
أثار إعلان البنك المركزي اليمني بصنعاء، الخاضع لسيطرة جماعة الحوثي، جدلاً واسعًا بعد كشفه عن عملة معدنية جديدة من فئة 50 ريالاً، تحمل صورة مسجد العيدروس الواقع في مدينة عدن جنوب البلاد.
وأصدر البنك إعلانًا رسميًا، يوضح فيه بدء تداول العملة الجديدة، مؤكدًا أنها صُكّت وفقًا لما سماه “أحكام المادة 24 من قانون البنك المركزي”، وأنها ستُستخدم جنبًا إلى جنب مع الأوراق النقدية القديمة من ذات الفئة.
لكن المفاجأة كانت في اختيار مسجد العيدروس كمعلم على وجه العملة، وهو المسجد التاريخي الذي يعود بناؤه للقرن العاشر الهجري، ويُعد من أبرز المساجد الصوفية في عدن، ما فتح باب التساؤلات حول دوافع هذا الاختيار.
واعتبر ناشطون أن اختيار الحوثيين لهذا المسجد لم يكن اعتباطياً، ولا يحمل أي نوايا وطنية أو وحدوية كما حاولت الجماعة أن توحي، بل إن القرار يحمل أبعاداً طائفية ودينية، في محاولة مكشوفة لاستعطاف الطائفة الصوفية في الجنوب اليمني، والترويج لفكرة الانتماء المذهبي المشترك، لا سيما أن الإمام العيدروس – الذي يحمل المسجد اسمه – ينتسب لآل البيت حسب كتب الصوفية.
وأكد ناشطون أن هذه الخطوة ليست سوى رسالة مشفّرة، تقول فيها الجماعة: “نحن معكم.. تجمعنا الطقوس والمناسبات والمذهب”، في محاولة لإيجاد قواسم مذهبية مشتركة مع بعض فئات الجنوب لتخفيف عزلتها الطائفية والمجتمعية.
وذهب آخرون إلى أن الجماعة الحوثية أرادت أن تُقدّم سردية جديدة مفادها أن “صنعاء وعدن بلد واحد، وهوية واحدة، وطائفة واحدة”، رغم الانقسام السياسي والمجتمعي الواسع، ومحاولة فرض أمر واقع على الأرض تحت غطاء ديني وثقافي.
يُشار إلى أن مسجد العيدروس شُيّد عام 914هـ/1508م، على يد الإمام الصوفي أبي بكر بن عبد الله العيدروس، الذي دُفن إلى شمال المسجد بعد وفاته في عدن. وقد تعرّض المسجد للدمار وأُعيد بناؤه مرتين، أبرزها في العهد العثماني عام 1568، وتعتبر قبته المزخرفة من أبرز ملامحه المعمارية، وتُقام فيه احتفالات سنوية خاصة بالمولد النبوي حتى اليوم.