Blogالأخبارتقارير

ما قبل “الطوفان”.. عام من الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين

طلال مشعطي، زهير حمداني

جاءت مواقف وردود فعل القادة الغربيين الذين زاروا تل أبيب بُعيد عملية “طوفان الأقصى” التي شنتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والمقاومة الفلسطينية على غلاف غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول مساندة تماما لإسرائيل دبلوماسيا وعسكريا وإعلاميا ومتوافقة مع روايته للأحداث.

بنى جميع القادة موقفهم على أساس نتائج ومفاعيل ذلك الهجوم -الجريء وغير المسبوق- العسكرية والسياسية، والذي أحرج الجيش الإسرائيلي والحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو، دون النظر إلى عمق الصراع بين الطرفين وتاريخه وطبيعة الاحتلال الإسرائيلي، في حين كانت هذه العملية جولة من جولات الحرب المستمرة منذ عقود، والذي كانت إسرائيل تبادر إليها في الغالب.

وكان من مفاعيل هذه النظرة المحدودة للصراع “دعم لا محدود” لإسرائيل، شمل ما تقوم به من مجازر وعمليات قتل جماعي في مدينة غزة الفلسطينية المحاصرة منذ 16 عاما، ويسكنها أكثر من مليوني إنسان، إلا من تعليقات على استحياء بضرورة توخي مزيد من الحذر في عمليات الاستهداف.

يقرأ في هذه المواقف والتصريحات أن ما تقوم به إسرائيل مجرد ردود فعل، وقد تم تجريد عملية “طوفان الأقصى” من سياقها التاريخي في إطار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي العسكري والسياسي، لتصبح مجرد عملية اعتداء “غير مبررة وغير أخلاقية”.

تحمل هذه المواقف والتأويلات، التي تلغي تاريخية الصراع وتشابكاته، أيضا عملية فصل متعمد بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وبين ما يحصل في كل منهما، وإيحاء بأن قطاع غزة كيان مفصول عن الصراع، وهو ما يعزز تأثيم عملية “طوفان الأقصى” ومن نفذها، وفق الرؤية الإسرائيلية.

كانت موجات “طوفان الأقصى”، تتكون بالتراكم كردة فعل على تنكّر إسرائيل للقرارات الدولية، وخصوصا تلك التي أقرها اتفاق أوسلو الأول سنة 1993 والثاني سنة 1995 والتصعيد المستمر في الضفة وقضم الأراضي الفلسطينية وسياسة الاستيطان، لكن سنة 2023، في ظل حكومة بنيامين نتنياهو، حافلة بالاستفزازات والضغوط التي ولدت الانفجار أو “الطوفان”.

وتاليا حصيلة نحو عام من الانتهاكات الإسرائيلية بتفاصيلها الموثقة وآثارها على الفلسطينيين في الضفة الغربية التي لا توجد فيها عمليا حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والتي قتل فيها جيش الاحتلال الإسرائيلي ما يزيد عن 90 فلسطينيا منذ بدء معركة “طوفان الأقصى”.

وزير المالية بتسلئيل سموتريتش (يسار) إلى جانب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو

حكومة تطرف واستفزاز

تشكلت الحكومة الإسرائيلية الحالية بزعامة بنيامين نتنياهو في ديسمبر/كانون الأول 2022، من 6 أحزاب يمينية هي “الليكود” و”شاس” و”يهوديت هتوراة” و”نوعام” و”الصهيونية الدينية” و”القوة اليهودية” والتي وصفتها وسائل إعلام غربية وعربية وإسرائيلية بأنها “الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل”.

ومع تشكيل الحكومة برئاسة نتنياهو نهاية العام الماضي، عادت الأحزاب الدينية بكل قوتها إلى الساحة السياسية بعد أن تخلت الحكومة السابقة برئاسة نفتالي بينيت ويائير لابيد عنها، مما دفع أحزاب المعارضة للتحذير منها في أكثر من مناسبة، ففي 25 ديسمبر/ كانون الأول 2022، كتب زعيم المعارضة الإسرائيلية وزعيم حزب “هناك مستقبل” يائير لبيد في تغريدة على منصة “إكس” “نتنياهو ضعيف، ويقودنا إلى “دولة الهالاخاه” (الشريعة اليهودية) المظلمة”.

وقبل أن يصبح وزيرا للأمن القومي في حكومة نتنياهو، لوح المتطرف اليميني إيتمار بن غفير (وزير الأمن القومي) بمسدس في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية المحتلة وسط مواجهات بين الفلسطينيين من جهة وقوات الاحتلال التي ترافق مؤيديه من جهة أخرى.

وفي اليوم التالي من الحادثة، نشر بن غفير صورته واقفا بجانب اثنين من أطفاله حاملين بنادق ألعاب. وكتب على منصة إكس (توتر سابقا) “بعد أعمال الشغب.. أقوم بتعليم الأطفال كيفية التعامل مع الإرهابيين”.

ازداد التصعيد في الضفة الغربية والقدس وغزة منذ تشكل حكومة نتنياهو، وسجلت قوات الاحتلال أرقاما قياسية في قتل الفلسطينيين، وتدنيس ومقدساتهم والاعتداء على نسائهم، وحرق بلداتهم، حيث دمرت وردمت 160 بئرا ومجرى مياه منذ مطلع عام 2021، وهو ما اعتبره الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي بأنه “أحد أعمال الاحتلال شرا”، في مقالة له بصحيفة هآرتس الإسرائيلية.

فمنذ مطلع العام الجاري 2023، قتلت إسرائيل خلال اقتحاماتها للمدن والبلدات أكثر من 220 فلسطينا في الضفة الغربية والقدس وغزة بينهم نحو 40 طفلا و11 امرأة، وفقا لمعطيات وزارة الصحة الفلسطينية، وذلك قبل اندلاع “طوفان الأقصى”. وفي تقرير صدر عن منظمة هيومن رايتس ووتش في أغسطس/آب الماضي، قالت المنظمة إن “الجيش وشرطة الحدود في إسرائيل يقتلون الأطفال الفلسطينيين دون أي سبيل فعلي للمساءلة”، مطالبة سلطات الاحتلال “إنهاء الاستخدام الروتيني وغير القانوني للقوة القاتلة ضد الفلسطينيين، منهم الأطفال”.

أما بخصوص الأسرى، فأصدرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 2600 أمر اعتقال إداري (اعتقال دون تهمة أو محاكمة)، منذ مطلع العام 2023، في وقت بلغ فيه عدد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال نحو 5200 أسير، بينهم 36 أسيرة، ونحو 170 طفلا، وفق بيانات فلسطينية رسمية.

وفي سبتمبر/أيلول 2023، قرر بن غفير أيضا تقليص زيارات بعض العائلات الفلسطينية لأبنائها في سجون الاحتلال، من مرة كل شهر إلى مرة كل شهرين، وسبق أن نفذ إجراءات انتقامية ضد الأسرى شملت حرمانهم من الخبز والطعام الطازج وكثيرا من الحقوق المتواضعة التي حققوها في نضالاتهم، وكذلك قمع احتجاجاتهم وتشتيتهم بين السجون بشكل مستمر، وممارسة سياسة تعذيب بحقهم.

كذلك في أغسطس/ آب 2023، دعا وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إلى تسليح أكبر عدد من الإسرائيليين، ردا على إلى إطلاق نار من قبل فلسطينيين على المستوطنين في الضفة الغربية.

الحكومة الإسرائيلية الحالية تضم وزراء من اليمين المتطرف


وجوه العداء الصريحة
أما وزير المالية بتسلئيل سموتريتش -الذي قاطع المسؤولون الأميركيون والفرنسيون زيارته لواشنطن وباريس بسبب تصريحاته العنصرية والمعادية للفلسطينيين- فبرز بنشاطه الداعم للاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو يقيم في مستوطنة كدوميم شمالي الضفة الغربية. وكان صرّح في مقابلة له مع صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، عام 2016، “إذا أظهرنا يدا من حديد، فلن يكون هناك أطفال يرمون الحجارة. من يرمي الحجارة لن يكون هنا.. إما أن أطلق عليه النار، أو أسجنه أو أطرده”.

وفي مارس/ آذار 2023، دعا سموتريتش إلى “محو” بلدة حوارة الفلسطينية، عقب هجمات شنها مئات المستوطنين في 26 فبراير/شباط 2023 على البلدة، مما أدى إلى مقتل فلسطيني وإحراق وتدمير عشرات المنازل والسيارات الفلسطينية.

وأعقبت تلك الهجمات مقتل إسرائيليين في إطلاق نار على سيارة كانا يستقلانها بالقرب من البلدة، بعد أيام من قتل الجيش الإسرائيلي 11 فلسطينيا في اقتحامه مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية.

وكان سموترتيش قد قال أيضا في العاصمة الفرنسية باريس في 19 من شهر فبراير/شباط إنه “لا يوجد شيء اسمه الشعب الفلسطيني”، وهو تصريح من مسؤول حكومي يحمل طابع الإلغاء، وأطلق العنان لموجة من الكراهية والقتل الاقتحامات.

ارتفعت وتيرة الاقتحامات في الضفة الغربية المحتلة خلال الشهور الماضية


سياسة الاقتحامات والهدم
وسعيا إلى سياسة فرض الأمر واقع، ارتفعت الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى في ظل حكومة نتنياهو، بتحريض من وزراء اليمين وبحماية شرط الاحتلال، فأورد تقرير رسمي فلسطيني، أن نحو 41 ألف مستوطن إسرائيلي اقتحموا المسجد الأقصى منذ مطلع العام وحتى نهاية سبتمبر/أيلول 2023، مشيرا إلى اعتقال 464 مقدسيا خلال الشهور الثلاثة الماضية، بينهم 62 طفلا و32 سيدة، إضافة إلى 54 قرارا بالحبس المنزلي.

وفي سياق مسيرة الأعلام، والتي تُعرف أيضا بـ”رقصة الأعلام” والتي تقام احتفالا باحتلال الشق الشرقي من القدس، أراد الاحتلال الإسرائيلي أن يدعي أنه صاحب الأرض، حيث تحولت المسيرة إلى أبرز عناوين المواجهة مع الفلسطينيين.

ورغم تحذير السلطة في رام الله وفصائل المقاومة الفلسطينية من “تفجر الأوضاع” أصر نتنياهو ووزراؤه على خروج المسيرة في مايو/أيار الماضي، وقال نتنياهو آنذاك، “رغم التهديدات إلا أنني وجهت بإقامة المسيرة”، التي يهتف المشاركون فيها عادة بشعار “الموت للعرب”، ولتأمين المسيرة، نشرت الشرطة الإسرائيلية 3200 من عناصرها، واعتدت على الفلسطينيين في منطقة باب العامود والبلدة القديمة، أما الوزير بن غفير، فهتف أثناء مشاركته في الرقصة “القدس لنا”.

وفي الخليل بالضفة الغربية المحتلة، يتعرض الحرم الإبراهيمي لانتهاكات إسرائيلية تمس قدسية المسجد، بينها منع رفع الأذان، وإنارة الشمعدان على سطحه، وإقامة حفلات صاخبة في أروِقته. وتكريسا للسيطرة عليه، رفعت سلطات تل أبيب في أبريل/نيسان الماضي أعلام إسرائيل فوق أسطح وجدران الحرم.

استفزاز المسيحيين
وإضافة إلى مقدسات المسلمين، طالت اعتداءات المستوطنين في مدينة القدس المسيحيين ومقدساتهم. مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري، إذ بصق متطرفون إسرائيليون على الأرض أثناء خروج مسيحيين، وهم يحملون الصليب من كنيسة بالبلدة القديمة في طريق الآلام بالقدس، وتم توثيق ذلك من قبل نشطاء بشريط فيديو.

ولم يمنع جنود الاحتلال الذين وُجدوا في موقع الحادثة المتطرفين من البصق على المسيحيين في أثناء عبورهم. أما مجلس الكنائس العالمي في القدس، فقال في الثالث من أكتوبر/تشرين الأول الجاري إن المسيحيين يتعرضون لـ “الاضطهاد” من قبل جماعات إسرائيلية متطرفة، منتقدا صمت الحكومة الإسرائيلية إزاء ذلك.

وتعقيبا على ذلك، قال بن غفير إنه لا يعتقد أن التقليد اليهودي بالبصق عند مرور المسيحيين يعد مخالفة أو جناية. وذكرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية إن مركز بيانات الحرية الدينية وثّق 21 حادثة بصق من قبل يهود على المسيحيين ومؤسساتهم في القدس خلال سبتمبر/أيلول الماضي.

ولم تقتصر اعتداءات المستوطنين على المسلمين والمسيحيين في الأراضي المحتلة، ففي سبتمبر/ أيلول الماضي، ذكر مكتب الاتحاد الأوروبي في فلسطين أن بعثات دبلوماسية تعرضت لما وصفها بالمضايقات العنيفة من قبل مستوطنين في الضفة الغربية، داعيا السلطات الإسرائيلية إلى اتخاذ إجراءات ضد “المستوطنين العنيفين، وتفكيك البؤر الاستيطانية غير القانونية وتوفير الحماية للسكان الفلسطينيين الخاضعين للاحتلال”.

سرطان المستوطنات
تعهدت إسرائيل مرتين على الأقل بتجميد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية خلال العام الجاري، لكن هذه الفترة سجلت “ارتفاعا قياسيا” بالأنشطة الاستيطانية غير الشرعية، بل أطلقت الحكومة الإسرائيلية الحالية أكبر عملية استيطان على الأقل منذ عام 2012.

ففي الضفة الغربية تعمل الجرافات الإسرائيلية ليلا ونهارا، وفي الوقت نفسه، فإن هناك فلتانا للمستوطنين وتوسيع في البؤر الاستيطانية غير القانونية، حيث دفعت الحكومة بمخططات لإقامة 12 ألفا و885 وحدة استيطانية في الضفة الغربية، كما نشرت أيضا مناقصات لبناء ألف و289 وحدة استيطانية، مما يرفع إجمالي عدد الوحدات إلى أكثر من 14 ألفا، بحسب معطيات “حركة السلام الآن” الإسرائيلية.

وبحسب المعطيات، فإن أكبر هذه المخططات كانت في مستوطنة “معاليه أدوميم” شرق مدينة القدس، حيث تم إقرار ألف و475 وحدة استيطانية، ومستوطنة “عيلي” شمال شرق رام الله، حيث تم إقرار ألف و81 وحدة استيطانية.

وزراء ونواب من الكنسيت شاركوا في مسيرة نحو بؤرة “أفيتار” الاستيطانية قرب نابلس (الأناضول)


كما تم إقرار بناء 350 وحدة استيطانية في مستوطنة “ألكناه” القريبة من نابلس، و374 وحدة في مستوطنة “كريات أربع” في الخليل جنوبي الضفة، و380 وحدة في مستوطنة “كيدوميم” شمالي الضفة، إضافة إلى التوسعات في العديد من المستوطنات الأخرى.

يضاف إلى ذلك مستوطنة “كوخاف يعقوب” وسط الضفة، إذ تم إقرار 627 وحدة استيطانية، و”جفعات زئيف” شمال غرب القدس، إذ تم إقرار 559 وحدة استيطانية.

وبحسب تقارير فلسطينية، فإن 506 آلاف مستوطن موجودون بالضفة و230 ألف مستوطن في داخل القدس الشرقية، وعملية إخلاء هؤلاء المستوطنين تعتبر من وجهة نظر اليهود تطهيرا عرقيا، وبالتالي فإن تنفيذها بات مستحيلا.

وفي ردود الفعل الأممية، خلصت ورقة موقف أصدرتها “لجنة التحقيق الدولية المستقلّة التابعة للأمم المتحدة المعنية بالأرض الفلسطينية” المحتلة في نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، إلى أن إسرائيل انتهكت وما زالت تنتهك حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، من خلال احتلالها طويل الأمد، واستيطانها، وضمها للأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967.

وأضافت اللجنة، أن “الاحتلال الإسرائيلي، الذي دام 56 عاما حتى الآن، غير قانوني بموجب القانون الدولي”، مؤكدة أن نتيجة الأعمال غير المشروعة تستوجب عواقب قانونية على إسرائيل، لوضع حد لـ”الفعل غير المشروع دوليا”.

وذكر تقرير أممي آخر، أن العديد من الفلسطينيين غادروا مجتمعاتهم بسبب عنف المستوطنين، ودعا إسرائيل إلى وقف أنشطة الاستيطان وتفكيك البؤر الاستيطانية. إضافة إلى ذلك، أوضح التقرير أنه خلال العام 2022 جرى تهجير أكثر من 1100 فلسطيني من 28 تجمعا سكانيا؛ بسبب تصاعد أعمال العنف ومنعهم من الوصول إلى أراضي الرعي على يد المستوطنين الإسرائيليين.

العام الجاري سجل ارتفاعا قياسيا في التوسع الاستيطاني بالضفة الغربية والقدس (غيتي)
ولتنفيذ المشروع الاستيطاني شرقي القدس، استنادا إلى الضوء الأخضر الذي أعطته المحكمة العليا الإسرائيلية -قبل سنوات- لهدم وإخلاء قرية الخان الأحمر، دعا بن غفير بشكل متكرر إلى هدم التجمع البدوي بذريعة أنه “بني من دون ترخيص”.

وعاد اسم قرية الخان الأحمر إلى الواجهة مؤخرا، مع واقعة اعتقال الشرطة الإسرائيلية فتاتين، كانتا تدافعان عن شقيقهما الأصغر (8 سنوات) من اعتداء أحد المستوطنين.

تلك الواقعة التي سلطت الضوء مجددا على ما تعانيه التجمعات البدوية، شرقي القدس، والتي تعيش في منطقة شديدة الحساسية تسيطر عليها السلطات الإسرائيلية بالكامل، ويمارس المستوطنون ضدهم اعتداءات مستمرة في محاولة لترحيلهم.

وقد وثق مقطع فيديو نشر في أغسطس/آب الماضي، المستوطن الإسرائيلي وهو يحمل سلاحا، ويجبر الطفل الفلسطيني “عز الجهالين” على الجلوس على الأرض بعد التعدي عليه بالضرب، وتفاقمت الواقعة مع اقتراب شقيقتي الطفل لتخليصه من يد المستوطنين، الذين اعتدوا على شقيقهما بحجة رعي الأغنام قرب مستوطنة “كفار دارم” المقامة على أراضي الخان الأحمر.

وداخل أراضي عام 1948، هدمت سلطات الاحتلال قرية العراقيب في النقب (جنوب) 222 مرة خلال 13 عاما، وفي كل مرة يعيد الأهالي بناء القرية بعد هدمها. كما هدمت إسرائيل منازل وبيوتا في الضفة، وخصوصا في المنطقة “ج” وأخطرت أهالي قرب أريحا شرقي الضفة وأخرى شماليها قرب نابلس بقرارات هدم تشمل 200 منزل ومنشأة.

ووفق اتفاقية أوسلو 2 لعام 1995 تصنف أراضي الضفة الغربية إلى 3 مناطق: “أ” تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، و”ب” تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية وإدارية فلسطينية، و”ج” تخضع لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية إسرائيلية، وتقدر بنحو 60% من مساحة الضفة، ولكن المناطق الفلسطينية المزمعة أصبحت مجرد جزر معزولة ومقسمة بالحواجز والبؤر الاستيطانية، ويعيش سكانها أوضاعا معيشية صعبة.

ومن دون الرجوع إلى سنوات خلت وعوامل الإحباط واليأس والغضب التي خلفتها في نفوس الفلسطينيين، كانت حصيلة عام من الانتهاكات الإسرائيلية وحدها كفيلة بأن تكون الصاعق الذي يفجر ردود الفعل، وإحدى الموجات التي تجعل من “طوفان الأقصى” معركة كانت منتظرة، ولم يتغير فيها إلا عنصر المفاجأة وما تكبدته إسرائيل من خسارة لم تحسب لها حسابا.

الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى