شن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، الأحد، هجومًا جديدًا على المسؤولين الديمقراطيين في ولاية كاليفورنيا واتهمهم بعدم الكفاءة في إدارة الحرائق المستعرة في لوس أنجليس، في حين دعاه حاكم الولاية غافين نيوسوم إلى معاينة الجهود المبذولة بنفسه.
وكتب ترامب على شبكته للتواصل الاجتماعي “تروث سوشل”، أن “الحرائق لا تزال مشتعلة في لوس أنجليس. والسياسيون غير الأكفياء ليس لديهم أي فكرة عن كيفية إخمادها”.
وأضاف: “إنها واحدة من أسوأ الكوارث في تاريخ بلادنا. إنهم يعجزون ببساطة عن إخماد الحرائق. ماذا جرى لهم؟”، مشيراً إلى أن “الموت في كل مكان”. على الرغم من أنه من السابق لأوانه معرفة مصدر الحرائق، إلا أن انتقادات وجهت للسلطات على خلفية مدى استعدادها واستجابتها.
وفرغت خزانات مكافحة الحرائق في حي باسيفيك باليسايدس الراقي الذي طاولته واحدة من خمس حرائق غابات في المنطقة، كما عرقل نقص المياه الجهود في أماكن أخرى. وقالت نيكول بيري التي أتت النيران على منزلها في باسيفيك باليسايدس، في تصريح لوكالة فرانس برس، إن السلطات “تخلّت بالكامل” عن السكان.
قبل نحو أسبوع واحد من عودته إلى البيت الأبيض، يواصل ترامب انتقاد الديمقراطيين، وشن هجمات عدة دون أن يقدم أدلة على حاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم. ويدعو نيوسوم منذ أيام ترامب للتوجه إلى لوس أنجليس ومعاينة الأضرار والجهود المبذولة لإخماد الحرائق بنفسه.
وقال نيوسوم في مقابلة مع شبكة “أن بي سي” الأحد: “أنتظر بفارغ الصبر أن يأتي إلى هنا”، متحدثاً عن ترامب. ودعا ترامب حاكم كاليفورنيا إلى الاستقالة ونشر خلال الأسبوع معلومات كاذبة قائلاً إن كاليفورنيا تعاني من نقص المياه بسبب سياسات بيئية ينتهجها الديمقراطيون وتهدف إلى تحويل مياه الأمطار لحماية “أسماك عديمة الفائدة”.
وفي الواقع، إن معظم المياه التي تستخدمها مدينة لوس أنجليس تأتي من نهر كولورادو، ويستخدمها القطاع الزراعي في المقام الأول. وقال غافين نيوسوم الأحد: “لا أعتقد أن هذه المعلومات المضللة تساعدنا. الرد على إهانات دونالد ترامب التي اعتدت عليها سيستغرق مني شهورًا”.
وفيما تتزايد الانتقادات الموجهة للسلطات على خلفية حرائق لوس أنجليس ارتفعت حصيلة ضحايا الحرائق في لوس أنجليس إلى 24 قتيلاً في الأقل، بحسب ما أعلنت السلطات أمس الأحد. ونشر الطبيب الشرعي في مقاطعة لوس أنجليس لائحة بالضحايا، وهم ثمانية قضوا جراء حريق باسيفيك باليساديس و16 جراء حريق إيتون.
وفي وقت سابق توقع حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم ارتفاع عدد القتلى، وقال لشبكة “أن بي سي”، “أُرسلت فرق بحث وإنقاذ. نستخدم الكلاب المدربة على العثور على الجثث، ومن المرجح أن يرتفع عدد (القتلى)”.
من جانبها قالت مديرة الوكالة الاتحادية لإدارة الطوارئ في الولايات المتحدة ديان كريسويل أمس الأحد إن قوات الجيش الأميركي على أهبة الاستعداد للانتشار من أجل احتواء حرائق غابات تجتاح مدينة لوس أنجليس منذ الأسبوع الماضي. وأضافت كريسويل في مقابلة مع شبكة “أي بي سي” أن الوكالة لديها التمويل اللازم لدعم جهود التصدي لحرائق الغابات.
ولم تفلح جهود أفراد الإطفاء في السيطرة على حريق دمر مساحات شاسعة من منطقة باسيفيك باليساديس حتى الآن وسط مخاوف من امتداد رقعة النيران واشتداد الرياح في منطقة سان فرناندو فالي المكتظة بالسكان.
في ظل عمليات النهب التي تكثر في المناطق المنكوبة أو التي أخليت من سكانها، فرضت السلطات حظر تجول صارما يسري بين الساعة السادسة مساء والسادسة صباحا، في منطقتي باسيفيك باليسايدس وألتادينا الأكثر تضررا. ويتوقع أن تنجم من هذه الكارثة أضرار بقيمة عشرات مليارات الدولارات ويخشى خبراء أن تكون هذه الحرائق الأكثر كلفة التي تسجل حتى الآن.
وقال حاكم الولاية، الأحد، لقناة “أن بي سي”، إنه يريد إطلاق “خطة مارشال” لإعادة بناء كاليفورنيا، مضيفا “ما زلنا نكافح هذه الحرائق، لكننا نتحدث بالفعل إلى المسؤولين (…) وقادة الأعمال والمنظمات غير الحكومية”. وتتحرك السلطات أيضا لاحتواء الارتفاع الهائل في أسعار الإيجارات الذي يواجهه بعض النازحين. والسبت، ذكّر المدعي العام للولاية أن تضخيم الأسعار “يعاقَب عليه بالسجن لمدة عام وبغرامة قدرها عشرة آلاف دولار”.
ويواصل مسعفون يستعينون بكلاب مدربة تفقد الأنقاض بحثا عن جثث أو بقايا بشرية. وقال شريف مقاطعة لوس أنجليس روبرت لونا، السبت، إن التحقيق لتحديد أسباب هذه الحرائق يتواصل بمشاركة مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي)، وأكد قائلاً: “لن نهمل أي فرضية. إن كان الأمر يتعلق بعمل إجرامي، وأنا لا أقول ذلك، يجب أن نقبض على الشخص أو الأشخاص المسؤولين”.
الرياح التي تهب حالياً معروفة باسم “سانتا آنا” وهي مألوفة في فصلي الخريف والشتاء في كاليفورنيا، لكن خلال الأسبوع الحالي بلغت حدة غير مسبوقة منذ العام 2011، وفق ما أفاد خبراء بالأرصاد الجوية مع وصول سرعتها أحيانا إلى 160 كيلومترا في الساعة، وهي تحمل الجمر بسرعة في الأجواء على مسافة كيلومترات.
وتشكل هذه الرياح كابوسا للإطفائيين لأن كاليفورنيا عرفت سنتين ماطرتين جدا أدتا إلى إنعاش الغطاء النباتي الذي يبس حاليا بسبب الشتاء الجاف الذي تشهده المنطقة. ويشير علماء بانتظام إلى أن التغير المناخي يزيد تواتر الظواهر الجوية القصوى.