أسبوع مرير على إسرائيل

وجدت إسرائيل نفسها في الأسبوع الأخير أمام ضغوط كبيرة، نتيجة حربها المستمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وتوسيع هجومها على مدينة رفح جنوبي القطاع، كان آخرها صدور أمر عن محكمة العدل الدولية اليوم الجمعة، بوقف الهجوم العسكري على مدينة رفح جنوبي قطاع غزة فوراً. وسبق ذلك اعتراف 3 دول أوروبية بدولة فلسطين، فضلاً عن طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان من المحكمة إصدار مذكرات اعتقال بحق كلّ من رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن يوآف غالانت.

أمر محكمة العدل الدولية
أمرت محكمة العدل الدولية في لاهاي، اليوم الجمعة، إسرائيل بوقف هجومها العسكري على رفح في جنوب قطاع غزة فوراً، مشيرة إلى أن الوضع الإنساني في المدينة بعد أسابيع من القصف “كارثي”، وقد نزح قرابة 800 ألف شخص بحلول 18 مايو/ أيار 2024. وشددت محكمة العدل الدولية على ضرورة محافظة إسرائيل على فتح معبر رفح لدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وتنفيذ الأوامر الواردة في قراري يناير/ كانون الثاني ومارس/ آذار، داعية في الوقت عينه إلى إطلاق سراح الأسرى فوراً ومن دون شروط. وأكدت المحكمة أنه على إسرائيل ضمان وصول أي لجنة تحقيق أو تقصي حقائق بشأن تهمة الإبادة الجماعية إلى قطاع غزة، وأن تقدّم للمحكمة خلال شهر، تقريراً بشأن الخطوات التي تتخذها.

وفور صدور الأمر، توالت ردود الفعل الإسرائيلية المنددة، في وقت أجرى فيه رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مناقشات طارئة ومشاورات عاجلة مع الوزراء والمستشارة القضائية للحكومة. وفي أكثر المواقف دلالة على إجرام الاحتلال الإسرائيلي وإصراره على استكمال إبادته بحق سكان قطاع غزة، ردّ وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير على قرار المحكمة بالدعوة إلى احتلال رفح، قائلاً “إن الأمر غير الواقعي الصادر عن المحكمة المعادية للسامية في لاهاي يجب أن تكون له إجابة واحدة فقط: احتلال رفح، وزيادة الضغط العسكري، وهزيمة مطلقة لحماس، حتى يتم تحقيق النصر الكامل في الحرب”.


اعتراف دول أوروبية بدولة فلسطين
اعترفت أيرلندا وإسبانيا والنرويج الأربعاء بدولة فلسطين، على أن يدخل القرار رسمياً حيّز التنفيذ يوم الثلاثاء المقبل 28 مايو/ أيار الحالي. وأُعلن القرار بشكل متزامن من دبلن ومدريد وأوسلو. وفي مؤتمر صحافي في العاصمة دبلن، أعلن رئيس وزراء أيرلندا سايمن هاريس، أن بلاده تعترف بدولة فلسطين، في إعلان مشترك مع أوسلو ومدريد. وأضاف هاريس: “اليوم، تعلن أيرلندا والنرويج وإسبانيا اعترافها بدولة فلسطين”، مضيفاً أنه “يوم تاريخي ومهم لأيرلندا وفلسطين”. وفي وقت متزامن، أعلنت إسبانيا والنرويج تحديد يوم الثلاثاء المقبل 28 مايو/ أيار 2024 موعداً للاعتراف بدولة فلسطينية.

ويحمل اعتراف النرويج خاصة بدولة فلسطين أهمية كبرى، كونها استضافت الاجتماعات السرية عام 1993، التي أدت إلى اتفاق أوسلو، وهو اتفاق إعلان المبادئ الإسرائيلي الفلسطيني الذي أنشأت بموجبه السلطة الوطنية الفلسطينية، وبدأت العمل في كل من قطاع غزة ومدينة أريحا بالضفة الغربية المحتلة. ودفع قرار الدول الأوروبية، إسرائيل، إلى استدعاء سفرائها في كلّ من أيرلندا وإسبانيا والنرويج، “لإجراء مشاورات طارئة”، في وقت وصف نتنياهو القرار بأنه “مكافأة للإرهاب”، “لن تحمل السلام”. وقال نتنياهو: “لهذا الشر، لا يمكننا إعطاء دولة”، وأضاف: “ستكون دولة إرهابية، وستحاول مراراً ارتكاب مجزرة 7 أكتوبر/ تشرين الأول، ولن نقبل بذلك”.

وقرّرت إسرائيل “قطع العلاقة” بين القنصلية الإسبانية في القدس والفلسطينيين، ومنع القنصلية الإسبانية العامة في القدس من تقديم خدماتها للفلسطينيين، رداً على اعتراف إسبانيا بدولة فلسطين، وفق وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس. ويُعتبر هذا الإجراء غير مسبوق في العلاقات الدبلوماسية لإسرائيل مع الدول التي لها قنصليات عامة في القدس. ولم يسبق أن لجأت إسرائيل إلى مثل هذا الإجراء، بما في ذلك عندما اعترفت السويد بفلسطين في أكتوبر/ تشرين الأول 2014.

ومنذ عام 1988، اعترفت 139 دولة من أصل 193 دولة عضواً في الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية. وفي عام 2014، أصبحت السويد التي تضم جالية فلسطينية كبيرة أول دولة عضواً في الاتحاد الأوروبي في أوروبا الغربية تعترف بدولة فلسطينية. واعترفت بالدولة الفلسطينية في وقت سابق ست دول أوروبية أخرى هي بلغاريا، وقبرص، والجمهورية التشيكية، والمجر، وبولندا، ورومانيا.


مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت
أعلن مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان، الاثنين، أن المحكمة تسعى إلى إصدار مذكرتي اعتقال بحقّ رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة. ويفترض أن تنعقد لجنة من قضاة المحكمة الجنائية الدولية للنظر في طلب خان إصدار المذكرتين. وتشمل التّهم الموجهة إلى نتنياهو وغالانت “التسبب في الإبادة، التسبب بالمجاعة بوصفها وسيلةً من وسائل الحرب، بما في ذلك منع إمدادات الإغاثة الإنسانية، بالإضافة إلى استهداف المدنيين عمداً في النزاع”.

ويسعى الاحتلال للضغط على الدول الأعضاء في المحكمة، لتعلن عدم التزامها بتطبيق الأوامر في حال صدورها، بذريعة “مبدأ التكامل”، بحيث تزعم إسرائيل أنها دولة ديمقراطية، لديها جهاز قضائي مستقل وقوي، ويمكنه النظر في مثل هذه القضايا، وهي الذريعة التي لطالما استخدمتها إسرائيل باسم الديمقراطية المزعومة. وقال نتنياهو، في بيان، إن قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بحقه “عبثي وخطوة غرضها استهداف إسرائيل بأكملها”. وأضاف: “أرفض مقارنة المدعي العام في لاهاي المثيرة للاشمئزاز بين إسرائيل الديمقراطية والقتلة الجماعيين بحماس”، بحسب زعمه. وتابع: “بأي جرأة تقارن حماس بجنود الجيش الإسرائيلي”.

بدوره، قال غالانت إنه “يجب رفض محاولة المدّعي العام حرمان دولة إسرائيل من الحق في الدفاع عن نفسها وتحرير مختطفيها، بشكل قاطع”، زاعماً أن جيش الاحتلال الإسرائيلي “يقاتل وفقاً لقواعد القانون الدولي، مع بذل جهود إنسانية فريدة من نوعها، لم يُتخذ مثلها في أي نزاع مسلّح”. وتُعتبر مذكرة الاعتقال بحق نتنياهو المرة الأولى التي تستهدف فيها المحكمة الجنائية الدولية الحليف الوثيق للولايات المتحدة الأميركية. وكان من المنتظر أن يزور خان إسرائيل في الأسبوع المقبل، وأن يصل فريق من مكتبه قبل ذلك خلال هذا الأسبوع، وهي الزيارة التي ألغيت في اللحظة الأخيرة.

المصدر: العربي الجديد

Exit mobile version