ملف “المقاتلين العالقين” في رفح يتصدر مفاوضات التهدئة الجديدة
يأتي الحديث عن وضع عناصر حركة حماس في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة في صدارة التطورات الميدانية والسياسية المتعلقة باتفاق وقف إطلاق النار الأخير، خصوصاً مع التركيز الدولي على مصير المقاتلين العالقين في المنطقة الحدودية.
تشير التقارير إلى أن هناك حوالي 200 مقاتل من حركة حماس، إضافة إلى عناصر من فصائل فلسطينية أخرى، لا يزالون متواجدين في مناطق محددة من رفح، وتحديداً في محيط منطقة الحدود المصرية، منذ بدء الهجوم الإسرائيلي على المدينة.
تكمن حساسية هذا الملف في أن مصير هؤلاء المقاتلين أصبح جزءاً من تفاوض معقد يجري حالياً عبر الوسطاء، يربطه مراقبون مباشرة بمسألة تبادل الأسرى والرفات، ومن ضمنها عملية تسليم جثة الضابط الإسرائيلي هدار غولدن التي تمت اليوم.
وتطالب حماس بضمانات لسلامة هؤلاء المقاتلين، ومرور آمن لهم بعيداً عن الاستهداف الإسرائيلي. بينما تضغط إسرائيل لضمان عدم خروجهم بشكل يمثل “انتصاراً” لحماس أو يهدد أمنها المستقبلي، وتسعى في الوقت نفسه إلى استغلال الملف لتحقيق مكاسب في ملف الرهائن المتبقين.
في سياق متصل، أشارت تقارير إلى أن رئيس الأركان الإسرائيلي السابق، إيال زامير، كان قد طرح مبادرة تقضي بـ”السماح بالنظر في مرور المقاتلين العالقين” في رفح، مقابل تسليم رفات هدار غولدن.
ورغم أن تسليم غولدن تم بالفعل اليوم، فإن مصادر مطلعة أفادت بأن إسرائيل تراجعت عن هذا العرض لاحقاً، في ظل ضغوط داخلية تطالب بعدم تقديم أي تسهيلات لحماس دون تحقيق تقدم موازٍ في ملف الرهائن الأحياء.
وبدلاً من ذلك، تطالب إسرائيل بضرورة نقل المقاتلين إلى الشمال في حال السماح بمرورهم، بينما ترفض حماس هذا الاقتراح وتصر على حق مقاتليها في الحركة الحرة داخل القطاع.
على الصعيد الميداني، أفادت مصادر إعلامية فلسطينية أن الاتفاق الأخير لوقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في وقت سابق، يفرض قيوداً على تحركات المقاتلين الفلسطينيين في بعض المناطق في رفح ويقضي بانسحابهم من نقاط التماس.
ومع ذلك، فإن وجود هذا العدد الكبير من المقاتلين في منطقة جغرافية ضيقة يمثل تحدياً لوجستياً وأمنياً كبيراً في ظل استمرار التوترات والضغوط على المنطقة الحدودية بين مصر وقطاع غزة. وتؤكد مصادر قيادية في حماس أن المقاتلين الموجودين في رفح يتمتعون بـ”قيادة موحدة” وبنية تحتية “قادرة على الصمود”، رغم الحصار والتهديدات.
ويشير تحليل نشرته صحيفة التايمز الأمريكية إلى أن واشنطن تتابع ببالغ القلق ملف المقاتلين العالقين، وترى فيه عاملاً قد يؤدي إلى نسف اتفاق وقف إطلاق النار بالكامل في حال فشل التوصل إلى صيغة تضمن خروجهم بشكل مقبول من الطرفين.
وتؤكد المصادر أن الاتصالات المكثفة مستمرة مع القاهرة والدوحة لإيجاد حل “إنساني وأمني” يضمن إجلاء المقاتلين بأمان، أو على الأقل إبعادهم عن محيط منطقة التوتر الحدودي، وربما نقلهم بشكل مؤقت إلى أماكن آمنة جنوب القطاع، وذلك بعيداً عن التهديدات الإسرائيلية التي تستهدف أي تجمعات عسكرية لحماس.







