
رام الله – الوعل اليمني
كشفت الحملة الأكاديمية الدولية لمناهضة الاحتلال والأبرتهايد الإسرائيلي، في تقرير موسّع، عن واقع خطير يهدد العملية التعليمية في فلسطين، موضحة أن المدارس الفلسطينية تحوّلت خلال السنوات الأخيرة إلى مناطق تماس مفتوحة تتقاطع فوقها الاقتحامات العسكرية والاعتداءات المباشرة وتدمير البنى التحتية، الأمر الذي يضع مستقبل جيل كامل على المحك.
التقرير، الذي حمل عنوان “التعليم تحت النار.. كيف تُستهدف المدارس والطلبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة؟”، يستند إلى بيانات رسمية فلسطينية وتقارير أممية ودولية، تؤكد أن هذه الانتهاكات تمثّل خرقًا واضحًا لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي يكفل الحق في التعليم.
ويتناول التقرير أربعة محاور رئيسية توضح حجم الاستهداف والآثار الممتدة على البيئة التعليمية.
الضفة الغربية… اقتحامات واعتقالات وتعطيل للدراسة
أظهرت بيانات وزارة التربية والتعليم أن 152 مدرسة في الضفة الغربية تعرّضت خلال العامين الماضيين لاقتحامات أو أعمال تخريب، فيما خرجت 28 مدرسة من السجل التعليمي بعد تهجير التجمعات التي كانت تخدمها.
وأوضح التقرير—وفق شهادات موثقة—أن قوات الاحتلال كانت تقتحم المدارس خلال ساعات الدوام، وتُطلق قنابل الغاز داخل الفصول، ما أدى إلى حالات اختناق وذعر بين الطلبة.
كما سجّلت الفترة ما بين مطلع 2023 ومنتصف مايو 2024 اعتقال 420 طالبًا وموظفًا تعليميًا، ضمن حملات مداهمة أثّرت بشكل مباشر على البيئة التعليمية والنفسية.
القدس.. إغلاق مدارس الأونروا وفرض مناهج إسرائيلية
وفي القدس الشرقية، يبرز استهداف أكثر تعقيدًا، حيث أصدرت سلطات الاحتلال قرارات بإغلاق ست مدارس تابعة للأونروا تخدم ما بين 800 و1000 طالب، بحجة عدم الترخيص، ضمن سياسة تهدف إلى إنهاء وجود الوكالة الأممية في المدينة.
وأشارت نقابة المعلمين في القدس إلى أن هذه الخطوة تأتي ضمن مسار “تهويد التعليم”، من خلال حذف مفاهيم وطنية من الكتب، وفرض مناهج إسرائيلية تتجاهل واقع الاحتلال.
ويُضاف إلى ذلك القيود المشددة على الحركة وإغلاق الحواجز، ما أدى إلى تغيّب قسري للطلبة وارتفاع نسب الانقطاع الدراسي.
غزة.. دمار واسع وطمس شبه كامل للتعليم
وفي قطاع غزة، يصف التقرير الواقع التعليمي بأنه مدمّر بشكل غير مسبوق، إذ تشير تقديرات اليونسكو ووزارة التربية والتعليم إلى أنّ أكثر من 93% من المدارس تعرضت لتدمير كلي أو جزئي.
كما وثّق الإحصاء الفلسطيني استشهاد 3,117 طالبًا و130 معلمًا وإداريًا حتى نوفمبر 2023، إضافة إلى حرمان 608 آلاف طالب من حقهم في التعليم.
ويستعرض التقرير حادثة تدمير مدرسة في شمال غزة كانت تضم أكثر من 1,500 طالب، تحوّلت إلى ركام بعد استهداف مباشر أدى إلى مقتل عدد كبير من الطلبة داخل الصفوف أو أثناء لجوئهم إليها.
وأكد التقرير أن التعليم في القطاع لم يعد “معطّلًا” فحسب، بل “مُمحى بشكل منهجي” نتيجة حجم الدمار وفقدان البيئة التعليمية الآمنة.
آثار خطيرة بعيدة المدى
يوضح التقرير أن الانتهاكات الإسرائيلية خلفت آثارًا تربوية ونفسية واجتماعية بالغة، تمثل في تعطيل العملية التعليمية بشكل واسع وحرمان آلاف الطلبة من سنوات دراسية كاملة، إضافة إلى ازدياد معدلات الصدمات النفسية وتراجع القدرة على التركيز والتعلم، ما يهدد مستقبل التنمية البشرية في فلسطين ويؤثر على فرص العمل والازدهار الاقتصادي في السنوات المقبلة.
توصيات التقرير
وأكدت الحملة في ختام تقريرها ضرورة فتح تحقيقات دولية جدية حول الاعتداءات على المؤسسات التعليمية، وتفعيل الحماية الدولية للمدارس وفق “إعلان المدارس الآمنة”، إلى جانب توفير دعم عاجل لإعادة بناء المدارس المدمرة في قطاع غزة، ووضع خطط تعليم بديلة في حالات الطوارئ تضمن استمرار العملية التعليمية، بما في ذلك التعليم الرقمي والمدارس المؤقتة.






