تابعت جزءًا من مسلسل اسمه “الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين”، وهو مسلسل كرتوني أنتجه الرسيون بخبرات إيرانية، فوجدته يسيء إلى قبيلة همدان، ويصفون الشيخ الدعام بن إبراهيم، زعيم قبيلة همدان وابنه أرحب، بالخونة والكفرة والطغاة؛ لأنهم واجهوا يحيى حسين الرسي الذي جاء غازيًا معتديًا من خارج اليمن.
لم يكن هذا الأمر مفاجئًا لي، فكُتب الأئمة تسيء إلى القبائل اليمنية، وتعتبر اليمنيين قطاع طرق ومجرمين وكفارا، يسبون ويقتلون النساء، ويرتكبون المنكرات والفواحش. في مقابل ذلك، يعدون يحيى الرسي وسلالته بالتعاون مع الطبريين الذين قدموا من طبرستان (إيران اليوم) هم من أدخلوا اليمنيين الإسلام، وواجهوا الظلم والطغيان، وهو ما يقوله الحوثيون اليوم عن أنفسهم.
وإذا تحدثنا عن قبيلة همدان (حاشد وبكيل اليوم) كنموذج، سنجد أنها من القبائل التي تعرضت للتشويه والتنكيل من الرسيين وأعوانهم الإيرانيين تاريخيًا.
ففي سيرة يحيى بن الحسين الرسي (الهادي)، التي رواها ابن عمه علي بن محمد عبيدالله العباسي العلوي، تشويه لليمنيين وزعمائهم، ومن ذلك أنهم حاولوا تشويه الشيخ الدعام بن إبراهيم – وهو زعيم قبيلة همدان ومن أهم الشخصيات اليمنية في حينه التي وقفت ضد يحيى حسين الرسي- ووصفوه ومن معه بأنهم “جُندٌ فسَّاقٌ، يشربون الخمورَ، ويركبون الذكور، ويفجرون بالنسَاء عَلانية..”.
وأضاف العلوي أوصافًا مشوهة لقبيلة همدان منها قوله:”إنَّه كان في عَسْكر الدعامِ في “بيت ذؤد” أربعمئة امرأة فاجرة، يظهرون الفجور علانية، لا يَستترون بذلك؛ بل يتحاكمُ العسْكرُ فيهن إلى سَلاطينهم وعُمَّالهم، وكانوا كل عَشية يجتمعون إلى بابِ سُلطانهم الفاسقِ فيلعبنَ بين يديْه، وينشرن شُعورهن، ويُبدين زينتهن، ويُظهرن محاسنَهن، ويلبسنَ أرقَّ ما يقدرنَ عليه من الثياب، ليبْدوَ ما خفي من أبدانِهن، فيأتي العَسكر، فإذا هَوى الرجلُ منهم واحدةً، دفع إليها دراهمَ بحضرةٍ من يحضرُ معهم، فلعلها لا تروح إليه تلك الليلة، فإذا أصْبح أتى إلى السُّلطان، وأعلمَه أن ملعونته لم ترح إليه، وقَدْ أخذتْ دراهمَه، فيأمر سُلطانه عند ذلك بأدبها، وبأن تصيرَ إلى صَاحبِها”. (انظر سيرة الإمام الهادي يحيى بن الحسين، رواية: علي بن محمد عبيدالله العباسي العلوي، تحقيق: سهيل زكار، د. ت، 94).
هذا الطعن والخوض في أعراض اليمنيين وقبيلة همدان تحديدًا ستجدونه في كتب الإمامة التي تتحدث عن بطولات جد عبدالملك الحوثي المدعو يحيى الرسي.. وها هم اليوم يجددون هذه الاساءات إليها بأعمال درامية مختلفة.
ففي الحلقة 19 والحلقة 20 (الأخيرة) من مسلسل “الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين”، يصفون الدعام وابنه أرحب، بأنهم قطاع طرق وقتلة وخونة، وقد انتهى المسلسل بهزيمة القبائل اليمنية المناوئة ليحيى الرسي والطبريين الذين كان الرسي يعتمد عليهم في قتاله اليمنيين.
يعود نسب قبيلتي إلى الدعام بن إبراهيم وابنه أرحب، وإنه لمن الفخر أن هؤلاء الأبطال واجهوا الغازي لبلادنا يحيى الرسي قبل حوالي ألف سنة.
وكما وصفوا أجدادنا بأنهم طغاة وكفار وخونة في كتبهم ومسلسلاتهم لأنهم رفضوا الخضوع لنظرية حصر الحكم والعلم في البطنين وتحويل اليمنيين إلى عبيد عند سلالة الرسي ومن بعدهم الطبريين الفرس، ها هم يصفوننا بالدواعش والتكفيريين والملحدين والخونة والعملاء لأمريكا وإسرائيل؛ لأننا نرفض ذات العنصرية التي جاء بها أجدادهم.
أشعر بالحزن وأنا أشاهد بعض من ينتمون إلى قبيلة همدان (حاشد وبكيل) يتحولون إلى عبيد عند هذه السلالة الغازية التي نكلت وأساءت وما تزال لأجدادنا وتاريخنا. لكن هذا الأمر لن يستمر بإذن الله، فمعركة الوعي والتنوير مستمرة حتى تسترد الحقوق ويُقضى على العنصرية العرقية المغلفة بالدين في اليمن.
همدان العليي – المشهد اليمني