كشف تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، الأحد 03 مارس/آذار 2024، عن قصة معاناة مريرة يمر بها أكاديمي فلسطيني في بريطانيا، يدعى باسم أبو دقة، الذي يعيش في لندن، بينما زوجته وأبناؤه الصغار يعانون من مأساة الحرب والخوف والرعب والجوع، كما يعاني الآلاف في قطاع غزة؛ جراء حصار وجرائم الاحتلال المتواصلة، بينما فشلت كل محاولاته وجهوده في إقناع السلطات البريطانية بالتحرك من أجل إنقاذهم.
وأكد أبو دقة، أن شعور السعادة والفخر التي شعر بها قبل عامين، عندما حل في بريطانيا من أجل إتمام مساره الأكاديمي، تحول اليوم إلى حزن وأسى ومرارة من مصير عائلته، وعجزه عن إخراجهم من المأساة في غزة.
الانتقال إلى بريطانيا
عندما سمع باسم أبو دقة، في عام 2022 أنه حصل على منحة المجلس الثقافي البريطاني لدراسة الدكتوراه في بريطانيا، شعر بالابتهاج. ويتذكر قائلاً: “كنت فخوراً للغاية، هذا ما يأمله كل أكاديمي في فلسطين: الحصول على مؤهل من المملكة المتحدة”.
يقول أبو دقة: “شعرت بأنها نقطة تحول لمسيرتي ومستقبلي وعائلتي، من شأنها تحويل آفاقي المستقبلية إلى مكان مختلف تماماً”.
ومملوءاً بالتفاؤل، وصل أبو دقة، المحاضر في دراسات الأعمال في جامعة الأزهر في غزة، التي دمرها القصف الإسرائيلي منذ ذلك الحين، إلى المملكة المتحدة في شهر أكتوبر/تشرين الأول من ذلك العام إلى جامعة يورك سانت جون.
كان ندم أبو دقة الوحيد هو أنه سيضطر إلى العيش منفصلاً لفترات طويلة عن زوجته مريم وطفليه، كريم (4 أعوام)، وتاليا (9 أعوام). وبينما كان بإمكان الأسرة بأكملها التقدم بطلب للحصول على تأشيرات لمرافقة أبو دقة، أوضح المجلس الثقافي البريطاني أنه لا يمكنه سوى تغطية تكاليف معيشته وحده. وكانوا يعتقدون أنَّ مغادرة غزة ستكون مكلفة للغاية بالنسبة لهم جميعاً، لكنه سيكون أفضل على المدى الطويل.
مأساة أكاديمي فلسطيني في بريطانيا
وبعد مرور عام ونصف تقريباً، اختفى الفخر والإثارة اللذين شعر بهما أبو دقة منذ فترة طويلة، وحل محلهما اليأس. وتمنى لو أنه لم يذهب إلى بريطانيا قط. وقال لصحيفة The Oberver: “في البداية، كنت سعيداً جداً، لكنني الآن أشعر بالأسف لأنني لست مع عائلتي، وهم في مثل هذا الخطر”.
ولا تزال زوجته وطفلاه محاصرين في غزة، في خطر شديد ومستمر، ويعيشون في ظروف يائسة وتتفاقم سوءاً. وهو يتصل بهم كل يوم على خطوط الهاتف المتقطعة ليسمع آخر الأخبار المروعة عن نقص الغذاء والماء والمرض والقصف والدمار وفقدان الأصدقاء.
وإذا لم يكن ذلك مؤلماً بما فيه الكفاية، فإنَّ أبو دقة يواجه تحدياً آخر مختلفاً؛ يتمثل في مواجهة نفس سلطات المملكة المتحدة التي كانت حريصة جداً على الترحيب به هنا قبل عامين فقط، على أمل إقناعها بمساعدته في جلب عائلته إلى بر الأمان.
شروط بريطانيا “التعجيزية”
أخبرته السلطات مراراً وتكراراً أنه قبل البدء في إجراءات طلب التأشيرة، يجب أن تُؤخَذ بصمات أصابع زوجته في غزة وملء الطلبات اللازمة. لكن المشكلة الوحيدة، كما يقول أبو دقة، هي أنه لم يعد هناك أية مرافق لأخذ البصمات في غزة -إذ لا يوجد نظام اتصالات، ولا مساعدة، ولا بنية تحتية. لذلك، من المستحيل إكمال هذه المجموعة الأولى من المهام قبل التمكن من عبور الحدود إلى مصر لإكمال عملية التقديم على التأشيرة.
فيما علَّق أحد المصادر البريطانية: “هناك عائلات في المملكة المتحدة وأشخاص لديهم أقارب في المملكة المتحدة يخرجون من غزة. إذاً يمكنهم بالفعل إتمام ذلك. لذا عليك أن تتساءل عن مدى علاقة ما يحدث مع أبو دقة بعدم رغبة المملكة المتحدة في منح تأشيرات للفلسطينيين”.
منذ ذلك الحين، انتقلت مريم وطفلاها 5 مرات مع اشتداد الاعتداءات الإسرائيلية وانتشارها. ومنذ أسبوعين، أُصيب كريم بالمرض، وكان الصراع يائساً للعثور على الدواء.
تعيش مريم وتاليا وكريم حالياً داخل المستشفى الأوروبي في خان يونس، بالقرب من رفح، المدينة المُعرَّضة لخطر هجوم بري إسرائيلي وشيك. ويقول أبو دقة: “أُصيب ابني بالصدمة والاكتئاب بسبب صوت القصف الشامل. عندما كنت أتواصل معهم، كنت أسمع أصوات القصف في الخلفية طوال الوقت”.
وقالت النائبة ريبيكا لونج بيلي: “هذا وضع مروع ومُلِح. يجب على الحكومة إنشاء خطة طوارئ لإصدار تأشيرة لمّ شمل الأسرة للعائلات اليائسة المتضررة مما يحدث”.
المصدر: المصدر أونلاين + عربي بوست