تقريرخاص
صباح التاسع عشر من نوفمبر الجاري، وقفت “نجاة النجار” مديرة مدرسة ٧ يوليو للبنات أمام الطالبات في طابور الصباح ولوحت بإصبعها في لهجة تهديد واضحة ثم صاحت: (الي ما بتصرخش تأخذ ملفها وتنقلع من هنا) كانت اللهجة جديدة على الطالبات وغالبيتهن لم يصدقن ما سمعته آذانهن، همست إحدى الطالبات في أذن زميلتها: (أنا غير مصدقة، ما الذي غير الأستاذة نجاة إلى هذا الحد؟)، أجابتها صديقتها: (ربما كان الخوف على الراتب والوظيفة)، ولم تكمل كلامها حتى دوت “الصرخة” في أرجاء المدرسة.
ضغوط نفسية
حادثة ٧ يوليو ليست الوحيدة التي تظهر استغلال السلطة الانقلابية للمؤسسات التعليمية، فهناك نماذج أخرى كثيرة للتعسف والظلم الذي يتعرض له الطلاب في زمن الميلشيات التي تؤثر سلبًا على تحصيلهم الدراسي وحالتهم النفسية والمعنوية، واحدة من هذه الحالات المؤلمة هي قيام مديرة مدرسة “المنار” في محافظة صنعاء بفصل الطالبة “رغد جابر” بسبب رفضها ترديد الصرخة، وكذلك قيام مدير مدرسة “أحمد ياسين” بفصل طالب وتهديد الفصل بأكمله لذات السبب، وتغريم طالب آخر في الثانوية مبلغ ١٥٠ ألف ريال من قبل إدارة مدرسة “عمر المختار” بسبب قيامه بتمزيق شعار مطبوع للحوثيين في الحائط، وضرب الطالبة “هدى” ١٤ عاما، في مدرسة “سنان حطروم” بعصا غليظة لانتقادها زعيم الحوثيين أثناء الحصة وأحداث أخرى كثيرة، لذلك يقول مراقبون إن الطلاب في العشر سنوات الماضية تعرضوا مع أهاليهم لضغوط نفسية واجتماعية كبيرة، تسببت في عزوف كثير منهم عن الدراسة والالتحاق بسوق العمل مبكرا.
تحريف التعليم
وبخصوص آثار التعسف المدمرة، يقول الأخصائي الاجتماعي “لموقع الوعل اليمني” لطف العودري إن التعسف يؤدي إلى تراجع الثقة بالنفس والشعور بالإحباط والعزلة، وهو ما يمكن أن يترك آثارًا دائمة على حياة ومستقبل الطلاب، مضيفا: “في المناطق التي تسيطر عليها هذه الميليشيات، يتعرض النظام التعليمي لتحديات كبيرة تؤثر على جودة التعليم واستقراره، حيث يمكن أن تتعرض المؤسسات التعليمية للعديد من المشكلات، منها إجبار الطلاب على الولاء للميليشيات وتغيير المناهج الدراسية لتتماشى مع أيديولوجياتها”.
ويتابع العودري قائلا: “ومن تلك المشاكل أيضا ظاهرة تغيير المناهج حيث تقوم الميليشيات بفرض مناهج تعليمية تتماشى مع أيديولوجياتها، مما يؤدي إلى تحريف التعليم وتوجيهه نحو أهداف سياسية أو دينية معينة، ويتم تعليم الطلاب معلومات مشوهة أو غير صحيحة، مما يعوق قدرتهم على التفكير بشكل مستقل وتحليل الأمور بطريقة صحيحة” وأردف: “وكذلك تزايد ظاهرة تسرب الطلاب؛ لأن انعدام الأمان والضغوط النفسية يؤدي إلى زيادة معدلات التسرب المدرسي، حيث يفضل العديد من الطلاب البقاء في المنزل بدلاً من المخاطرة بالذهاب إلى المدرسة. هذا يؤثر على مستقبلهم ويقلل من فرصهم في الحصول على تعليم جيد، هذا إلى جانب بعض المشكلات الأخرى كالتجنيد القسري والتلقين الأيديولوجي، الذي يٌلقَّن فيه الطلاب أيديولوجيات الميليشيات وتعليمهم الولاء لها، مما يؤثر على تفكيرهم وقيمهم، وكذلك يتم تعليمهم أن الولاء للميليشيات هو السبيل الوحيد للبقاء والأمان.”