تشهد الأجواء الدبلوماسية حول الحرب في أوكرانيا حديثاً مكثفاً عن مقترحات لوقف إطلاق النار، لكن التباين الكبير بين شروط الأطراف المتحاربة والوسطاء الرئيسيين لا يزال يعقد إمكانية تحقيق تقدم ملموس. وقد تزايدت وتيرة هذه المقترحات مؤخراً، مدفوعة بضغوط دولية متصاعدة لوقف نزيف الأرواح وتداعيات الصراع الاقتصادية العالمية.
في الأيام الأخيرة، تصدر المشهد مقترح أمريكي جديد، والذي كشفت مصادر أوكرانية وأوروبية عن تفاصيله الأساسية. المقترح، الذي قيل إنه صيغ بواسطة مبعوثين أمريكيين خاصين، يهدف إلى “تجميد الصراع” عند خطوط التماس الحالية، وهو ما يعني عملياً مطالبة أوكرانيا بالاعتراف بالسيطرة الروسية على شبه جزيرة القرم والمناطق الأربع التي ضمتها روسيا في سبتمبر 2022، ولو مؤقتاً كجزء من عملية سلام شاملة.
وبحسب تقارير لوكالة رويترز و إن بي سي نيوز، يطالب المقترح أيضاً بتقليص حجم القوات المسلحة الأوكرانية والتخلي عن الأسلحة الهجومية بعيدة المدى.
ويواجه هذا المقترح معارضة شديدة من كييف التي تصر على أن أي وقف لإطلاق النار يجب أن يعتمد على مبدأ استعادة كامل وحدة الأراضي الأوكرانية، مشددة على أن “تجميد الصراع” لن يخدم سوى مصالح موسكو.
على الجانب الروسي، لم تتغير المطالب الأساسية لموسكو المعلنة بشكل كبير. فقد أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مراراً أن روسيا مستعدة للمفاوضات “في أي وقت”، لكنها تصر على أن تكون هذه المفاوضات قائمة على “الواقع الجديد على الأرض”، في إشارة واضحة إلى الاعتراف الدولي بالسيطرة الروسية على الأراضي التي ضمتها.
وبحسب تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الروسية تاس، فإن موسكو ترفض أي انسحاب مسبق للقوات الروسية من الأراضي الأوكرانية كشرط لبدء المفاوضات، وتعتبر أن وقف إطلاق النار يجب أن يكون جزءاً من اتفاق شامل يضمن أيضاً “حياد أوكرانيا ونزع سلاحها” وعدم انضمامها إلى حلف الناتو، وهي الشروط التي ترفضها كييف وحلفاؤها الغربيون باعتبارها تدخلاً في سيادة دولة مستقلة.
من جهة أوروبا، فإن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، وعلى رأسها ألمانيا وفرنسا، عبرت عن تحفظها الشديد على المقترح الأمريكي بمسودة نوفمبر 2025.
وأشارت تقارير في صحيفة فايننشال تايمز إلى أن القلق الأوروبي يرتكز على نقطتين: أولاً، أن الخطة الأمريكية لم تُصَغ بالتنسيق الكافي مع أوكرانيا والدول الأوروبية التي تتحمل العبء الأمني الأكبر في القارة، وثانياً، أن قبول وقف إطلاق النار بناءً على خطوط التماس الحالية يمثل سابقة خطيرة في القانون الدولي ويشجع على تغيير الحدود بالقوة.
ويشدد الموقف الأوروبي على أن أي مبادرة سلام يجب أن تكون “أوكرانية الجوهر” وأن تضمن الأمن الأوروبي طويل الأمد، داعين إلى إشراكهم بشكل كامل في أي مفاوضات مستقبلية.
وفيما يتعلق بالمبادرات الأخرى، لا تزال الصين تحافظ على خطتها المكونة من 12 نقطة، والتي تدعو بشكل عام إلى وقف فوري لإطلاق النار واستئناف المفاوضات، لكنها لم تقدم تفاصيل واضحة حول كيفية التعامل مع قضية الأراضي المحتلة.
وتظل جهود الوساطة التركية قائمة، حيث حاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لعب دور الوسيط، إلا أن هذه الجهود لم تسفر حتى الآن عن اختراق حقيقي، مع بقاء كل طرف متمسكاً بشروطه الأساسية لوقف إطلاق النار الذي يخدم مصالحه.
وبذلك، يظل الطريق إلى وقف حقيقي لإطلاق النار محفوفاً بالعقبات، حيث تتطلب أي تسوية قبولاً دولياً واسعاً لمبدأ ما إذا كان السلام سيتحقق باستعادة الحدود المعترف بها دولياً، أم بتجميد الصراع على حساب التنازلات الإقليمية.

تسريبات خطة ترامب للسلام تضع أوكرانيا أمام خيار التنازل عن دونباس مقابل ضمانات أمريكية
موقع إلكتروني يدعو إلى قتل علماء إسرائيليين مقابل مكافآت ضخمة
غارات إسرائيلية تخلف شهداء في غزة واقتحامات متواصلة في الضفة الغربية
واشنطن تعلن بدء العمل على هدنة إنسانية في السودان