تنظر المحكمة العليا في لندن، بدءاً من اليوم الأربعاء، طعناً قضائياً حاسماً ضد قرار الحكومة البريطانية بحظر حركة “فلسطين أكشن” (Palestine Action) واعتبارها منظمة “إرهابية” بموجب قانون الإرهاب لعام 2000.
ويأتي هذا الطعن، الذي من المتوقع أن يستمر ثلاثة أيام، كأول مراجعة قضائية من نوعها في تاريخ بريطانيا ضد قرار حظر منظمة بموجب قوانين مكافحة الإرهاب بعد تصنيفها، مما يجعله اختباراً مفصلياً لتعريف الإرهاب وحق الاحتجاج في المملكة المتحدة.
تعد الحركة، التي تأسست في عام 2020، شبكة عمل مباشر مؤيدة للفلسطينيين، وتستهدف بشكل أساسي الشركات المرتبطة بالصناعات الدفاعية الإسرائيلية والبريطانية ذات الصلة بها، وتحديداً شركة “أنظمة إلبيط” الإسرائيلية. وارتكزت أعمالها على الاحتجاجات وأعمال العصيان المدني التي تتضمن إلحاق أضرار بالممتلكات، مثل رش الطلاء الأحمر على المباني وسد المداخل وإتلاف المعدات، وقد تصاعدت وتيرة أنشطتها بشكل ملحوظ بالتزامن مع الحرب الأخيرة على قطاع غزة.
وكان قرار الحكومة بحظر الحركة في يوليو الماضي قد جاء بعد سلسلة من الوقائع، بلغت ذروتها باقتحام قاعدة بريز نورتون الجوية التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني في يونيو وإلحاق أضرار بطائرتي تزويد بالوقود.
ترفع الدعوى القضائية ضد وزارة الداخلية هدى عموري، المؤسسة المشاركة لحركة “فلسطين أكشن”، والتي حصلت على إذن بالطعن القضائي بعد رفض الحكومة محاولتها منع ذلك.
ويتمحور الطعن القانوني على أربعة أسس رئيسية، أهمها أن قرار الحظر يمثل تدخلاً غير متناسب مع الحقوق المكفولة بموجب الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وتحديداً حق حرية التعبير والتجمع (المادتان 10 و11)، وأن أعمال إلحاق الضرر بالممتلكات لا ترقى إلى مستوى الإرهاب. كما يطعن محامو عموري في أن الحكومة أساءت استخدام قوانين مكافحة الإرهاب وأنها لم تستشر الحركة قبل اتخاذ قرار الحظر، واصفين القرار بأنه “إساءة استخدام استبدادية للسلطة”.
من جانبها، تدافع وزارة الداخلية عن قرارها بالقول إن “فلسطين أكشن” انخرطت في “حملة متصاعدة” أدت إلى أضرار متعمدة وكبيرة، بما في ذلك إلحاق الضرر بـ”البنية التحتية للأمن القومي” للمملكة المتحدة، بالإضافة إلى “الترهيب والعنف والإصابات الخطرة المزعومة” لأفراد.
ويضع قرار الحظر الحركة في نفس فئة منظمات مثل “تنظيم القاعدة” و”حزب الله” والجيش الجمهوري الأيرلندي، ويجعل الانتماء إليها أو التعبير عن الدعم لها جريمة تصل عقوبتها القصوى إلى السجن لمدة 14 عاماً.
أثار الحظر انتقادات واسعة من قبل منظمات حقوقية بريطانية ودولية؛ حيث تدخلت منظمتان رائدتان في مجال حقوق الإنسان في المملكة المتحدة، هما “ليبرتي” و”منظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة”، في الجلسة لدعم الطعن. وأكدت هذه المنظمات أن تعريف الإرهاب في القانون البريطاني “واسع للغاية” ويفتقر إلى التناسب، مشيرة إلى أن حظر مجموعة عمل مباشر مدنية يشكل “سابقة خطيرة” تهدد بتقويض الحق الأساسي في الاحتجاج وتستخدم قوانين مكافحة الإرهاب ضد النشطاء.
كما اعتبرت الأمم المتحدة القرار “غير متناسب”، وانتقده مجلس أوروبا معتبراً إياه تقييداً كبيراً لحرية التظاهر، محذراً من أن هذا الإجراء قد يؤدي إلى تجريم آلاف الأشخاص الذين عبروا عن دعمهم للحركة، حيث تشير التقارير إلى اعتقال أكثر من 2200 شخص منذ بدء سريان الحظر في يوليو. كما أثيرت مخاوف بشأن تغيير مفاجئ في تشكيل القضاة الذين ينظرون القضية، حيث تم استبدال القاضي الذي منح الإذن بالمراجعة القضائية بهيئة مكونة من ثلاثة قضاة آخرين في اللحظات الأخيرة.







