموز 2024.

وتشمل الإصابات الأكثر انتشارًا: إصابات الأطراف المعقدة، والحروق، والبتر، وإصابات الحبل الشوكي والدماغ، إضافة إلى الصدمات البالغة التي تؤدي إلى فقدان دائم لوظائف الحركة أو الإحساس.

 أرقام متضاربة لكنها مفزعة

وثّق الإحصاء أكثر من 5 آلاف حالة بتر، يُقدّر أن 75% منها في الأطراف السفلية، بينما أفادت وزارة الصحة بوجود 6 آلاف ضحية مبتوري الأطراف يحتاجون إلى برامج تأهيل عاجلة وطويلة الأمد، بينهم 25% أطفال و12.7% نساء. وتوضح الوزارة أن هذه الأرقام تعكس معاناة إنسانية عميقة يعيشها الجرحى وأسرهم، وسط نقص الإمكانات الطبية والأجهزة المساندة داخل القطاع.

ويرجع الفرق بين الرقمين إلى اختلاف نطاق التقدير: أحدهما يشمل جميع حالات البتر الموثقة، والآخر يركز على الضحايا الذين يحتاجون لتأهيل عاجل.

الأطفال.. الوجه الأكثر حضورًا في الألم

وتتفق هذه المعطيات مع تقارير منظمة أطباء بلا حدود التي أفادت بأن 70% من مرضى الحروق الذين خضعوا لجراحات هم من الأطفال، ومعظمهم دون سن الخامسة، ما يعكس خطورة الإصابات التي يتعرضون لها. كما تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 10 آلاف طفل يعانون من إصابات جسيمة مسبّبة للإعاقة، بينهم مئات يحتاجون إلى نقل فوري للعلاج خارج القطاع.

يعاني أطفال غزة من إعاقات دائمة في سن مبكرة، بعضهم يعتمد على الكراسي المتحركة أو العكازات داخل المستشفيات، في صورة صادمة تعكس حجم المعاناة اليومية الناجمة عن الإصابات الجسيمة.

انهيار خدمات التأهيل بنسبة 62%

ووفق بيانات وزارة الصحة، تراجع مستوى خدمات التأهيل في قطاع غزة بنسبة 62% نتيجة تدمير المرافق الصحية، واستشهاد أكثر من 1,700 من الكوادر الطبية منذ بدء الحرب، بينهم 42 متخصصًا في العلاج الطبيعي والوظيفي.

كما تمنع القيود المفروضة دخول أجهزة المساعدة مثل الكراسي المتحركة والمشّايات والأطراف الصناعية، ما يزيد من تفاقم الإصابات ويطيل فترات الإعاقة.

أزمة تتجاوز الإصابات المباشرة

وأكد تقرير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، أن تقديراته تقتصر على الإصابات الناجمة عن الصدمات المباشرة، ولا تشمل الاحتياجات المتزايدة المرتبطة بتدهور الوضع الصحي العام، بما في ذلك سوء التغذية، والأمراض المزمنة، والنزوح المتكرر، ما يجعل العبء الحقيقي على خدمات التأهيل أكبر بكثير من الأرقام المعلنة.

ودعت وزارة الصحة جميع المؤسسات الدولية والإنسانية إلى توسيع برامج التدخل العاجلة، وتمكين الجرحى، خصوصًا مبتوري الأطراف، من السفر للعلاج خارج القطاع، في ظل عجز النظام الصحي عن توفير الرعاية اللازمة.

ويستمر آلاف الجرحى في مواجهة رحلة تعافي طويلة ومؤلمة، وسط نقص الإمكانات والأمل الضئيل في التعافي الكامل، مما يجعل الحاجة إلى تدخل دولي عاجل أمرًا حتميًا لإنقاذ أرواح المدنيين في غزة.

Exit mobile version