الدول الفقيرة تعبر عن استيائها من التمويل الضعيف في كوب29

توصلت بلدان العالم إلى اتفاق صعب المنال في قمة مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمناخ (كوب29) في أذربيجان لتوفير 300 مليار دولار لتمويل المناخ سنويا بحلول عام 2035.

وكان الاتفاق الذي تم التوصل إليه في وقت إضافي خلال المؤتمر الذي استمر أسبوعين في عاصمة أذربيجان يهدف إلى توفير قوة دافعة للجهود الدولية الرامية إلى الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري في عام من المتوقع أن يكون الأكثر حرارة على الإطلاق. لكن في حين تفاعل بعض المندوبين مع الاتفاق في وقت مبكر من صباح اليوم الأحد بالتصفيق الحار، عبر آخرون عن استيائهم وانتقدوا الدول الغنية لعدم بذل المزيد من الجهود.

وقال الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ سيمون ستيل في بيان “كانت رحلة صعبة، لكننا توصلنا إلى اتفاق. هذا الهدف المالي الجديد هو بوليصة تأمين للإنسانية، في ظل التأثيرات المناخية المتفاقمة التي تضرب كل دولة”.

وأشار إلى أن “هذا الاتفاق من شأنه أن يحافظ على نمو طفرة الطاقة النظيفة ويحمي مليارات الأرواح. كما أنه سيساعد جميع البلدان على مشاركة الفوائد الهائلة المترتبة على العمل المناخي الجريء: المزيد من الوظائف ونمو أقوى وطاقة أرخص وأنظف للجميع”.

وفي المقابل، أكدت ممثلة الوفد الهندي شاندني راينا في بيان “ولكن مثل أي وثيقة تأمينية أخرى، فإن الأمر لن ينجح إلا إذا تم دفع أقساط التأمين بالكامل وفي الموعد المحدد. لم تحصل أي دولة على كل ما تريده، ونحن نغادر باكو وفي جعبتنا جبل من العمل الذي يتعين علينا القيام به. لذا فإن هذا ليس الوقت المناسب للتفاخر بالنصر”.

وقالت “نشعر بخيبة أمل إزاء النتيجة التي تعكس بوضوح عدم رغبة الأطراف من الدول المتقدمة في الوفاء بمسؤولياتها”.

وتابعت “من المؤسف أن أقول إن هذه الوثيقة ليست أكثر من مجرد خداع بصري. وفي رأينا، لن تعالج ضخامة التحدي الذي نواجهه جميعا. ولذلك، فإننا نعارض اعتماد هذه الوثيقة”.

أما الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش فقد قال “كنت أتمنى التوصل إلى نتيجة أكثر طموحا، سواء على صعيد التمويل أو التخفيف، لمواجهة التحدي الكبير الذي نواجهه. ولكن هذا الاتفاق يوفر الأساس الذي يمكننا البناء عليه. ولابد من الوفاء به بالكامل وفي الموعد المحدد. ولابد وأن تتحول الالتزامات بسرعة إلى أموال نقدية”.

وفي المقابل، قال ممثل بوليفيا دييجو باتشيكو بالانزا “إننا في حاجة إلى تمويل يمنحنا الموارد اللازمة لاتخاذ الخطوات اللازمة. التمويل الذي يقل كثيرا عن متطلباتنا يشكل إهانة وانتهاكا صارخا للعدالة والإنصاف المناخي”.

وأوضح “تمويل المناخ، كما ورد في هذا الاتفاق، يعمل على إخماد التعاون الدولي. لقد انتقلنا من عصر عدم ترك أي أحد خلفنا إلى عصر يترك لكل إنسان إنقاذ نفسه”.

ورغم الانتقادات فقد اعتبر وزير الطاقة البريطاني إيد ميليباند أن “هذا الاتفاق يمثل اتفاقا حاسما في اللحظة الأخيرة فيما يتصل بالمناخ. وهو ليس كل ما كنا نتمناه نحن أو غيرنا، ولكنه يشكل خطوة إلى الأمام بالنسبة لنا جميعاً”.

وقال في بيان “إن اتفاق اليوم (الأحد) يرسل إشارة مفادها أن التحول إلى الطاقة النظيفة لا يمكن إيقافه. إنها أكبر فرصة اقتصادية في القرن الحادي والعشرين ومن خلال دعمنا لها يمكننا المساعدة في حشد الاستثمارات الخاصة”.

التمويل يهدف إلى مساعدة الدول الأكثر فقرا على مواجهة آثار المناخ

لكن تينا ستيغ، مبعوثة جزر مارشال للمناخ قالت في بيان “جئنا بحسن نية، مع وضع سلامة مجتمعاتنا ورفاهية العالم في الاعتبار. ومع ذلك، فقد شهدنا أسوأ أشكال الانتهازية السياسية هنا في مؤتمر الأطراف هذا، حيث تلاعبنا بأرواح أكثر الناس ضعفا في العالم”.

وتابعت “عقدت مصالح الوقود الأحفوري العزم على عرقلة التقدم وتقويض الأهداف متعددة الأطراف التي عملنا على بنائها. ولا ينبغي لنا أن نسمح بحدوث هذا على الإطلاق”.

وأضافت “على الرغم من الحواجز، فقد ناضلنا بجد ونجحنا في تأمين شيء لمجتمعاتنا. ونحن نغادر الآن بجزء صغير من التمويل الذي تحتاجه البلدان المعرضة لخطر تغير المناخ بشكل عاجل.

وأكدت أن “هذا ليس كافيا، ولكنه بداية، وقد أوضحنا أن هذه الأموال لابد وأن تأتي مع عدد أقل من العقبات حتى تصل إلى أولئك الذين هم في أمس الحاجة إليها. كما رفضنا أولئك الذين سعوا إلى التراجع عن الاتفاقيات التي توصلنا إليها بشأن التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري”.

أما ممثل المملكة العربية السعودية متحدثا نيابة عن المجموعة العربية فقد شدد على أن “المجموعة العربية ترى… أننا بحاجة إلى مزيد من التأكيد على المبادئ الأساسية في جهود التخفيف كجزء من عملنا في إطار اتفاقية باريس واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ”.

وأوضح “تشمل هذه المبادئ المساواة والمسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة، فضلا عن الإصرار على أهمية أن تقود الدول النامية هذه الجهود على الصعيد العالمي.

ولفت إلى أن “هذا يتضمن أيضا الاعتراف بالمسارات المختلفة التي تعكس الظروف والقدرات المختلفة لكل دولة، فضلا عن أهمية احترام سيادة كل دولة، وكذلك الطموح في المساهمات المحددة على المستوى الوطني، والتي تشكل المحور والعمود الفقري لاتفاقية باريس، لأنها تعكس طموحات وتطلعات وظروف كل دولة”.

وأضاف “نحن بحاجة إلى تمكين البلدان من تحديد مساراتها الخاصة”.

وأعرب رئيس مفاوضي المجموعة الأفريقية علي محمد عن أسفه للالتزام المالي “الضعيف جدا والمتأخر جدا” بعد الاتفاق.

وقال محمد إن “الالتزام بحشد مزيد من التمويل بحلول عام 2035 ضعيف جدا ومتأخر جدا وغامض جدا لناحية تنفيذه”. وأضاف “نغادر باكو ونحن نعلم أننا أحرزنا تقدما في بعض المجالات، لكن ما حققناه بعيد عما كنا نأمله”.

ومن المزمع أن يحل الهدف الجديد محل تعهدات سابقة من الدول المتقدمة بتقديم تمويل مناخي بقيمة 100 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة بحلول عام 2020. وتم تحقيق الهدف في 2022 بعد عامين من موعده وينتهي سريانه في 2025.

وتطرقت القمة إلى جوهر النقاش حول المسؤولية المالية للدول الصناعية، التي تسبب استخدامها التاريخي للوقود الأحفوري في الجزء الأكبر من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، لتعويض الآخرين عن الأضرار المتزايدة الناجمة عن تغير المناخ.

كما كشفت القمة عن الانقسامات بين الحكومات الغنية المقيدة بموازنات محلية صارمة وبين الدول النامية، كما جعلت الإخفاقات السابقة في الوفاء بالتزامات التمويل المناخي الدول النامية متشككة في الوعود الجديدة.

وتسعى البلدان إلى الحصول على التمويل لتحقيق هدف اتفاقية باريس للمناخ المتمثل في الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل عصر الصناعة، وهو المعدل الذي قد يؤدي تجاوزه إلى آثار مناخية كارثية.

ومن المتوقع أن يشهد العالم ارتفاعا في درجات الحرارة يصل إلى 3.1 درجة مئوية بحلول نهاية هذا القرن، وفقا لتقرير فجوة الانبعاثات الصادر عن الأمم المتحدة لعام 2024، مع استمرار ارتفاع انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري واستخدام الوقود الأحفوري.

وطالبت الحكومات الأوروبية دولا أخرى بالانضمام إليها في المساهمة، بما في ذلك الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ودول الخليج الغنية بالنفط. ويشجع الاتفاق الدول النامية على تقديم مساهمات، لكنه لا يفرض عليها ذلك.

ويتضمن الاتفاق أيضا هدفا أوسع لجمع 1.3 تريليون دولار من تمويل المناخ سنويا بحلول عام 2035، وهو ما يشمل التمويل من جميع المصادر العامة والخاصة والذي يقول خبراء الاقتصاد إنه يعادل المبلغ المطلوب لمعالجة ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي.

واتفقت الدول مساء السبت أيضا على قواعد سوق عالمية لشراء وبيع أرصدة الكربون التي يقول المؤيدون إنها ستؤدي إلى استثمارات بمليارات الدولارات في مشروعات جديدة داعمة لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري.

Exit mobile version