
لندن – متابعة الوعل اليمني
أكد مركز أبحاث بريطاني أن اعتماد إسرائيل الكامل على الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب يعكس تفسيراً عملياً لإفلاتها المستمر من العقاب، خصوصاً بعد أشهر قليلة من إعلان “وقف إطلاق النار” في غزة، وهو مصطلح وصفه المركز بأنه مضلل. وأوضح تقرير مركز “أوبن ديموكراسي” في لندن أن الشهداء الفلسطينيين في غزة وقطاعاته المختلفة كانوا ضحايا مباشرة لغارات المقاتلات والطائرات المسيرة الإسرائيلية، التي استهدفت المباني والأنقاض والخيام، ما أسفر عن خسائر بشرية ومادية جسيمة.
وأشار التقرير إلى تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التي أكد فيها استعداد إسرائيل للانتقال إلى المرحلة التالية من خطة ترمب، رغم ما تفيد به بعض المصادر الأمريكية من تغييرات في مضمون الخطة نفسها.
وفي هذا السياق، أوردت صحيفة فايننشال تايمز أن توني بلير أُقيل بهدوء هذا الأسبوع من “مجلس السلام” التابع لترمب، وهو مجلس تكنوقراطي يشرف على إدارة غزة، وكان من المتوقع أن يلعب بلير دوراً مركزياً وربما قيادته، لكن اعتراض بعض الدول العربية والإسلامية على مشاركته في الهجوم الأمريكي على العراق عام 2003 جعله مرشحاً غير مناسب.
وأوضح التقرير أن نتنياهو أظهر ثقة كبيرة بنفسه، إذ تصرفت إسرائيل في عدة مناسبات دون أي مساءلة، فقد ضمّت عملياً أكثر من نصف قطاع غزة، ما أجبر نحو مليوني فلسطيني على العيش في شريط ضيق من المناطق الحضرية المدمرة، المعروف بالمنطقة الحمراء، بينما تحتل قوات الاحتلال المنطقة الخضراء التي تشكل 58% من مساحة القطاع، وتشير أعمدة خرسانية صفراء إلى الحد الفاصل بين المنطقتين، والذي يعتبره الجيش الإسرائيلي بالفعل الحدود الجديدة مع غزة.
وكشف التقرير عن قيام إسرائيل بالتجسس على القوات الأمريكية في مركز التنسيق المدني العسكري في كريات جات جنوب إسرائيل، على بعد 20 كيلومتراً فقط من غزة، منذ 10 أكتوبر الماضي، وهو المركز المسؤول عن مراقبة وقف إطلاق النار. وفي الضفة الغربية والقدس، يبدو أن الجيش والشرطة الإسرائيلية يتمتعان بحرية مطلقة في التعامل مع الفلسطينيين، ومن أبرز الأمثلة قتل فلسطينيين اثنين رمياً بالرصاص بعد استسلامهما.
وأضاف المركز أنه منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة قبل عامين، استشهد أكثر من ألف فلسطيني في الضفة الغربية، وأُجبر نحو 32 ألف شخص على مغادرة منازلهم في مخيمات اللاجئين شمال الضفة الغربية خلال الأشهر الـ12 الماضية، فيما يواجه حالياً 34 عائلة على الأقل، يبلغ مجموع أفرادها 175 شخصاً، خطر الإخلاء من منازلهم في منطقة بطن الهوى بالقدس على يد مستوطنين.
وقالت منظمة “أنقذوا الأطفال” في بيان الشهر الماضي إن اعتداءات الجيش أجبرت مجتمعات بأكملها في شمال الضفة الغربية على البقاء في منازلهم، مما أدى إلى حرمان الأطفال من الدراسة، وزيادة خطر العنف الجسدي، وتعريض دخل الأسر للخطر، واحتجاز الأطفال من قبل الجيش الإسرائيلي. وأكدت المنظمة أن مستقبل جيل كامل مهدد، محذرة من آثار كارثية للأطفال الفلسطينيين بسبب القيود على المساعدات، وعنف المستوطنين، وهدم المنازل، ومصادرة الأراضي، وتدمير البنية التحتية.
وأشار المركز إلى صعوبة تصور نهاية سريعة للوضع الفلسطيني، خصوصاً مع إصرار نتنياهو على البقاء في السلطة على الأقل حتى الانتخابات العامة المقبلة، مؤكداً أن تبعات الحرب في غزة ستكون طويلة الأمد ومتعددة الأجيال. كما لفت إلى تقرير نشرته صحيفة لوموند ديبلوماتيك هذا الشهر، مفاده أن أغلبية الأمريكيين لم تعد تؤيد عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة، ولأول مرة، أصبحت نسبة تأييد الفلسطينيين أكثر من دعم إسرائيل، ما يعكس تحولاً في الرأي العام الدولي تجاه النزاع. وفي الوقت الحالي، تبقى ثقة نتنياهو بدعم ترامب ثابتة، إلا أن موقف الرئيس الأمريكي قد يتغير فجأة إذا شعر أن سمعته المحلية مهددة.






