حرب الوردتين (الحمراء والبيضاء).. الحرب الأهلية التي غيّرتْ إنجلترا إلى الأبد
حرب الوردتين هي سلسلة من الحروب الأهلية في التاريخ الإنجليزي والتي استمرت ما بين عامي 1455 و 8514 حتى أوصلت أعمال العنف والنزاعات الأهلية فيها آل تيودور الجدد في النهية لحكم انجلترا. وقعت الحرب بين آل لانكستر وآل يورك بغية اعتلاء العرش الإنجليزي، وقد حصلت هذه الحروب على اسمها بعد سنوات عديدة من وقوعها نسبةً لشارات للأطراف المتنافسة: الوردة البيضاء لعائلة يورك والوردة الحمراء لآل لانكستر.. إليكم سرداً لمجريات تلك الحقبة الزمنية:
هنري السادس
في عام 1422 خلف (هنري السادس)، المنتمي لأسرة لانكستر، والده (هنري الخامس) وأصبح ملك إنجلترا في عمر تسعة أشهر فقط، وبفضل الفتوحات العسكرية التي قادها والده، أصبح (هنري السادس) أيضًا ملك لفرنسا تحت اسم (هنري الثاني). في عام 1445 تزوج (هنري السادس) من (مارجريت أنجو)، وهي سيدة فرنسية نبيلة ذات عزيمة قوية طغى طموحها وحماسها السياسي على زوجها.
لم يجرِ كل شيء بشكل جيد في فترة حكم الملك (هنري)، إذ لم يكن لديه إلا القليل من الاهتمام بالسياسة وكان حاكمًا ضعيف الشخصية بشكل عام. وقد أدى هذا إلى إشاعة الفوضى في جميع أنحاء بلاده وفتح الباب أمام النبلاء المتعطشين للسلطة وصانعي الملوك للتخطيط من وراء ظهره للإطاحة به.
أدى افتقار (هنري) للشخصية القيادية إلى خسارة جميع ممتلكاته تقريبًا في فرنسا. هذا وفساد وسوء إدارة السلطة في إنجلترا ناهيك عن فرض ضرائب مرتفعة تسببت في ثورة أصحاب العقارات والفلاحين من مقاطعة كنت جنوب شرق إنجلترا في عام 1450. بقيادة (جاك كيد)، ساروا في لندن وقدموا إلى هنري قائمة من المطالب المعروفة باسم ”شكوى فقراء كنت“.
لم يوافق (هنري) أبدًا على مطالب (كيد) بشكل رسمي، وكان أحدها استدعاء (ريتشارد)، دوق يورك وحفيد الملك (إدوارد الثالث)، من أيرلندا إلى إنجلترا، وهو الذي كان لديه مطالب قوية بالعرش الإنجليزي.
بعد سلسلة من المناوشات، سحق (هنري) تمرد (كيد) وعفا عن المتمردين، باستثناء (جاك كيد) نفسه الذي مات فيما بعد متأثرا بجراحه أثناء اعتقاله. لقد اعتقد (هنري) أن (ريتشارد) دوق يورك كان وراء تمرد (كيد)، على الرغم من وجود أدلة ضعيفة على تورط دوق يورك. مهد هذا التنافس المسرح لـ 30 عامًا من المعارك على السلطة التي شاركت فيها ثلاثة أجيال من أبناء عائلتي يورك ولانكستر.
ريتشارد يورك
أدى افتقار (هنري) للشخصية القيادية إلى خسارة جميع ممتلكاته تقريبًا في فرنسا. هذا وفساد وسوء إدارة السلطة في إنجلترا ناهيك عن فرض ضرائب مرتفعة تسببت في ثورة أصحاب العقارات والفلاحين من مقاطعة كنت جنوب شرق إنجلترا في عام 1450. بقيادة (جاك كيد)، ساروا في لندن وقدموا إلى هنري قائمة من المطالب المعروفة باسم ”شكوى فقراء كنت“.
لم يوافق (هنري) أبدًا على مطالب (كيد) بشكل رسمي، وكان أحدها استدعاء (ريتشارد)، دوق يورك وحفيد الملك (إدوارد الثالث)، من أيرلندا إلى إنجلترا، وهو الذي كان لديه مطالب قوية بالعرش الإنجليزي.
بعد سلسلة من المناوشات، سحق (هنري) تمرد (كيد) وعفا عن المتمردين، باستثناء (جاك كيد) نفسه الذي مات فيما بعد متأثرا بجراحه أثناء اعتقاله. لقد اعتقد (هنري) أن (ريتشارد) دوق يورك كان وراء تمرد (كيد)، على الرغم من وجود أدلة ضعيفة على تورط دوق يورك. مهد هذا التنافس المسرح لـ 30 عامًا من المعارك على السلطة التي شاركت فيها ثلاثة أجيال من أبناء عائلتي يورك ولانكستر.
جنون الملك (هنري السادس)
بحلول عام 1452 كان (ريتشارد) قد عاد إلى إنجلترا وقرر أن مهمته في الحياة تتمثل في تخليص (هنري) من مستشاريه الفاسدين، خاصة (إدموند بوفورت)، دوق (سَمرست)، فقام بجمع جيش وسار في لندن معلنًا عدم رغبته التعرض لـ (هنري)، لكنه يريد اجباره على إزالة دوق سمرست من منصبه. ظل الدوق على موقفه وحملته حتى استسلم (هنري) لأول نوبة من الجنون في عام 1454 تاركًة إياه مختلًا وغير قادر على الحكم.
أثناء مرض (هنري)، أصبح (ريتشارد) اللورد الحامي لإنجلترا وسجن دوق سمرست في برج لندن، ومع ذلك كان هذا انتصارًا مريرًا، فقد أنجبت الملكة (مارغريت) ابن (هنري) الوحيد، (إدوارد لانكستر) في عام 1453، ما أضعف مطالبة (ريتشارد) بالعرش. في شباط 1455 تعافى (هنري) من نوبة الجنون التي مرّ بها فجأة كما أصابته، فتم إقصاء (ريتشارد) ووزرائه وإعادة دوق سمرست.
سانت ألبانز
في 22 آيار 1455 انطلق (ريتشارد يورك) إلى جانب إيرل وارويك (ريتشارد نيفيل)، بحملة ضد (هنري) في مدينة سانت ألبانز جنوب هيرتفوردشاير. بعد مفاوضات فاشلة اندلعت المعركة الوجيزة، ولكن الوحشية، في شوارع المدينة لينجم عنها مقتل دوق سمرست وجرح (هنري) وأسره من طرف آل يورك ليصبح (ريتشارد) اللورد الحامي مرة أخرى. غادرت الملكة (مارغريت) وابنها الصغير البلاد خشيًة على حياتهما إلى المنفى.
معركة بلور هيث
في الوقت الذي أطبق فيه (ريتشارد) قبضة هشة على إنجلترا، عملت (مارغريت) خلف الكواليس لإعادة (هنري) إلى العرش والاحتفاظ بمكانة ابنها باعتباره وريثه الشرعي الوحيد. خوفًا من أن أيامه باتت معدودة، شكّل (ريتشارد) جيشًا بقيادة اللورد (سالزبوري) لحمايته. التقى جيش (سالزبوري) بجيش (مارغريت) الكبير والمجهز جيدًا بقيادة اللورد (أودلي) في بلور هيث في 23 أيلول 1459 في مقاطعة ستافوردشاير. على الرغم من أن عددهم كان نصف تعداد جيش الخصم، إلا أن آل (يورك) هزموا آل (لانكستر).
معركتا لودفورد بريدج ونورثهامبتون
لم تكن معركة لودفورد بريدج معركة أسلحة بقدر ما كانت معركة إرادة وتصميم. فبحلول خريف عام 1459 حشد (هنري) وملكته مرة أخرى جيشًا كبيرًا انضم إليه العديد من الفارين من حكم آل (يورك). اجتمعت قوات (ريتشارد يورك) و(سالزبوري) وإيرل وارويك في (لودلو بريدج) بالقرب من لودفورد في مقاطعة شروبشاير للوقوف ضد (هنري) ورجاله. في ليلة 12 تشرين الأول انشق العديد من آل (يورك) وهرب قادتهم، حتى أن (ريتشارد) نفسه فرّ إلى أيرلندا.
لكن (ريتشارد) وأنصاره لم ينتهوا من مضايقة (هنري) و(مارغريت). في حزيران من عام 1460 دخل وإيرل ارويك حليف ريتشارد لندن برفقة الآلاف من رجاله. بينما تقدموا على جيش (هنري) في بلدة نورثهامبتون، بدا النصر غير مرجح. لكن، وبدون علم (هنري)، كان أحد قادته اللانكستريين خائنًا وسمح لرجال إيرل وارويك بالوصول إلى معقل (هنري). ربح آل (يورك) المعركة بسهولة وقبضوا على الملك (هنري) بينما فرت (مارغريت) مرة أخرى.
معركة ويكفيلد
مع وجود (هنري) تحت سيطرته، أعلن (ريتشارد) نفسه وورثته خلفاء الملك (هنري)، وقد وافق (هنري) طالما احتفظ بالتاج حتى وفاته. وبالفعل وافق البرلمان البريطاني على ذلك وهو ما سُمي قانون الوفاق. ومع ذلك فإن الملكة (مارغريت) الطموحة لم تكن موافقة على شيء من هذه التسوية، فجمعت جيشًا آخر للوقوف ضد آل (يورك).
انطلق (ريتشارد) مع قواته لهزيمة جيش (مارغريت) وتسوية مسألة الخلافة مرة واحدة وإلى الأبد، اشتبكت الجيوش في (ويكفيلد) جرين بالقرب من قلعة (سندل). لكن الأمور لم تجرِ كما خطط (ريتشارد)، فقد قتل وتم تثبيت رأسه المقطوع وهو يرتدي تاجاً من ورق.
معركة تاوتون
خلف (إدوارد) نجل (ريتشارد)، إيرل مارس، والده وتابع حيث توقف أبوه المقتول ضد آل (لانكستر). في منتصف شتاء عام 1461، هزمت قواته آل (لانكستر) في معركة معبر مورتيمر، غير أنه بعد أسابيع قليلة، سُحقت جيوشهم من قبل آل (لانكستر) في معركة سانت ألبانز الثانية. أُنقذ الملك (هنري) في تلك المعركة ولُمّ شمله مع الملكة، لكن (إدوارد) لن يستسلم.
في آذار من عام 1461، واجه (إدوارد) جيش (لانكستر) في عاصفة ثلجية في وسط حقل بالقرب من توتون شمال يوركشاير. يُعتقد أن أكثر من 50,000 رجل شاركوا في قتال وحشي قتل فيه معظمهم، فكانت معركة تاوتون أكثر معارك اليوم الواحد دموية في تاريخ إنجلترا، حيث خرج آل (يورك) منتصرين وهرب (هنري) و(مارغريت) وابنهما إلى اسكتلندا تاركين (إدوارد) ملك إنجلترا.
تغير مُلّاك السلطة مراراً وتكراراً
ربما يكون (إدوارد الرابع) قد كسب العرش، لكنه قلل من شأن شبح الملكة (مارغريت) المخلوعة وطموحها. فبمساعدة مواطنيها في فرنسا، نجحت في طرد (إدوارد) وأعادت زوجها إلى العرش في تشرين الأول 1470.
هرب (إدوارد) واختبأ، لكنه لم ينسَ هزيمته، فحشد جيشًا وفاز بانتصارات عدة في معركة بارنيت ومعركة تيوكسبوري. هناك قُتل ابن (هنري) و(مارغريت) الوحيد وتم القبض على الزوجين الملكيين واحتُجزا في برج لندن، وبذلك عاد عرش إنجلترا إلى (إدوارد).
في 21 آيار 1471 توفي الملك المخلوع (هنري السادس) بسبب الحزن، على الرغم من أن بعض المؤرخين يعتقدون أن (إدوارد) قتله. تم إطلاق سراح الملكة (مارغريت) في النهاية وعادت إلى أنجو في فرنسا حيث توفيت في عام 1482.
أمراء في البرج
توفي الملك (إدوارد الرابع) في عام 1483 وخلفه ابنه الصغير (إدوارد الخامس). بيد أن (ريتشارد الثالث)، الشقيق الطموح لـ (إدوارد الرابع) والذي أصبح لورد حامي ابن أخيه (إدوارد) لحين بلوغه، تآمر لإعلان (إدوارد الخامس) وشقيقه الأصغر غير شرعيين وغير مستحقين للعرش.
نجح (ريتشارد) المتعطش للسلطة في مؤامرته وتُوّج في تموز 1483. وللقضاء على أي تهديدات تواجه عرشه، احتجز (ريتشارد) الثالث أبناء أخيه الصغار في برج لندن، بحجة حمايتهم. عندما اختفى الصبيان–-المعروفان الآن باسم «أمراء في البرج» –اتُهم (ريتشارد) بأنه أمر بقتلهما، ما أدى لفقدانه رضا شعبه سريعًا.
أسرة (تيودور)
عندما أصبح حق (ريتشارد) في العرش ضعيفًا، راهن (هنري تيودور) من آل (لانكستر) –بمساعدة فرنسا والعديد من النبلاء– على التاج. التقى (ريتشارد) بـ (هنري) في ساحة المعركة في بوسورث في 22 آب 1485، ليقُتل (ريتشارد الثالث) بعد القتال ببسالة. تقول الأسطورة أن تاجه وُضع على رأس (هنري) في المكان الذي سقط فيه (ريتشارد)، هنالك أُعلن (هنري تيودور) الملك (هنري السابع) لإنجلترا.
بعد تتويجه الرسمي، تزوج (هنري) من (إليزابيث) من آل (يورك) للتوفيق بين عائلتي (لانكستر) و(يورك) وحل الخلاف الذي طال أمده. هذا الاتحاد أنهى حروب الورود وأنشأ سلالة (تيودور) التي حكمت انجلترا حتى وفاة الملكة (إليزابيث الأولى).
كان هذا سردًا عامًا لمجريات الحرب التي غيرت التاريخ البريطاني، لكن إليكم 8 حقائق أكثر تفصيلًا عن هذه الحرب:
1. ينحدر كل من آل (يورك) و(لانكستر) من نفس العائلة
تعود عائلتي (يورك) و(لانكستر) في نسبهما إلى أبناء (إدوارد الثالث) من عائلة (بلانتاجنيت)، والذي حكم كملك لإنجلترا من عام 1327 حتى عام 1377. حيث انحدرت عائلة (يورك) من الأقارب الإناث من أبناء (إدوارد) الثاني والرابع، في حين أن عائلة (لانكستر) كانت من طرف الابن الثالث لـ (إدوارد)، وهو (جون غاونت). ضمنت هذه الشجرة العائلية المعقدة أن لكلتا العائلتين حق مشروع في العرش بسبب نسبهما الملكي، إلا أنه ومع اندلاع حرب الوردتين لأول مرة، كانت عائلة (لانكستر) متربعة على العرش منذ عام 1399، عندما سلب (هنري الرابع) السلطة من ابن عمه (ريتشارد الثاني).
2. ساعدت تداعيات حرب المائة عام على إشعال فتيل الحرب الجديدة
لم تكن حرب الوردتين لتحدث أبداً لولا الوضع الضعيف للسياسة الإنجليزية في خمسينيات القرن الخامس عشر، حيث كانت البلاد لا تزال تعاني من هزيمتها في المرحلة الأخيرة من حرب المائة عام مع فرنسا، تلك الحرب التي استنزفت الخزائن الملكية ومزّقت طبقة النبلاء وأعادت جحافلاً من الجنود العاطلين عن العمل إلى الريف. كما تفاقمت الحالة المزرية بسبب الحكم الضعيف وغير الحكيم لملك آل (لانكستر) (هنري السادس) الذي عانى من مرض عقلي غالبًا، ما جعله معلول الحركة، فأصبح (ريتشارد) دوق (يورك) حاميًا للبلاد خلال إحدى نوبات (هنري السادس)، وكان مترددًا في الاستقالة حتى بعد تعافي الملك. في نهاية المطاف، أدى السعي والتنافس على السلطة إلى المعركة الأولى لسانت ألبانز عام 1455، أول مواجهة مسلحة بين جيوش (يورك) و(لانكستر).
3. لم تكن الورود الرمز الوحيد للطرفين
تأخذ حرب الوردتين اسمها من لون الورود التي يُفترض أن كل منزل استخدمها كشعار له، اللون الأحمر بالنسبة إلى (لانكستر) والأبيض بالنسبة إلى (يورك). رمت هذه المغالطة جذورها بعد أن كتب (ويليام شكسبير) وآخرون عنها، لكن معظم المؤرخين الحديثين يؤكدون أنه لم يتم تعريف أي من الجانبين فقط برمز الزهرة. كانت الوردة البيضاء مجرد واحدة من بين العديد من الشارات التي استخدمها سكان (يورك)، ومن المرجح أن الوردة الحمراء لآل (لانكستر) لم يتم تبنيها كشعار لها حتى ثمانينيات القرن التاسع عشر، عندما انتهى النزاع تقريبًا. كما أنه لم يتم صياغة اسم “حرب الوردتين” حتى القرن التاسع عشر.
4. كانت الملكة (مارغريت أنجو) أكثر الاستراتيجيين مهارة في عائلة (لانكستر)
على الرغم من أن آل (لانكستر) كانوا تابعين اسمياً للملك (هنري السادس)، إلا أن حالته الصحية التي مر بها لغت دوره كلاعب رئيسي في حرب الوردتين. كان القائد الفعلي لفصيل (لانكستر) بدلاً من ذلك هو الملكة الجميلة والماكرة (مارغريت أنجو)، فهي التي أقامت العديد من تحالفات العائلة وكانت المسؤولة عن إنشاء الجيش الذي قتل (ريتشارد يورك) وحرر (هنري السادس) من الأسر.
حتى بعدما أُجبرت في وقت لاحق على العودة لفرنسا بعد طرد العائلة من السلطة، استمرت في التآمر وساعدت في النهاية على تنظيم غزو إنجلترا عام 1470، الأمر الذي أعاد زوجها لفترة قصيرة إلى العرش. لم تُظهِر الملكة (مارغريت) رحمة كبيرة لخصومها الذين اعتبرتهم خونة، فبقدر ما كانت جميلة كانت وحشية. في إحدى قصصها الشهيرة سمحت لابنها البالغ من العمر 7 سنوات باختيار طريقة إعدام اثنين من أهل (يورك) الأسرى، والتزمت بالطريقة عندما أصدر الولد قرارًا بـ ”قطع رؤوسهم“.
5. تضمنت الحروب واحدة من أكثر المعارك التي خيضت على الأراضي الإنجليزية دموية
على الرغم من استمرارها لأكثر من 30 عامًا، فإن حرب الوردتين لم تشهد إلا بضعة أشهر من القتال الفعلي وأقل من 20 معركة مهمة. أكثرها بشاعةً حدثت في شهر آذار من عام 1461 عندما تقابلت قوات (يورك) التابعة لـ (إدوارد الرابع) مع قوات (مارغريت أنجو) بالقرب من قرية تاوتون. شارك في تلك المعركة التي خيضت وسط عاصفة ثلجية هوجاء ما قد يصل إلى 80.000 رجل، بعد أن بدأ الجانبان بتبادل إطلاق السهام بغزارة قبل الاشتباك في قتال عنيف.
استمر القتال لمدة 10 ساعات مرهقة، وقد ادعى المؤرخون المعاصرون أن نهرًا قريبًا من المكان استحال أحمرًا لكثرة الدماء، لكن أهل (يورك) هزموا في نهاية المطاف آل (لانكستر)، مما سمح لـ (إدوارد الرابع) بإحكام قبضته على العرش. في حين تختلف تقديرات الخسائر في معركة تاوتون، إلا أنه من المرج أنها قد أودت بحياة ما يصل إلى 40.000، أكثر من أي معركة خاضتها بريطانيا.
6. غيرت العديد من الشخصيات المهمة ولاءها على مدار النزاع
تفشت الخيانات بكثرة أثناء حرب الوردتين، والعديد من المعارك الرئيسية وقعت بعد وقوع أعمال خيانة في أحد الطرفين. جاء الانشقاق الأكثر استثنائية في عام 1470 على يد إيرل وارويك، أحد النبلاء المشهورين ورجل سلطة معروف باسم ”صانع الملوك“. كان الإيرل في الأصل مؤيدًا قويًا لـ (ريتشارد) دوق (يورك)، وساعد في إيصال نجل الدوق (إدوارد الرابع) إلى العرش. ولكن بعد أن سقط الملك والإيرل، انضم الأخير إلى شقيق (إدوارد)، دوق كلارينس، في قيادة تمرد ضده.
فشل الانقلاب الأخير، لذلك فرّ الإيرل والدوق إلى فرنسا حيث تعاونا مع عدوهما السابق ملكة آل (لانكستر) المنفية (مارغريت أنجو). لقد نجح هؤلاء الحلفاء غير المرجحين في إزاحة الملك (إدوارد) لفترة وجيزة خلال غزوهم لإنجلترا، لكن انتصارهم تحول إلى هزيمة بعد انشقاق الدوق مرة أخرى ما أدى لمقتل الإيرل في المعركة، وتم القبض على (مارغريت أنجو) فيما بعد وقتل (هنري السادس) وابنه، تاركين منزلة عائلة (لانكستر) في حالة خراب.
7. أدت الحروب إلى واحدة من أكثر حالات الاختفاء حيرة في التاريخ البريطاني
بعد وفاة ملك آل (يورك) (إدوارد الرابع) في عام 1483 انتقل التاج إلى ابنه الأكبر (إدوارد الخامس)، لكن نظرًا لأن عمر (إدوارد) الابن يبلغ من العمر 12 عامًا فقط، أصبح عمه (ريتشارد) دوق غلوسيستر حاميًا حتى يبلغ الرشد. تم إرسال (إدوارد) وشقيقه الأصغر (ريتشارد) للعيش في برج لندن، لكنهما تحولا من ضيوف شرف إلى سجناء بعد أن قام عمهما وحلفاؤه بإبطال شرعية زواج والدهما المتوفى وأعلنوا أنهما أبناء غير شرعيين أو مؤهلين للعرش.
اغتصب الدوق العرش وتوج باسم الملك (ريتشارد الثالث) بعد ذلك بفترة قصيرة واختفى الأمراء في البرج بدون أثر. تم العثور في وقت لاحق على هياكل عظمية لزوج من الأطفال تحت أحد سلالم البرج في عام 1674، مما دفع العديد من المؤرخين إلى استنتاج أن (ريتشارد الثالث) قد قتل الصبيان، ومع ذلك لم يتم الجزم بهوية أصحاب الرفات، ويبقى مصير الأمراء الحقيقيين لغزًا.
8. وصلت الحروب إلى ذروتها في معركة بوسورث فيلد عام 1485
استنزفت سلطة (ريتشارد الثالث) قوة حلفائه اليوركيين، الذين توافد بعضهم في نهاية المطاف للانضمام لراية (هنري تيودور)، أحد النبلاء المنفيين والأقارب البعيدين من عائلة (لانكستر) الذين ادعوا احقيتهم بالعرش. حطّ (تيودور) رحاله في إنجلترا عام 1485 وحشد أنصاره، وفي 22 آب واجه (ريتشارد الثالث) في معركة بوسورث فيلد. انتهى الاشتباك بانتصار (تيودور) الحاسم وقتل (ريتشارد الثالث) خلال القتال بضربة شديدة على الرأس.
توّج (تيودور) على الفور باسم الملك (هنري السابع) وأنشأ سلالة (تيودور) الجديدة التي ازدهرت حتى أوائل القرن السابع عشر، ذلك بعدما عمل على توحيد عائلتي (يورك) و(لانكستر) مرة واحدة وإلى الأبد من خلال الزواج من (إليزابيث يورك)، ابنة (إدوارد الرابع). وكرمز إلى نهاية الحرب، تبنى أيضًا شعار «وردة تيودور» الجديد الذي ضم كلاً من اللونين الأبيض والأحمر في وردة واحدة.