الأخبار المحليةتقارير
أخر الأخبار

الحوثيون وصناعة العبودية في اليمن

تقرير خاص

منذ اندلاع النزاع في اليمن في عام 2014، شهدت البلاد تحولات كبيرة على الصعيدين الاجتماعي والسياسي، حيث تعرض الشعب اليمني لظروف صعبة جعلته في حالة من الاستسلام والخوف المستمر، الحوثيون الذين استولوا على معظم مناطق البلاد، استطاعوا أن يعيدوا إنتاج العبودية بطرق غير تقليدية، مستخدمين أساليب نفسية مدروسة، إلى جانب سياسات التجويع و الإرهاب والتلاعب بالعقول من خلال الحرب النفسية والدعاية السياسية، ونجحوا الى حد ما في تحويل اليمنيين إلى رعايا خاضعين عبر سلسلة من الأساليب التي أضعفت الحرية و الاستقلالية وأصبح المواطن اليمني يعيش في حالة من الخوف المستمر من العواقب التي قد تترتب على اي محاولة منه للتحرر

منذ بداية النزاع، استخدم الحوثيون (سياسات التجويع) كأداة رئيسية للضغط على الشعب اليمني، من خلال احتكار الموارد الأساسية وإغلاق الطرق المؤدية إلى المناطق المحاصرة ما ادى الى تفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد وأصبح ملايين اليمنيين في حاجة ماسة إلى الغذاء والدواء، مما جعلهم يعتمدون بشكل كامل على المساعدات الإنسانية التي تأتي تحت سيطرة الحوثيين، هذه السياسات جعلت من الفقر المدقع أداة فعالة في جعل الشعب خاضعًا لسلطة الجماعة، وبالنسبة للكثيرين، أصبح البقاء على قيد الحياة مرتبطًا بالبقاء في إطار سيطرة الحوثيين، مما جعل الحرية خيارًا بعيد المنال.

في ظل هذه الظروف القاسية، أدرك الحوثيون أهمية السيطرة الفكرية على المجتمع، فبدأوا في استخدام الحرب النفسية كوسيلة لتثبيت حكمهم عبر استعراض العضلات واستخدام القوة المفرطة والتهديدات المستمرة و الاعتقالات العشوائية، بهذه استطاعوا زرع الخوف في نفوس اليمنيين ليس الخوف فقط من الاعتقال أو التعذيب، بل أيضًا من التهم الكبيرة والجاهزة ضد أي شخص يعارضهم.

كذلك تم استخدام الدعاية السياسية بشكل مكثف لترويج فكرة أن مقاومة الحوثيين تعني الخيانة و (التهديد للهوية الوطنية) حيث تم تصوير الحوثيين على أنهم (المنقذون) وأن أي معارضة لهم هي بمثابة تهديد للوجود اليمني، من خلال هذه الدعاية زرع الحوثيون في أذهان الناس أن الحرية قد أصبحت خيانة وأن العبودية هي التعبير الحقيقي عن الوطنية.

لقد تمكن الحوثيون من تحويل اليمنيين إلى رعايا خائفين، وجعلوا من الخوف من الحرية وسيلة للحفاظ على سلطتهم في ظل التهديدات المستمرة والتجويع، وأصبح الكثيرون يفضلون الاستسلام للواقع المرير بدلاً من محاولة التغيير، مما جعلهم في حالة من العبودية النفسية واصبحت الحرية بالنسبة لهم مجازفة قد تكلفهم حياتهم، فاختاروا العيش في ظل النظام الحوثي بدلًا من تحمل الآلام الناجمة عن معارضة هذا النظام.

أحد الأساليب الأخرى التي استخدمها الحوثيون لتعزيز سلطتهم هي (الاستغلال العسكري) حيث تم تجنيد العديد من الشباب، سواء بالقوة أو من خلال الوعود الكاذبة، للقتال في صفوفهم، وتم استخدام هؤلاء الشباب كأدوات لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية دون مراعاة لحقوقهم أو رغباتهم، إضافة إلى ذلك، تم استخدام النساء كأدوات استغلال جنسي في بعض الأحيان، حيث تم إجبارهن على الانخراط في أنشطة غير قانونية تحت تهديد العنف أو القتل.

بالتوازي مع هذه السياسات، استخدم الحوثيون وسائل التخويف من خلال الاعتقالات الجماعية و التعذيب ضد أي شخص يتجرأ على معارضتهم، فاستطاعوا من خلال هذه السياسات أن يجعلوا من الحرية شيئًا يُخشى منه، وأصبح الخوف من الخروج عن طوعهم أقوى من رغبة الناس في التحرر، وكان الهدف الأساسي هو الاحتفاظ بالسلطة من خلال كسر الإرادة الشعبية، وجعل الشعب مستعدًا لقبول الخضوع.

زر الذهاب إلى الأعلى