فيلم يثير الجدل بموضوعه عن الذكاء الاصطناعي وتأثيره على السينما

هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكتب سيناريو فيلم لائق؟ أراد المخرج السويسري بيتر لويزي أن يكتشف ذلك، وحوّل نصا من كتابة الذكاء الاصطناعي إلى فيلم يضم ممثلين حقيقيين. ومن خلال ذلك أيضا، أراد أن يثير الجدل بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع السينما.

والآن، وجد لويزي أنه تم رفض عرض فيلمه في سينما بلندن، حيث كان من المقرر أن يعرض في أواخر يونيو الجاري. وترددت سينما الأمير تشارلز في عرض الفيلم، في حين قوبلت الدعاية للترويج للفيلم بالكثير من الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي. وقال لويزي “هذا أمر مشين”، مضيفا “لا أعتقد أن الانصياع لهذه التعليقات هو الأمر الصحيح. ولكني احترم ذلك”.

ويحكي فيلم “ذا لاست سكرين رايتر” (آخر كاتب سيناريو) قصة كاتب سيناريو يدعى جاك يصاب بالصدمة لاكتشافه أن الذكاء الاصطناعي يكتب نصوصا أفضل مما يمكنه هو كتابتها. وبعد أن كان جاك متشكّكا في البداية، أدرك أن الذكاء الاصطناعي يطابق مهاراته ويتجاوز تعاطفه وفهمه للمشاعر الإنسانية.

وقد سُوّق للفيلم على أنه “أول فيلم روائي طويل يكتبه الذكاء الاصطناعي بالكامل”. ويقول صوت نسائي من جهاز أبيض ذكي متوهج يشبه مكبر الصوت قبل أن يبدأ العمل ”أهلا جاك، أنا مساعدتك الجديدة في كتابة السيناريو”.

“طالما اعتقدت أن رواية القصة تعد شكلا فنيا لا يمكن تكراره أو استبداله”، هكذا يقول بطل الفيلم لاحقا في مقطع دعائي يشير إلى أن النقيض تماما هو الأمر الحقيقي. ونظرا إلى أنه تم تصوير الفيلم بمشاركة ممثلين حقيقيين في مواقع حقيقية، لم يلاحظ الجمهور استخدام الذكاء الاصطناعي. وقال لويزي إن هدفه كان إثارة الجدل بشأن السبل التي من المتوقع أن يحول بها الذكاء الاصطناعي قطاع السينما إلى الأفضل أو إلى الأسوأ.

ومن المتوقع أن تواجه عدة مهن داخل صناعة السينما من مؤلفي الموسيقى التصويرية إلى منتجي المؤثرات الرقمية وجميع أفراد طواقم الإنتاج خطورة إزاء البرامج المتزايدة في القوة المدعومة بالذكاء الاصطناعي التي يمكن أن تولد نصوصا وصورا وموسيقي.

واستخدام الذكاء الصناعي في الفنون، هو نقطة خلاف كبيرة في الأوساط الفنية وذات مركزيتها في الإضراب الذي نظمته نقابة الممثلين الأميركيين العام الماضي، والذي أدى إلى شلل في هوليوود.

ولا يزال هذا الموضوع يشكل مصدر قلق كبير للكثيرين في صناعة الترفيه، إذ تعتمد برامج مثل “شات جي بي تي” بشكل كبير على المواد المحمية بحقوق الطبع والنشر لتطوير النصوص.

وقد وصلت هذه القضية الآن إلى حكومة المملكة المتحدة، حيث دعا النواب إلى التدخل لضمان حصول الفنانين على تعويض عادل عندما يُستَخدَم عملهم من قبل مطوري الأنظمة الذكية. وقال لويزي “أنا عن نفسي كاتب سيناريو وأرى هذه المشكلة”. وأضاف “التجاهل والتظاهر بأن الذكاء الاصطناعي ليس موجودا لم يعد خيارا. الوضع السائد القديم لم يعد موجودا، علينا الآن أن نتكيف مع كيفية سير الأمر. يتعين أن نتحدث عن هذا الأمر”.

وأوضح لويزي أنه لا يعلم إلى أي اتجاه سوف يقود الذكاء الاصطناعي قطاع السينما. وأشار إلى أنه نفسه من الطراز القديم ويفضل السبل القديمة في رواية القصص.

وكتبت السينما التي رفضت عرض الفيلم على موقع ”إكس” للتواصل الاجتماعي أنه في التعليقات على الإعلان عن عرض الفيلم، أعرب الكثيرون عن قلقهم من استخدام الذكاء الاصطناعي بدلا من كاتب السيناريو. لذلك قررت السينما عدم عرض الفيلم، فيما يبدو بسبب مخاوف من أنها تدعم التطور السلبي للعمالة في قطاع السينما. وأضافت السينما “قرارنا نابع من حبنا للأفلام والاستماع للذين يدعمون ما نقوم به”.

وقال المخرج بيتر لويزي إن المعلقين عبر شبكة الإنترنت لا يدركون أنه يعتبر فيلما غير ربحي يهدف إلى إثارة هذا الجدل على نطاق أوسع.

واتخذ استخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع السينما نقاشات واسعة خلال الإضراب الذي استمر أشهر في هوليوود العام الماضي. وضمن الاتفاق الذي أنهى الإضراب، لأول مرة، حماية ضد الاستخدام غير المنظم للذكاء الاصطناعي.

وتوصل الممثلون لاتفاق مفاده أنهم يجب أن يوافقوا على التقليد الرقمي من خلال الذكاء الاصطناعي. ويريد لويزي الآن أن يعرض الفيلم، الذي تم تصويره باللغة الإنجليزية، لطاقم العمل والضيوف المدعوين في دار سينما أخرى في لندن.

وقال لويزي “السيناريو الذي أنشأه الذكاء الاصطناعي جيد بصورة رائعة”. وأضاف أنه بعد إلغاء عرضه ”ماتت مسيرة مهرجان الفيلم والسينما”. ويريد لويزي جعل الفيلم متاحا مجانا على موقعه الإلكتروني قريبا، كما أنه من حسن الحظ أنه لا يتعين عليه أن يغطي تكاليف إنتاج الفيلم.

وكان لويزي قد حقق نجاحا كبيرا مؤخرا من خلال فيلم “بون شور تيشينو” الذي يدور حول كيفية تعامل السويسريين مع تنوعهم اللغوي في بلادهم. ونتيجة لذلك، حصل على تمويل كاف لإنتاج فيلم كتبه الذكاء الاصطناعي.

ويشار إلى أن بيتر لويزي كاتب ومخرج ومنتج سينمائي ولد في سويسرا عام 1975. درس السينما في جامعة كاليفورنيا، سانتا كروز. فاز فيلمه الروائي الطويل الأول “فيرفليكس فيرليبت” عام 2004 بجائزة زيورخ للأفلام وحصل على جائزة في مهرجان ماكس أوفولس السينمائي. كما فاز فيلماه “ذا ساند مان” (2011) و”أنلايكلي هيروز” (2014) بالعديد من الجوائز بما في ذلك جائزة الجمهور في مهرجان لوكارنو السينمائي.

صنع بيتر لنفسه اسمًا بأفلامه السبعة الطويلة، فضلاً عن مشاركته في تأليف فيلم “فيتوس” عام 2006 للمخرج فريدي مورير، والذي حقق نجاحًا كبيرًا في شباك التذاكر وتم ترشيحه لجائزة الأوسكار. كما حصلت الأفلام التي أخرجها بيتر على تسع ترشيحات لجائزة الفيلم السويسري، فضلاً عن العديد من الجوائز الأخرى.

العرب

Exit mobile version