قال رئيس الوزراء معين عبد الملك، إن خريطة طريق يتم بحثها للحل في اليمن قد تستمر عامين، لافتاً إلى أن الزخم الدبلوماسي المتصاعد حالياً يضع الحوثيين مجدداً أمام استحقاقات السلام.
وأضاف في حوار مع صحيفة “العربي الجديد”، نشرته يوم أمس الإثنين: أن تحقيق السلام يتطلب التمسك بالآليات المتوافق عليها محلياً والمؤيدة دولياً وهي المرجعيات الثلاث بما يضمن حلولاً مستدامة، موضحاً أنه إذا استمر الحوثيون في تعنتهم ورفضهم للحل السياسي، “فإن الدولة لديها خيارات وبدائل مطروحة”.
وحول الخلاف بين الحكومة ومجلس النواب بشأن المصادقة على إنشاء شركة اتصالات مع الإمارات، قال رئيس الحكومة اليمنية إن تحرك مجلس النواب جاء “بناء على معلومات مغلوطة”، موضحاً أن الحكومة كانت شفافة في تعاملها مع الأمر وأن لا شيء يمكن أن يمر من دون موافقة كافة الأطراف.
وأرجع عبدالملك الانتقادات التي توجه لحكومته من مختلف الأطراف إلى أن وسائل “الإعلام لكثير من هذه المكونات (التي توجه الانتقادات) والأذرع التي تشكلت، أقوى من إعلام الدولة، وهذه إشكالية حقيقية، وهذا جزء كبير من زيادة هذه الحملات”.
واعتبر عبدالملك أنه “من الطبيعي أن تكون السياسات التي تقوم بها الحكومة أو الإجراءات لن تكون مفضلة لهذا التيار أو ذاك”، مضيفاً أن “ما يحصل هو ديناميكية قد تساعدنا على أن نكون أكثر صلابة، ولا نريد أن نصل إلى مؤسسات هشة يمكن أن تتغير تحت أي موجة ضربات إعلامية، وليس لدينا هذه الرفاهية”.
وحول سؤال: هل هناك توجه لتعديلات في الحكومة خلال الفترة القادمة؟، قال عبدالملك: هذا الأمر مطروح وتتم مناقشته مع رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي.
اقتصادياً، قال رئيس الوزراء إن “هناك إمكانية لتلبية الالتزامات الحتمية، لكن الإشكالية في محدودية قدرة الحكومة على التحرك في ملفات بالحد الأدنى تتعلق بتدخلات تنموية معينة”، مشيراً إلى أن حكومته يمكنها تجاوز الالتزامات الحتمية والصمود خلال الأشهر الثلاثة القادمة.
فيما يلي نص الحوار:
- كيف تابعت الحكومة اليمنية اللقاءات التي تمت مؤخراً في الرياض بين السعوديين والحوثيين، هل اليمن على مقربة من السلام الدائم؟
هناك دور أخوي من الأشقاء في المملكة العربية السعودية، وهو جاد وصادق في هذه المرحلة لمساعدة اليمنيين على استعادة دولتهم، ونتمنى أن ترسخ هذه اللقاءات مسار سلام يخدم اليمنيين، وليس من السهل التكهن بمخرجات هذه اللقاءات، وخريطة الطريق التي يتم مناقشتها قد تستمر لعامين، لأن الإشكاليات معقدة، والقضايا أجندتها طويلة أيضاً.
ونؤكد دائماً في الدولة والحكومة ترحيبنا بجهود السلام، لكننا في ذات الوقت ندرك مدى كذب وخداع ومراوغة مليشيا الحوثي الإرهابية، وتجاربنا معها طويلة من مشاورات الكويت وبيرن واتفاق استوكهولم، ونرى أن الزخم الدبلوماسي المتصاعد حالياً يضع المليشيا الحوثية مجدداً أمام استحقاقات السلام القائم على إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة والحقوق والديمقراطية وإنهاء المعاناة الإنسانية التي تسببت بها.
- ما هي رؤيتكم في الحكومة لتحقيق السلام وطريقة الوصول إليه؟
هناك جهود مبذولة من قبل الأشقاء في السعودية وسلطنة عمان وبدعم من المجتمع الدولي، نعول عليها ورؤيتنا أن تحقيق السلام يتطلب التمسك بالآليات المتوافق عليها محلياً والمؤيدة دولياً، وهي المرجعيات الثلاث بما يضمن حلولاً مستدامة، فهذه المرجعيات ينبغي أن تكون في قلب أي اتجاه نحو السلام وإلا سيكون جهد دون عنوان للدولة ومؤسساتها.
وينبغي أن يؤسس السلام هذا لتخفيف المعاناة الإنسانية في حياة وتنقل وحرية المواطنين وتجاوز الأزمات الاقتصادية، وإلا لن يجد هذا السلام أي دعم من الشعب، وهذا أمر خطير.
- تقول الحكومة إنها تتعامل بإيجابية مع كل دعوات ومبادرات السلام، لكن ألا يوجد لديكم استراتيجية أو رؤية للتعامل مع إصرار الحوثيين على عدم تطبيق ما يتم الاتفاق عليه في المفاوضات؟
ينبغي التعلم من جهود السلام السابقة وأسباب فشلها لتجنب تكرار ذلك، وما يميز هذه الدورة من الجهود هو الانخراط الإقليمي في الوساطة والجهود الكبيرة المبذولة من السعودية كوسيط وتدخل سلطنة عمان كوسيط والدعم الدولي الكبير، لكن الأهم من هذا هو جدية مليشيا الحوثي لو توفرت هذه الجدية ووضعت المليشيا اليمن كأولوية لكنا أنهينا هذه الحرب منذ زمن طويل. حتى منذ بداية الهدنة، فوّت الحوثيون فرصاً كبيرة، وعوضاً عن الاتجاه نحو السلام توجه لتدمير قدرات الاقتصاد الوطني وبينها الاستهداف الإرهابي لمنشآت تصدير النفط الخام.
وإذا استمرت
ت مليشيا الحوثي في تعنتها ورفضها للحل السياسي فنحن في الدولة والحكومة ومعنا الشعب اليمني لدينا خيارات وبدائل مطروحة، فلن يقبل الشعب اليمني العودة الى ما قبل الدولة مهما كان الثمن، وسيحافظ على الثوابت والمكتسبات الوطنية وفي مقدمتها النظام الجمهوري والمواطنة المتساوية والديمقراطية والحقوق والحريات.
- أعلنتم سابقاً أن هذا العام هو الأصعب مالياً عقب استهداف ميناء الضبة النفطي، هل أنتم قادرون على تلبية الالتزامات الرئيسية خلال ما تبقى من العام؟
هناك إمكانية لتلبية الالتزامات الحتمية، لكن الإشكالية في محدودية قدرة الحكومة على التحرك في ملفات بالحد الأدنى تتعلق بتدخلات تنموية معينة، لأنه لا يمكن للدول أن تستمر في دفع المرتبات وتشغيل البنى التحتية بدون صيانة أو استثمارات بالحد الأدنى، وهذه الإشكالية الكبيرة التي تواجه الحكومة مع توقف الإيرادات جراء ضربات النفط الخام، وامتصاص هذه الصدمة بعدد من الإجراءات، لذلك هناك قدرة على الصمود.
- إلى أي مدى يمكن لهذا الصمود أن يستمر؟
خلال الأشهر الثلاثة القادمة أعتقد أننا سنتجاوز الأمر، وأنا اتحدث هنا عن النفقات الحتمية، وفي نفس الوقت الحفاظ على مستوى سعر الصرف، لأن هذا ما يهم المواطن بشكل كبير، على أن نستطيع جذب عدد من التمويلات اللازمة، فنحن أمام تحدي المحافظة على دفع المرتبات وسعر الصرف وعلى الحد الأدنى من الخدمات التي يمكن أن تكون في الشتاء أفضل، لذلك لدينا أمد جيد خلال الأشهر القادمة.
- هل يمكن أن تصلوا إلى مرحلة عدم القدرة على تسديد الرواتب خلال الفترة القادمة؟
على المدى المنظور نستطيع ذلك حتى نهاية العام الحالي، ونعمل على زيادة الموارد من مصادر أخرى وإيجاد التمويلات اللازمة للمساعدة في هذا الجانب.
- الازدواج الوظيفي والكشوفات الوهمية من أكبر الثقوب التي تلتهم الموازنة العامة، هل هناك تصحيح في هذا الجانب؟
الجهاز المدني تحت سيطرة الحكومة لم يتعرض لتشوهات كبيرة، لكن نحن نعمل على مسألة الوظائف الوهمية، وهناك ترتيبات معينة في مسألة التحويلات عبر البنوك، وهناك الكثير من الموظفين الذين خرجوا إلى التقاعد لم نقم بتوظيف بدلاء لهم بسبب الحرب، لكن الازدواج موجود ما بين الجيش والأمن، وهذا الأمر جزء من الإصلاحات التي اتفقنا مع الأشقاء في السعودية عليها وهي إصلاحات ستأخذ وقت، هناك تشوهات حصلت بسبب الحرب، وهذا الملف كان شائكاً حتى في صنعاء والحكومة تعمل على هذا الملف.
- هناك حملات كبيرة ضد الحكومة ومن أطراف عدة، لكن رغم كل هذه الحملات تستمرون على رأس هذه الحكومة، هل هناك حصانة إقليمية كما يقال لشخص معين عبد الملك؟
الحصانة الإقليمية لا تحافظ على الحكومات، لكن المتغيرات الداخلية هي ما يحافظ عليها، وأعتقد أن الوضع الصعب لتشكيل الحكومات، هو الذي عمل على صمود هذه الحكومة، لكن هل هذا هو السبب أن الحكومة غير قادرة أن تؤدي وتتحمل المسؤولية ومع ذلك لا يمكن تغيير الحكومة؟ لا بالعكس، ما يحصل هو نتاج متوقع لأن الهجوم على الحكومة يأتي من تيارات مختلفة، من اليمين واليسار، وكل مرة في مواسم، البعض لها قضايا معينة تتعلق ببيانات مغلوطة، والجميع شاهد هذا الأمر على مدى سنوات كثيرة.
هناك أمور نصارح فيها الرأي العام، وأمور تصل إلى الذروة، ومؤخراً تابع الجميع الأمر من زاوية تقرير مجلس النواب، وتم معالجة هذا الأمر وترتيب الردود من الحكومة وهذا جزء من الشفافية، مع أن التقرير لا يتناول ملفاً واحداً محدداً وإنما عدة ملفات بشكل عام، وبشكل مطلق، ومع ذلك، لم يكن هناك مشكلة لدى الحكومة للتعامل مع هذا الأمر بالتوازي مع الوضع الداخلي، لأننا لا نريد أن يصل الأمر إلى صراع بين مؤسسات الدولة، وفي المحصلة، من يحكم في اليمن ليس تياراً واحداً، بل هناك تيارات كثيرة.
- لكن هناك انتقادات حقيقية موجهة للحكومة في هذا الإطار؟
هناك فرق بين نقد حقيقي للحكومة وبين معلومات مغلوطة تؤثر في الرأي العام، وفي الأخير الإعلام لكثير من هذه المكونات والأذرع التي تشكلت أقوى من إعلام الدولة، وهذه إشكالية حقيقية، وهذا جزء كبير من زيادة هذه الحملات، بدون أن يكون هناك استجابة سريعة من الحكومة لتوضيح الكثير من الأمور، وأساس هذه الحملات هو خلق موجة إحباط، أو في بعض الأحيان ضغوط، لتمرير شيء معين.
أمر طبيعي أن ما تقوم به الحكومة لا يعجب بقية المكونات، في ظل التنوع الكبير في الساحة السياسية أو حتى في مجلس القيادة الرئاسي، ومن الطبيعي أن تكون السياسات التي تقوم بها الحكومة أو الإجراءات لن تكون مفضلة لهذا التيار أو ذاك، فما يحصل هو ديناميكية قد تساعدنا على أن نكون أكثر صلابة، ولا نريد أن نصل إلى مؤسسات هشة يمكن أن تتغير تحت أي موجة ضربات إعلامية، وليس لدينا هذه الرفاهية، والأمر لا يتعلق بشخص رئيس الوزراء أو أي وزير، وإنما يتعلق بالعمل في هذه المرحلة التي هي من أصعب فترات البلد، وهي مرحلة كمن يمشي في حقل ألغام.
العربي الجديد