ترجماتثقافة وفكرمقابلات
أخر الأخبار

كاتب إسرائيلي: “أنا أثق بما تقوله حماس”

يقول الكاتب وناشط السلام الإسرائيلي ديفيد غروسمان إنه لا يزال متمسكا بحل الدولتين حتى بعد هجوم حماس الدامي في السابع من أكتوبر 2023 وإن الإسرائيليين مُقدَّر لهم التعامل مع حماس.

حاورته الصحفية يوليا إنكه.الكاتب، الكاتبة : Julia Encke

يُعَدُّ الكاتب الإسرائيلي ديفيد غروسمان من أهم المؤلفين المعاصرين في العالم. وقد أصبح عمره في يوم الخميس (29 كانون الثاني/يناير 2024) سبعين عامًا. وصدر له مؤخرًا كتاب بالألمانية عن دار نشر هانزر بعنوان “السلام هو الخيار الوحيد” ويضم مجموعة من الخطب والمقالات الصحفية التي ألقاها وكتبها ديفيد غروسمان في السنين والأشهر الأخيرة وكذلك بعد مجزرة حماس في إسرائيل.
*******

السيِّد ديفيد غروسمان، لقد رفض للتو رئيسُ الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بيان الرئيس الأمريكي جو بايدن بأنَّه يعتبر حلَّ الدولتين حلًّا واقعيًا. وقال نتنياهو إنَّ ضمان عدم تشكيل قطاع غزة تهديدًا لأمن إسرائيل يتعارض مع مطالبة الفلسطينيين بالسيادة. أنت كنت دائمًا من المدافعين عن حلِّ الدولتين. أفلا يزال لديك أمل في إمكانية تحقيقه؟

ديفيد غروسمان: أنا أعتقد وحتى أكثر من ذي قبل أنَّ الحلَّ الوحيد الممكن هو حلُّ الدولتين.

لماذا؟

ديفيد غروسمان: يجب على الذين يؤيِّدون الدولة الواحدة الثنائية القومية أن يستيقظوا ويفهموا أنَّ هذين الشعبين، أي الإسرائيليين والفلسطينيين، لا يمكنهما تشكيل وحدة سياسية. وفي الحقيقة أنا أثق بما تقوله حماس. فهم يقصدون ما يقولون. ويعلنون بصراحة أنَّ إسرائيل يجب أن تُمحى. وقد بدؤوا بذلك في السابع من تشرين الأوَّل/أكتوبر 2023. ولهذا السبب يجب علينا أن نأخذهم على محمل الجدّ. وإذا أردنا أن يكون لنا مستقبل فلا بدّ من عقد اتفاقيات معهم. 

ولكن بطبيعة الحال إنَّ أي اتفاق بيننا وبينهم سيكون مبنيًا على الشكوك. وسيوجد الكثير من عدم الثقة وسوء الظن. فليس من السهل علينا أن نقبل بأنَّنا مُقدَّر لنا التعامل مع حماس. لقد هاجمونا بوحشية ونحن نعلم أنَّهم سوف يستغلون أية فرصة من أجل إلحاق الضرر بإسرائيل.

ومع ذلك هل تعتقد أنَّ الاتفاقيات ممكنة؟

ديفيد غروسمان: لا توجد طريقة أخرى سوى محاولة إقامة نوع من الحوار بيننا وبينهم. ونحن نأمل أَلَّا تتوفَّر لديهم مرة أخرى أبدًا فرصةٌ أخرى مثل الفرصة التي استغلوها في السابع من تشرين الأوَّل/أكتوبر 2023، وهذا يعني أنَّنا سنكون طوال الوقت مُتأهِّبين ويقظين. وهذا يمثِّل حالة ذهنية خطيرة. ويُقيِّد وجودنا بأكمله -أو على الأقل معظمه- لأنَّنا يجب أن نكون دائمًا مُتأهِّبين ويقظين ونبحث عن إشارات أو دلالات تدل على شيء قد يكون خطرًا بالنسبة لنا. نحن تائهون. لقد كنا نأمل في أن نعيش مثل أثينا والآن وجدنا أنفسنا نعيش مثل إسبرطة. والتحدِّي الذي يواجهنا كمجتمع هو توفيرنا احتياجاتنا مع الحفاظ على رغبتنا في حياة يتحقَّق فيها ما هو أكثر.

صفقة مؤلمة

ما تطالب به حماس ليس هدنة إنسانية بل بانسحاب الجيش الإسرائيلي انسحابًا كاملًا من قطاع غزة وإطلاق سراح آلاف المعتقلين الفلسطينيين الذين يوجد من بينهم سجناء قتلوا مدنيين. في حين أنَّ الكثيرين من الإسرائيليين والأغلبية العظمى من عائلات الرهائن مقتنعون بضرورة عقد هذه الصفقة المؤلمة.

ديفيد غروسمان: للأسف لا توجد حاليًا طريقة أخرى ولا يوجد سبب يدعو حماس إلى تخفيف موقفها لأنَّها تملك في يديها رأس مال كهذا، أي الرهائن المائة وست وثلاثين رهينة من بينهم أطفال وطفل يبلغ عمره عامًا واحدًا هو كفير بيباس وأخوه أريئيل بيباس الذي يبلغ عمره أربعة أعوام. لقد سجَّلت لهم بالأمس أغنية للنوم على أمل أن يسمعوها بطريقة ما.

أغنية للنوم؟

ديفيد غروسمان: نعم فقد كانت توجد عدة حالات في صراع السابع من تشرين الأوَّل/أكتوبر 2023 سمع فيها الرهائن أغانيَ وكلمات وأصواتًا كانت مُوجَّهة إليهم. حيث كانت توجد لديهم أجهزة راديو وسمعوا المذياع.

هذا يُذكِّر بروايتك “إلى نهاية الأرض”؛ عندما يفقد أفرام المصاب بجروح خطيرة موقعه ويهمس في جهاز الراديو الخاص به خلال حرب يوم الغفران قائلًا: “مرحبا، إسرائيل، الوطن؟ أما تزال هنا؟”، وذلك قبل وقت قصير من وقوعه في الأسر لدى المصريين ويُعذَّب لعدة أيَّام بسبب انتمائه إلى وحدة الاستخبارات. وعلى بعد بضعة كيلومترات فقط يسمع صوته صديقُه المفضَّل إيلان.

ديفيد غروسمان: نحن نأمل أنَّهم ربَّما يسمعون لحن أغنية النوم هذه. وربَّما سيواسيهم ذلك بشكل ما، لا أعرف كيف ولكن حسنًا. هل يمكننا الاستسلام؟ إنَّ ما فعلته إسرائيل في غزة أمر فظيع بالنسبة لي أيضًا. ولكنه بالنسبة لي شكل مختلف من الفظاعة. وما عشناه في السابع من تشرين الأوَّل/أكتوبر 2023 شيء غير مسبوق. على الأقل بالنسبة لنا. أنا لم أشاهد مقاطع فيديو المذبحة ولكن لا حاجة إلى رؤيتها حتى تتغلَّب علينا الكآبة واليأس مما يمكن أن يفعله الناس لبعضهم.

يشعر الكثير من الناس في إسرائيل أيضًا بالخيانة من قِبَل حكومتهم.

ديفيد غروسمان: مَنْ الذي خلق هذا الوضع؟ نحن لم نقم بذلك. ولكن هذا البلد خان مواطنيه ولم يحمِهم. وحماية حياة المواطنين من أهم واجبات الدولة. وإسرائيل فشلت في ذلك.

أنت تصف في كتابك الصادر حديثًا في ألمانيا تحت عنوان “السلام هو الخيار الوحيد” الاحتلال بأنَّه “جريمة” وتُشكِّك في كون إسرائيل ما تزال تستحق وصفها بدولة ديمقراطية.

ديفيد غروسمان: نحن نُعتبَر من ناحية دولة ديمقراطية. ولدينا حرِّية التعبير وحرِّية اختيار المهنة ومزاولتها وكذلك حرِّية التجمُّع. وبإمكاني أن أكتب أسوأ الأشياء عن رئيس وزرائنا وستُنشر هذه الأشياء في العدد القادم من الصحيفة وعلى صفحتها الأولى. الديمقراطية مُتجذِّرة بعمق في التقاليد الإسرائيلية، ولكن عندما نحتلُّ شعبًا آخر وخاصةً لفترة طويلة جدًا –نحن نتحدَّث هنا عن أكثر من ستة وخمسين عامًا؛ هل يُمكنك تصوُّر ذلك؟– فعندئذٍ لا يعود بإمكاننا أن نتحدَّث في الحقيقة عن ديمقراطية. 

وذلك لأنَّ الديمقراطية نشأت من الفكرة النبيلة المتمثِّلة في أنَّ جميع البشر يولدون متساوين في الحقوق. ولكن عندما يضطهد المرء شعبًا آخر يبدأ حتمًا في الاعتقاد بأنَّ البشر ليسوا كلهم متساوين. وأنَّ بعض الناس أكثر قيمةً من غيرهم. وهذه كلُّها أعراضٌ غير ديمقراطية. وهي بالنسبة لي أيضًا سبب للنضال من أجل إنهاء الاحتلال لأنَّني أشعر أن هذه العقلية الخبيثة المُتمثِّلة في كوننا دولة احتلال وفي الوقت نفسه ديمقراطية تلتهمنا أحياءً.

لقد ألقيت في عام 2021 خطابًا أثناء مظاهرة في ساحة حبيمة في وسط تل أبيب، وقلتَ فيه إنَّ المعركة الحقيقية لا تدور بين العرب واليهود بل بين أولئك “الذين يسعون إلى التعايش معًا في سلام وفي شراكة عادلة -من جهة- وبين أولئك الذين يتغذَّون نفسيًا وأيديولوجيًا على الكراهية والعنف من جهة أخرى”. أفلا يزال الأمر كذلك؟

ديفيد غروسمان: الحمد لله على أنَّ معظم الفلسطينيين ليسوا حركة حماس. وأنا أعتقد أنَّه يوجد أيضًا فلسطينيون يشعرون بالخجل مما فعلته حماس باسمهم. أنا لستُ ساذجًا. وأعلم أن الكثير من الفلسطينيين كانوا سعداء حقًا بالهجوم وقد عبَّروا عن ذلك بشكل علني أيضًا. ولكن يوجد أيضًا فلسطينيون آخرون يرون في وحشية هذه الأحداث علامةً تدل على شيء سيء جدًا يحدث للمجتمع الفلسطيني.

عهد نتنياهو بات يعتبر بحكم المقضي عليه، ولكن كيف سينتهي؟

ديفيد غروسمان: نتنياهو سياسي ماكر ومتلاعب للغاية ولن يستسلم بسهولة. وهو يعتمد على القوى المسيحانية -اليهودية المسيانية- الأكثر تطرُّفًا في إسرائيل. ولهذا السبب فإنَّ سياسة إسرائيل تزداد عدوانية باستمرار.

حاولت الحكومة الإسرائيلية مباشرة بعد هجوم حماس في السابع من تشرين الأوَّل/أكتوبر 2023 أن تُقنع الحكومة الأمريكية بدعم ضربة استباقية ضدَّ حزب الله أيضًا. ولحسن الحظ فإنَّ الأمور لم تصل إلى ذلك. أفلا تزال ترى خطرًا يهدِّد بتوسُّع الصراع؟

ديفيد غروسمان: نعم، هذا سؤال جيِّد جدًا. وأنا لست متأكِّدًا إنْ كانت لديَّ إجابة عليه، ولكن كما قلتَ أنت لحسن الحظ أنَّنا لم نتورَّط في الخيار المرعب الخاص بتوسيع الصراع مع أعداء متعدِّدين، وذلك من خلال عدم امتداد الصراع حتى الآن إلى حزب الله وربَّما إلى إيران وإلى الضفة الغربية. 

وكما تقول لحسن الحظ ومن المحتمل بفضل وجود أعضاء في مجلس الوزراء مثل غادي آيزِنْكوت وبيني غانتس، وهما الشخصان الراشدان الأكثر اعتدالًا ومسؤولية في هذه الحكومة. فلو بدأنا بمثل هذه الضربات فسيؤدِّي هذا حتمًا إلى حرب متعدِّدة الجبهات. ونحن لسنا مستعدِّين لمثل هذه الحرب وخاصةً بعد الإرهاق بسبب حرب غزة.

ما هو الدور الذي يمكن لأوروبا وألمانيا ويجب عليهما أن تلعباه؟

ديفيد غروسمان: أنا أعتقد -على خلفية نزع الشرعية الكاملة عن إسرائيل في بعض الدول الأوروبية وفي الجامعات الأمريكية- أنَّ دعم السفير الألماني -واسمه شتيفِن زايبرت- كان حازمًا ومباشرًا جدًا، تمامًا كما يجب أن يكون.

هو شخص معروف جدًا في ألمانيا وكان في السابق مقدِّم برامج تلفزيونية ومتحدِّثًا باسم حكومة أنغيلا ميركل. هل اِلتقيت به؟

ديفيد غروسمان: نعم، أنا أعرفه ومعجب به إعجابًا شديدًا.

يوجد في ألمانيا معسكران متعارضا في النقاش العام. حيث يتَّهم طرفٌ الطرفَ الآخر بعدم الوفاء بمسؤولية ألمانيا التاريخية تجاه إسرائيل بينما ينتقد ذلك الطرفُ الآخر ويقول إنَّ هذه المسؤولية التاريخية تجاه إسرائيل يجب أَلَّا تعمينا عن معاناة الشعب الفلسطيني. فبماذا تنصح الألمان؟

ديفيد غروسمان: أَتعْلَمين، أحيانًا أسمع أشخاصًا في ألمانيا يقولون إنَّ الإسرائيليين يفعلون بالفلسطينيين ما فعله الألمان بنا في الحرب العالمية الثانية. وأنا أرى أنَّ هذا خطأ ولكنني أعتقد أنَّ شيئًا أكثر تعقيدًا هو الصحيح وله علاقة بما حدث لنا. ولهذا السبب فنحن لسنا قادرين على تحقيق سلام حقيقي. ويجب علينا أن نُشفى من الشعور العميق بانعدام الثقة وقابلية التحسُّس والانجراح قبل أن نتمكَّن من عقد السلام مع الفلسطينيين. يبدو أنَّ صفَّارة الإنذار تنطلق الآن…

هل يجب علينا التوقُّف؟

ديفيد غروسمان: لا، هذا لا يبدو إنذارًا. ما كنت أريد قوله: من الممكن انتقاد إسرائيل ويجب حتى انتقادها في بعض الأحيان. ولكن يجب عدم نزع الشرعية عنها. ويجب أَلَّا تكون هدفًا للأصوات الداعية إلى تدمير إسرائيل. نحن نسمع مرارًا وتكرارًا بمظاهرات حاشدة بالآلاف أو بمئات الآلاف من الأشخاص الذين يطالبون بموت إسرائيل وبتدميرها. لا توجد أية دولة أخرى في العالم لديها مثل هذه الأصوات المناهضة لها. ولا حتى كوريا الشمالية المرعبة والفظيعة أو حتى العراق في عهد صدام حسين أو حتى روسيا المعتدية على أوكرانيا. لا أحد يقول لنقضِ على روسيا ولنقضِ على العراق. هذه الهتافات موجودة فقط عندما يتعلق الأمر بإسرائيل.

وهنا تبدأ مسؤولية الألمان؟

ديفيد غروسمان: نعم. إنَّ مسؤولية الألمان الأخلاقية تجاه إسرائيل هي التأكيد على شرعيَّتها والتذكير بضرورة الانتباه إلى الفروق الدقيقة في الوضع. وتوجد الكثير جدًا من الفروق الدقيقة. وكلّ مَنْ يقول لك إنَّ بإمكانه أن يحل المشكلة على الفور لا يعرف في الواقع عن ماذا يتحدَّث. سوف يستغرق الأمر سنين إن لم يكن حتى عقودًا من الزمن قبل أن نبدأ في التعافي – من الاحتلال الطويل والمذبحة الفظيعة. وأنا أكرِّر مرة أخرى أنَّني لا أقارن بين الاثنين. وأعتقد أنَّ كليهما حقيقتان مختلفتان تمامًا.

عندما أَلقيتَ في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2023 كلمة تأبينة لضحايا الإرهاب تحدَّثت في النهاية حول إمكانية البدء بداية جديدة وقلت ربَّما يكون من الممكن “بناء دولة جديدة للمرة الثانية”. ماذا تقصد بذلك؟

ديفيد غروسمان: لقد قلتُ إنَّ إسرائيل ما تزال بالنسبة لنا نحن الإسرائيليين غير قادرة على أن تكون وطنًا لنا، بل هي أشبه بحصن. والمأساة أنَّنا لم نعد نعرف حتى إن كانت حصنًا. وكما رأينا فنحن واهنون جدًا وضعفاء جدًا وحسَّاسون.

كيف يمكنها أن تصبح وطنًا؟

ديفيد غروسمان: يجب علينا أن نبني إسرائيل من جديد كدولة ديمقراطية ناضجة. أوَّلًا أعتقد أنَّنا بحاجة إلى قادة أذكياء وشجعان على كلا الجانبين، على الجانب الإسرائيلي والجانب الفلسطيني. وفقط عندما يكون هذان الطرفان قادرين على الحديث مع بعضهما يمكننا أن نعيد بناء هذا المجتمع ونفهم الثمن الذي ندفعه إن لم نكن دولة ديمقراطية تمامًا. وهذا تحدٍ كبير. وحتى الآن وبينما أتحدَّث إليك أتساءل: كيف يمكننا القيام بذلك؟ وأنا لست متأكِّدًا من أنَّ لديَّ إجابة.


هل تستطيع في هذه الأيَّام كتابة شيء ما أم أنَّ هذا مستحيل؟

ديفيد غروسمان: هذا مستحيل ولكن لا يمكن تجنُّبه. وفقط عندما أكتب أتنفس بعمق وبملء رئتَيَّ. وعندما لا أكتب أكون واقعًا تمامًا تحت رحمة الفظائع. وفي أوَّل البداية أتمرَّد على ذلك وأقول لنفسي كيف يمكنك كتابة قصة حول هذا أو ذاك بينما ينهار العالم ثم أشعر بعد فترة أنَّ الكتابة تنعشني. الكتابة تُنشِّط. وأنا أقارن ذلك أحيانًا بشخص يأخذ مرساةً ويرميها إلى المستقبل – ثم يبدأ في سحب نفسه وبكلِّ قوَّته باتجاه المرساة وإلى المستقبل.

حاورته: يوليا إنكه
ترجمة: رائد الباش
حقوق النشر: فرانكفورتَر ألغماينه زونتاغسْتسايتونغ / موقع قنطرة 2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى