شهدت التوترات بين الولايات المتحدة وفنزويلا تصعيدًا غير مسبوق، حيث كثفت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضغوطها القصوى على حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، وذلك عبر سلسلة من الإجراءات العقابية المباشرة التي تستهدف شريان الحياة الاقتصادي لفنزويلا، وهو قطاع النفط.
وتصدرت هذه الإجراءات إعلان وزارة العدل الأمريكية، مساء الأربعاء، عن عملية الاستيلاء على ناقلة نفط قبالة السواحل الفنزويلية، ويُعتقد أن الناقلة تحمل كميات كبيرة من الخام الفنزويلي المخصص للتصدير، في خطوة تمثل سابقة في تطبيق العقوبات الأمريكية الثانوية.
وتأتي هذه العملية ضمن جهود واشنطن لتجفيف مصادر التمويل عن نظام مادورو الذي تعتبره الإدارة الأمريكية غير شرعي.
لم تقتصر الضغوط على الاستيلاء على الناقلة الواحدة، بل امتدت لتشمل تهديدات مباشرة ومشددة تستهدف أسطولًا كاملاً من ناقلات النفط المتعاملة مع كاراكاس.
فقد أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، عبر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC)، عن إدراج أكثر من 30 ناقلة نفط إضافية ضمن القائمة السوداء للعقوبات، ووجهت تحذيرات صارمة للشركات والمؤسسات المالية الدولية من مغبة التعامل مع هذه الناقلات أو تسهيل عملياتها.
وتضمنت القائمة الجديدة ناقلات تابعة لشركات من دول مختلفة، لكنها جميعاً متورطة في نقل أو محاولة نقل النفط الفنزويلي في تحدٍ للعقوبات الأمريكية السابقة.
وتهدف هذه التهديدات إلى إحداث شلل شبه كامل في قدرة فنزويلا على تصدير نفطها، الذي يمثل أكثر من 90% من إيراداتها بالعملة الصعبة.
تستند استراتيجية ترمب التصعيدية إلى ضرورة تغيير النظام في كاراكاس، حيث اعتبرت الإدارة أن “الصبر قد نفد” وأن العقوبات الحالية لم تحقق الهدف المرجو منها بالسرعة الكافية.
ويأتي هذا التصعيد في سياق تقارير إعلامية تشير إلى أن الرئيس ترمب لا يزال يحافظ على خيار “التدخل البري” ضد فنزويلا ضمن أجندته، رغم التحفظات التي يبديها بعض مستشاريه بشأن التعقيدات اللوجستية والسياسية لمثل هذه الخطوة.
وبحسب تصريحات أدلى بها مسؤولون في البيت الأبيض، فإن الإجراءات العقابية الأخيرة تمثل “الخطوة الأخيرة” قبل اللجوء إلى “خيارات أكثر صرامة” لم تحدد طبيعتها بدقة. وتجدر الإشارة إلى أن إدارة ترمب تعترف بزعيم المعارضة خوان غوايدو كرئيس شرعي للبلاد وتطالب مادورو بالتنحي.
على الصعيد الفنزويلي، نددت حكومة مادورو بشدة بما وصفته بـ”القرصنة الدولية” و”العدوان الاقتصادي”، حيث أصدرت وزارة الخارجية الفنزويلية بياناً أكدت فيه أن الاستيلاء على الناقلة يمثل انتهاكاً سافراً للقانون الدولي وحرية الملاحة، مشيرة إلى أن التهديدات الأمريكية على قطاع النفط هي “حرب إبادة اقتصادية” تستهدف الشعب الفنزويلي بشكل مباشر.
وفي المقابل، أعلنت شركة النفط الوطنية الفنزويلية (PDVSA) أنها ستتخذ جميع الإجراءات القانونية المتاحة لمقاضاة الشركات والأفراد المتورطين في الاستيلاء على الناقلة وحماية أصولها في الخارج، مؤكدة أنها ستواصل عملياتها في ظل الظروف الصعبة التي فرضتها العقوبات الأمريكية.







