في أوّل ردّة فعل سياسية إسرائيلية على اعتراف عدة دول أوروبية وازنة بالدولة الفلسطينية، قرّرت حكومة الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، إغلاق “معبر الكرامة” الذي يصل الضفة الغربية بالأردن، وتسيطر عليه السلطات الإسرائيلية بالكامل من الجهة الفلسطينية.
ويعدّ هذا الإغلاق الأوّل الذي يأتي لأسباب سياسية منذ اتفاقيات أوسلو، إذ عادة ما يُغلق الاحتلال المعبر لأسباب أمنية، مرتبطة بعمليات للمقاومة على جانبيه الفلسطيني والأردني.
وأكد رئيس هيئة إدارة المعابر والحدود الفلسطينية، نظمي مهنا، في تصريح مقتضب لـ”العربي الجديد”، أن الجانب الفلسطيني تلقى، اليوم الثلاثاء، إخطاراً من إدارة المعابر الإسرائيلية يقضي بإغلاق معبر الكرامة (اللنبي) حتى إشعار آخر.
وأعلنت مديرية الأمن العام في الأردن، الثلاثاء، إغلاق جسر الملك حسين أمام حركة المسافرين والشحن من الجانب الآخر ولإشعار آخر، وفق وكالة الأنباء الأردنية ( بترا).
وحول الجهة التي اتخذت القرار، سواء كانت الحكومة الإسرائيلية أو الجيش الإسرائيلي، أوضح مهنا أنه لا يعلم، مشيراً إلى أن ما ورد لهيئة إدارة المعابر والحدود الفلسطينية فقط هو تبليغ من قبل إدارة المعابر الإسرائيلية بإغلاق معبر الكرامة وفي كلا الاتجاهين، حتى إشعار آخر، وذلك اعتباراً من يوم غدٍ الأربعاء.
ودعت هيئة المعابر المواطنين والمسافرين إلى متابعة منصاتها الرسمية للاطلاع على أي مستجدات بخصوص عمل المعبر.
وعلم “العربي الجديد” أن العاملين في المؤسسات والمنظمات الدولية المقيمين في الضفة الغربية والقدس الشرقية، قد تلقوا قبل ظهر اليوم، رسالة على هواتفهم من مستوطنة “بيت إيل” المقامة على أراضي مدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله، حيث المقر العام للإدارة المدنية التابعة لوزارة جيش الاحتلال الإسرائيلي، وهي المسؤولة عن إدارة شؤون الضفة الغربية، مفادها “أود أن أبلغكم أنه بقرار من رئيس الوزراء ابتداء من الغد 24 سبتمبر/ أيلول 2025 وحتى إشعار آخر، سيجري إغلاق معبر جسر (اللنبي) أمام المسافرين والبضائع”.
والرسالة أعلاه تؤكد أن قرار الإغلاق سياسي وليس أمنياً، لا سيما أنه جاء بعد أيام من عملية نفّذها أحد سائقي شاحنات البضائع الأردنية، حيث أغلق المعبر ليومين وأعيد فتحه بعدها.
ويعتبر “معبر الكرامة” كما يطلق عليه الفلسطينيون أو “الجسر” اختصاراً، النافذة الوحيدة للفلسطينيين على العالم، ويخضع تحت السيادة والسيطرة الأمنية الإسرائيلية بشكل كامل من الجهة الفلسطينية، ويطلق عليه الاحتلال “جسر اللنبي”، فيما تطلق عليه السلطات الأردنية “جسر الملك حسين”.
وقال الخبير في الشؤون الإسرائيلية، عادل شديد، لـ”العربي الجديد”: “هذه المرة الثانية التي يجري فيها إغلاق الجسر بعد اتفاق أوسلو، حيث أغلق لإشعار آخر عام 1996، على أثر عمليات مقاومة في القدس، كان الحديث عن أن منفذيها من الخارج ودخلوا إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة. واتهم حزب الله بأنه كان وراء الموضوع، وبعد التحقق تبين أن منفذي العملية من محافظة الخليل”.
وقال شديد: “إسرائيل تقوم بإهانة المملكة الأردنية بهذا القرار السياسي، وإذا سلمنا أن الاحتلال الإسرائيلي لا يرى في السلطة الفلسطينية وقيادتها نداً له، ولا يحسب لهم أي حساب، فماذا عن الأردن؟ هذا المعبر أي الجسر موجود وفق اتفاق أوسلو الذي نظّم عمل المعابر بنصوص واضحة”.
وتابع شديد: “تحديداً الجسر، هناك اتفاق ثلاثي إسرائيلي أردني فلسطيني لإدارته، وإن كانت سلطات الاحتلال لا تلقي بالاً للفلسطينيين، فإنها اليوم تتصرف بالعنجهية نفسها تجاه السلطات الأردنية بالتعدي على السيادة الأردنية”. وأكد شديد أنه “حسب اتفاق أوسلو، فإن الجسر يغلق يومين خلال العام، يوم عيد الأضحى للمسلمين، ويوم عيد الغفران لليهود”.
وأوضح شديد أن “الفلسطينيين تم إخراجهم من الجسر بشكل رسمي عام 2000، ولم يعودوا منذ ذلك الوقت، رغم أن وجودهم غير حاسم، لأن اتفاقية أوسلو منحت الإسرائيليين اليد العليا على الجسر، بمنع الفلسطينيين من السفر، واعتقال أي فلسطيني تريد، وإغلاق وفتح الجسر لأسباب أمنية، لكن لم يجر إغلاقه حتى إشعار آخر ولأسباب سياسية كما جرى اليوم”.
وقال شديد: “هذه رسالة سياسية موجّهة للسلطة بأن ذهابها لهذا المسار مكلف لا تستطيع تحمل تكلفته، ورسالة إلى دول العالم التي اعترفت بالدولة الفلسطينية بأن تدخلكم لا يفيد الفلسطينيين بل يضرهم أكثر”. وتابع شديد: “هذه رسالة فيها عنجهية إسرائيلية، وتحدٍّ لـ158 دولة اعترفت بالدولة الفلسطينية كان آخرها دول أوروبية وازنة”.