الأخبار المحليةتقارير
أخر الأخبار

الدورات الإجبارية.. طريقة العصا والجزرة لإذلال الموظفين

تقرير خاص

منذ أن سيطرت جماعة الحوثي على مناطق واسعة في اليمن، تدهورت الحقوق والحريات بشكل غير مسبوق، ولم يكن موظفو الدولة بمنأى عن هذا التدهور حيث أُجبر العديد منهم على الانخراط في دورات عسكرية يتعلمون فيها حمل السلاح وترديد الشعارات الطائفية التي تروج لها الجماعة، وتعد هذه الممارسات التي فرضتها جماعة الحوثي على القطاع المدني أكثر من مجرد انتهاكٍ لحقوق الإنسان، بل هي بمثابة سلبٍ للكرامة واستغلالٍ سياسي، حيث تسعى الجماعة إلى تحويل هؤلاء الموظفين إلى أدوات لخدمة أجندتها الطائفية.

في ظل هذا الوضع المأساوي، تحول الموظفين الحكوميين إلى مجرد ادوات للاستعراض واظهار القوة، واجبروا على حضور دورات عسكرية لا علاقة لها بتخصصاتهم أو مهامهم الوظيفية، وتم فرض هذه الدورات على العاملين في مختلف القطاعات من التعليم إلى الصحة، ومن الإدارة العامة إلى القطاع الخدمي، رغم أن غالبيتهم لايمتكلون أي خلفية عسكرية.

ولاتستثني الميليشيات كبار السن من المشاركة في هذه الدورات العسكرية او كبار الموظفين بل تجعلهم في مقدمة الصفوف التدريبية بل ويُطلب منهم احيانا الانخراط في صفوف القتال، ويرى العديد من المراقبين بان هذه الدورات ليست مجرد فرصة لتحفيز الموظفين على تعلم بعض المهارات العسكرية، بل هي جزء من (استراتيجية الحوثيين لتعبئة المجتمع) من خلال استغلال الموظفين المدنيين في الصراع.

وتتراوح وسائل استدعاء الموظفين بين التهديدات و الضغوط النفسية والتلويح بقطع الرزق، حيث يتعرض الموظفون الذين يرفضون الانخراط في هذه الدورات للتهديد بالفصل من وظائفهم أو الملاحقة الأمنية، باعتبار كل من يرفض الذهاب خائن أو غير مخلص للجماعة، مما يجعله عرضة للفصل او الخصم في افضل الاحوال.

في هذه الدورات، يقوم المشرفين الحوثيين (وغالبيتهم أميين) بتعليم الموظفين كيفية حمل السلاح والمشاركة في الاستعراضات العسكرية، وهو ما يمثل إذلالًا لهم، خاصة في ظل غياب أي مبرر منطقي لمشاركتهم في أنشطة عسكرية لا علاقة لهم بها، حيث يجد هؤلاء الموظفين الذين كانوا في يوم من الأيام يحملون أدوات التعليم أو الأدوية أو الملفات الإدارية، انفسهم قد أصبحوا جنودًا مفروضين في حرب لا يفهمون دوافعها.

بالإضافة إلى حمل السلاح، تجبر الميليشيات الموظفين على ترديد شعار الحوثي المستورد من ايران، وترديد شعارات تشيد بـ القيادة الحوثية وتدعو إلى الولاء والانصياع لأيديولوجية الجماعة، والهدف – بحسب المراقبين- تعميق الولاء الطائفي لدى الموظفين و استغلالهم في مشروع الجماعة الذي يعزز من الانقسامات الطائفية في المجتمع.

وفي كثير من الأحيان، كان أي رفض لهذه الشعارات يعرض الموظف لعقوبات قاسية، مثل التحقيقات الأمنية أو التهديد بالاعتقال بتهمة ” الصهيونية”.

على الجانب النفسي، يعتبر تأثير هذه الممارسات على حياة الموظفين المدنيين عميقًا جدًا، فإلى جانب الارهاق الذي يتعرضون له، وخاصة كبار السن، أصبح العديد منهم يعانون من الاضطرابات النفسية بسبب التهديدات المستمرة و التهديد بالفصل من وظائفهم، مما أثر بشكل كبير على استقرارهم الأسري و الاجتماعي، اما الانتهاك الأكبر الذي يتعرض له هؤلاء الموظفون هو تحويلهم من موظفين مدنيين إلى احجار شطرنج ومادة للاستعراض تستخدمها جماعة الحوثي لتحقيق لايصال رسائل معينة، وفي ظل هذه الظروف، أصبحت كرامتهم الإنسانية و حقوقهم الشخصية في مهب الريح،وهو مايؤكد عليه الخبير القانوني الاستاذ محمد الفقيه لموقع الوعل اليمني بقوله 🙁 إن إجبار الموظفين الحكوميين على حضور الدورات العسكرية وحمل السلاح وترديد الشعارات الطائفية يمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، ويعدّ بمثابة إذلال لهؤلاء الأفراد الذين كانوا يعيشون حياة طبيعية قبل أن تُفرض عليهم هذه الأوضاع القاسية، هذه الانتهاكات لا تمس الحقوق الشخصية فقط، بل تهدد الاستقرار الاجتماعي في المجتمع اليمني، حيث تساهم في تفكيك النسيج الاجتماعي وتعميق الانقسامات الطائفية).

ويضيف: (في النهاية، لا يمكن لهذه الممارسات أن تستمر دون أن يكون لها تداعيات خطيرة على حقوق الإنسان والأمن الاجتماعي في اليمن، لذلك يتطلب الأمر من المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية الضغط على جماعة الحوثي لوقف هذه الانتهاكات، وتوفير الحماية و العدالة للموظفين المدنيين الذين أصبحوا ضحايا لهذه السياسات القمعية).

زر الذهاب إلى الأعلى