
تواجه خطة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب لنشر قوة دولية في قطاع غزة، والتي تم تبنيها رسمياً في مجلس الأمن، تحديات كبيرة على صعيد التنفيذ. تأتي هذه الصعوبات في ظل صعوبة تأمين مساهمات عسكرية من الدول المعنية، بالإضافة إلى المخاوف المتزايدة من انخراط القوات في صدامات مع السكان الفلسطينيين، ما يضع الخطة أمام اختبار صعب على الأرض.
ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” أن القوة الدولية قد تضم ثلاث ألوية، أي نحو 15 ألف جندي، بينما قدر مصدر آخر العدد بـ20 ألف جندي. ومع ذلك، تبقى تفاصيل الانتشار، وقواعد الاشتباك، والمهام الميدانية غامضة. وأكد مسؤول أميركي أن تجهيز الدعم اللوجستي والتدريب قد يستغرق عدة أسابيع بعد تأكيد مشاركة الدول، فيما تأمل واشنطن أن يبدأ النشر مطلع عام 2026، في حين لم تتحدد بعد قائمة الدول المشاركة ولا توجد التزامات مؤكدة على الأرض.
تردد الدول المشاركة
في هذا الإطار، أوضحت وزارة الخارجية الإندونيسية أن الرقم 20 ألف جندي يعكس الجاهزية العامة لقواتها لحفظ السلام، لكنه لا يشكل التزامًا مباشرًا تجاه غزة. وقدّر مسؤولون أن الانتشار الأولي قد يقتصر على نحو 1,200 جندي يحتاجون إلى حوالي ستة أشهر للتحضير. وأشار مسؤول آخر إلى أن بعض الضباط أبدوا تردداً في المشاركة خوفاً من الانخراط في اشتباكات مسلحة مع الفصائل الفلسطينية.
وفي الوقت نفسه، أكدت أذربيجان أنها لن ترسل قوات إلا بعد توقف القتال بشكل كامل، وقد تراجعت عن استعدادها المبدئي بعد ضغوط تركية تسعى لملء الفراغ العسكري في غزة، وهو ما ترفضه إسرائيل بشكل واضح. من جهتها، تبحث الحكومة الإيطالية أفضل السبل للمساهمة في القوة الدولية، بما يشمل توسيع برامج تدريب الشرطة الفلسطينية والمشاركة في إزالة الألغام.
تواصل الولايات المتحدة استعداداتها للمرحلة الثانية من اتفاق غزة، التي تتضمن إنشاء قوة الاستقرار الدولية، لكن الطريق لا يزال محفوفًا بالصعوبات، لاسيما عزوف معظم الدول العربية والإسلامية عن إرسال قوات إلى القطاع. وترفض إسرائيل نشر قوات من تركيا وقطر، بينما توافق على مشاركة أذربيجان وإندونيسيا. وأكد مصدر مطلع أن تشكيل القوة لم يحرز أي تقدم ملموس، وأن الجنود الأوائل لن يصلوا قبل الخضوع لتدريب مكثف، مؤكداً أن هذه القضية تمثل التحدي الأكبر أمام الأميركيين.
يُشار إلى أن إسرائيل ما زالت تعرقل الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، والتي تشمل إعادة الإعمار ونشر القوات الدولية وتشكيل حكومة انتقالية، مستندة في ذلك إلى ذريعة عدم تسليم جثث جميع الأسرى الإسرائيليين، حيث لا يزال البحث جارياً عن جثتين داخل القطاع، إلى جانب قضية مقاتلي حماس العالقين في رفح، ما يضيف مزيداً من التعقيدات على تنفيذ الاتفاق.
إصرار تل أبيب
من الجانب الإسرائيلي، تصر تل أبيب على نزع سلاح حماس بالكامل، وترفض أي حل جزئي يقتصر على الأسلحة الثقيلة، فيما تدرس أفكاراً لدمج عناصر من الحركة ضمن أجهزة الأمن الفلسطينية، لكن لم يتم اتخاذ أي قرارات رسمية بعد. وأشارت القناة 14 الإسرائيلية إلى أن وصول القوة الدولية إلى غزة متوقع منتصف يناير المقبل، على أن يتم إنهاء نزع سلاح حماس بحلول نهاية أبريل. وفي الوقت نفسه، تجتمع ست فرق يومياً في مركز التنسيق المدني العسكري الأميركي في إسرائيل قرب قطاع غزة بحضور ممثلين من 21 دولة لمناقشة مستقبل القطاع، ولا سيما نشر القوة الدولية.
يبقى تنفيذ الخطة محفوفاً بالتحديات، مع استمرار غياب الالتزامات العسكرية من الدول المشاركة ورفض الفصائل الفلسطينية لأي نزع سلاح جزئي، وانعدام الثقة بين الأطراف، بالإضافة إلى المخاوف من تورط الدول ميدانيًا واحتمال تغيير مواقف الدول العربية والإسلامية في أي لحظة. ويرتبط نجاح هذه الخطة بمجموعة من العوامل السياسية والميدانية المعقدة، على رأسها موقف إسرائيل والفصائل الفلسطينية واستعداد الدول للمشاركة في المشهد الأمني بغزة، ما يجعل تنفيذها مهمة صعبة تحتاج لتنسيق دولي محكم وجهود مستمرة لضمان فعاليتها على الأرض.






