في عهد الحوثيين. المساجد من نشر التسامح الى صناعة الإرهاب
كعادة الجماعات الإرهابية، تسعى ميليشيا الحوثي لتثبيت اقدامها على الارض وتشديد قبضتها على السلطة من خلال استخدام الدين وتطويع نصوصه بما يخدم اجندتها ومصالحها يساعدها في ذلك جموع البسطاء من الشعب ممن لا يملكون القدرة على التمييز ومعرفة الحق والباطل، ولاستهداف هذه الشريحة جندت الميلشيا عددا من الخطباء ورجال الدين مهمتهم دس السم في العسل وخلط الاوراق وجعل الدين حكرا على فئة معينة وسلالة بعينها هي من تحتكر فهم النصوص القرآنية، وبيدها مفاتيح الجنة والنار.
غياب عقول
لهذا السبب صارت خطب الجمعة في العشر سنوات الماضية عبارة عن خليط ما بين التكفير والتأليه والسب والشتم وغسيل الأدمغة ما افقدها – بحسب احد المواطنين-” لموقع الوعل اليمني ” روحانياتها وقداستها كما كانت في السابق، يتابع ” خطب الجمعة هذه الفترة تجعل المصلين يعتقدون انهم في طهران وليس في صنعاء، كما ان نظرات الخطباء للمصلين صارت اشبه بنظرات المخبرين والجواسيس، وان الثقة والمصداقية انتزعت من اولئك الخطباء ولذلك انتشرت ظاهرة النوم المسجد اثناء خطبة الجمعة لان المصلين يعلمون ان ما يسمى “الخطيب ” يملي عليهم ما تريده طهران والنجف”.
واضاف:” صلاة الجمعة في السنوات الأخيرة اصبحت مجرد رفع عتب، الخطيب يعلم اننا لا نطيقه ولا نصدقه ونحن نعلم انه لا يحبنا، وهكذا نقضي الفرض ونروح بيوتنا كما قال المثل ” اذن من طين واذن من عجين”.
خمينيات”
هذه التغييرات الجذرية والمفاجأة التي طرأت على منابر الجمعة دفعت غالبية المصلين الى عدم تقبل الأمر ففضل العديد منهم البحث عن مساجد اخرى ولو كانت بعيدة، فيما قرر اخرون البقاء في البيت واداء الصلاة من هناك، ويقول المواطن (م.ن) بان الخطباء اصبحوا يملون عليهم افكارا ومصطلحات جديدة و”غير مستحبة” كالحروب والثارات والانتقام والدماء، واصبح المصلين يسمعون اسماء الخميني وخامنئي والصدر وعبدالله بن حمزة والقاسم بن شرف الدين اكثر مما يسمعون لفظ الجلالة اضافة الى سب اوائل المسلمين ورموز الأمة، قائلا :” الى درجة ان الخطيب حقنا خصص خطبة كاملة لسب وتشويه “صلاح الدين الايوبي ” محرر القدس وفاتح المسجد الأقصى، وبغض النظر عن مكانة وثقل هذه الشخصية العظيمة، اليس هناك ما هو أهم من هذا الموضوع في ظل جميع هذه الاحداث الساخنة والمصيرية التي تحيط بالمسلمين”؟.
نحن يهود
ويعرف عن خطباء جماعة الحوثي رمي التهم العشوائية بصيغة العموم والجمع والتشهير وعدم انتقاء الالفاظ لدرجة قد تصل الى تكفير المصلين انفسهم، كما حدث في شهر رمضان الماضي في جامع (المشهد) بمديرية “ازال”، حين كفر خطيب الجمعة المصلين الذين امامه بسبب “جلوسهم في المنزل و عدم اشتراكهم في القتال في الجبهات” قائلا : ” مادام الحاضرون هنا لم يغزو ولم يحدثوا انفسهم بالغزو ورضوا بالجلوس في البيوت فهم كفار ومنافقين واذا ماتوا فميتتهم جاهلية”، ونتيجة لهذا الكلام نهض غالبية المصلين وخرجوا من المسجد معبرين عن رفضهم لتلك التجاوزات، ويقول احد الحاضرين
” يومها أكد الخطيب مرارا باننا جميعنا كفار ماعدا الذين في الجبهات مع انه هو نفسه معنا وليس في الجبهة، هذا التكفير الجماعي لم يسبقهم اليه الا “داعش” وغرضهم منه اعتبارك حلال الدم والمال والعرض فأنت كافر غير معصوم “.
اما المواطن “شهاب” فيذكر لموقع الوعل اليمني” ان خطيب الجمعة ذات يوم وصف اهل محافظة تعز بانهم ” يهود ” وكان الكثير من الحاضرين في المسجد من ابناء تعز، مضيفا بأن ” الخطبة في عهد الحوثيين تحولت الى كابوس يتمنى المصلين انتهائه، ومحاولة لصبغ المجتمع باللون الإيراني، ودليل ذلك رفع الاصوات واداء الصرخة داخل المساجد التي خصصت للذكر وقراءة القرآن، اضافة الى تناول الطعام ومضغ القات داخل المسجد ورمي المخلفات في كل مكان، هذه لم تكن عاداتنا ولا تقاليدنا ولم يعرف اليمنيون تدنيس المساجد بهذا الشكل الا في عهد الحوثيين”.
تصنيع الإرهاب
كما استخدم الحوثيون المساجد وسيلة لنشر الفكر الاثنا عشري المتطرف المستحل لدم ومال كل من يخالفه حتى ولو سياسياً، في الوقت الذي يصف الخطباء الحوثيين معارضي الجماعة بالنفاق والارتزاق وموالاة “الكافرين”. في ذات السياق عبر مواطنون عن قلقهم من ابعاد المساجد من وظيفتها التربوية والارشادية وتحويلها الى مقرات ناطقة باسم جماعات معينة ويتم استحلال دماء يمنيين واعراضهم من على منابرها، فيما اعتبر البعض ان جماعة الحوثي تستعى لتنفير الناس من المساجد بشكل متعمد تنفيذا لإملاءات جهات غربية، وذلك لما للمساجد من دور في بناء المجتمع الواعي، يوكد القاضي ” محمد مهدي ” عضو المحكمة الدستورية العليا السابق ،لموقع الوعل اليمني” فان تنفير الناس من المساجد عمل مقصود وغير عفوي، ولذلك اسباب عدة منها احتكار الخطاب الديني وتوجيه التهم للمعارضين بما يجعل قتلهم او سلب اموالهم امر مشروع، وكذلك تربية الأطفال على الأسس الخمينية المستوردة من ايران نظرا لكون المسجد من اهم وسائل تربية الطفل الى جانب البيت والمدرسة”.
واضاف القاضي الذي كان خطيبا لأحد مساجد صنعاء قبل ان تقصيه الميليشيات، :” ايران تريد مسخ هوية الشعب اليمني وتحويله طائفيا وعقائديا واجتماعيا الى ايران اخرى في قلب جزيرة العرب، عندئذ ستصبح المساجد مصانع للإرهاب والتكفيريين وينشرخ النسيج الاجتماعي لدرجة يصعب ان يلتئم بعدها سنين طويلة”.