“مودي” صورة الصنم.. تتحطم!!

حسن قطامش
حسن قطامش

إن الهند لديها عدد قليل جدًا من القادة.. والكثير من البهلوانات!!

اختار الكاتب الأمريكي “روبرت فورسيث وورث”1 ليشير إلى قصة (الفشل الكبير) لرئيس الوزراء الهندي “ناريندرا مودي”، وذلك في المقال المنشور مؤخرًا في مجلة أتلانتيك الأمريكية بعنوان: (فشل مودي.. لماذا فقدت الهند الثقة في زعيمها القوي؟!).

وهذه العبارة قالها “سعدات حسن مانتو” أحد أشهر الشخصيات الأدبية في شبه القارة الهندية في النصف الأول من القرن العشرين.

لقد اعتمد “مودي” الذي قاد الهند لأكثر من عقد من الزمن، في رسم صورته كقائد وتعزيز شعبيته كبطل هندوسي على خليط من: القومية الهندوسية المتطرفة، والرمزية الدينية، والوعود الاقتصادية، لكن هذه “الصورة” بدأت في التشقق، حيث أصبح الهنود أكثر إدراكًا للفجوة الهائلة بين (الخطاب الوردي) لـ”مودي” و(الواقع البائس) الذي يعيشونه على كافة مناحي الحياة.

يقول الكاتب ساخرًا: «يبدو أن العديد من الهنود قد سئموا من أسلوب “مودي” الاستعراضي، وازداد إحباطهم من إخفاقاته الكثيرة، قد يكونوا فخورين بالنمو الاقتصادي الأسطوري للهند، الذي لم يصل إليهم حتى الآن!! وخلال الأسابيع التي أمضيتها في الهند العام الماضي، اكتشفت مستويات من الإحباط والغضب تختلف بشكل كبير عما سمعته في زياراتي السابقة، حول الوظائف المفقودة والمدارس الفاشلة والهواء الملوث والمياه المسمومة».

يبدأ المقال بمشهد ذات دلالة رمزية في يناير 2024، حيث كان يقف “مودي” أمام نخبة هندية مختارة بعناية في مدينة “أيوديا” بولاية “أوتار براديش”، لتدشين (معبد رام) الذي لم يكتمل بعد، يُظهر المشهد “مودي” كشخصية مركزية في مشروع قومي هندوسي، حيث تم تدشين بناء هذا المعبد على أنقاض (المسجد البابري) الذي هدمه متطرفون هندوس في 1992، وهي إحدى “الإنجازات العظيمة” التي يفتخر بها “مودي” لتعزيز مكانته كـ”بطل هندوسي” حيث اعتبرها لحظة تاريخية تعكس نهضة الهند وهويتها الهندوسية.

المقال يقدم تحليلًا نقديًا لمسيرة “ناريندرا مودي”، مبينًا كيف أن شعبيته بدأت تتآكل بسبب الفجوة بين خطابه الشعبوي القائم على القومية الهندوسية والبعد الديني، والواقع الاقتصادي والاجتماعي الصعب، ويسلط الضوء على الادعاءات الرسمية بنمو اقتصادي أسطوري في الهند، ويؤكد أن هذا النمو لم يصل إلا إلى فئة محدودة من الشعب البالغ عدده 1.5 مليار هندي.

بدأت قصة “ناريندرا مودي” السياسية الكبرى مع توليه السلطة كرئيس وزراء للهند في عام 2014، في وقت كان فيه المشهد السياسي الهندي يشهد تحولات جذرية، تميزت فترة توليه بالاستفادة من قوة حزب “بهاراتيا جاناتا” ودعم المنظمات القومية الهندوسية، وعلى رأسها منظمة (RSS) الهندوسية المتطرفة، التي لعبت دورًا محوريًا في تشكيل مسيرته وصورته كرمز للتغيير الوطني.

منذ بداياته، ارتبط اسم مودي بعالم منظمة (RSS) التي تُعتبر من أبرز القوى الداعمة للفكر الهندوسي المتطرف، حيث كان لهذا الارتباط تأثير كبير على الخطاب السياسي الذي تبناه خلال حملاته الانتخابية، مؤطرًا السياسات التنموية والاقتصادية برؤية تحمل طابعًا دينيًا عنصريًا متشددًا، واُستُخدمت الرموز والمعتقدات الهندوسية كأداة لجذب الدعم الشعبي، ما أدى إلى إعادة تشكيل الهوية الوطنية بطريقة أثارت الكثير من الجدل والانتقادات داخليًا وخارجيًا.

رغم أن “مودي” نجح لسنوات في توجيه الرأي العام من خلال “خطاب شعبوي” مؤثر، فإن الواقع الاقتصادي الصعب بدأ يقوّض هذا التأثير، فلم يعد الناخبون يتأثرون بتلك الشعارات القومية، وبدأت المطالب الملحة بتحسين الخدمات وفرص العمل تفرض نفسها على المشهد السياسي، وانعكس ذلك في الانتخابات الأخيرة حيث تراجع حزبه بشكل ملحوظ وفقد الأغلبية المطلقة التي كان يتمتع بها.

لطول المقال (قرابة 8000 كلمة) سوف أستعيض عن الترجمة الكاملة بعرض خلاصة وافية حتى تعم الفائدة ولا يمل القارئ من الإطالة، وهي من نص كلام الكاتب.

تزييف الصورة لمآرب أخرى:

فشل مودي:

يرجع جزء كبير من شعبية “مودي” إلى خلفيته الشخصية المتواضعة، إذ وُلد في أسرة فقيرة وكان ابن بائع شاي من إحدى الطبقات الدنيا، وقد استغل “مودي” تلك الخلفية لتقديم نفسه كبطل شعبي يتفهم معاناة المواطن العادي، معتمدًا على صورة الرجل الزاهد الذي يقضي أيامه في العمل الجاد دون ملذات الحياة، ورغم أنه تزوج في سن مبكرة وفقًا للتقاليد الاجتماعية، إلا أنه سرعان ما أعلن عن أنه يعيش حياة أعزب، مما زاد من جاذبيته لدى شرائح الشعب التي ترى فيه رمزًا للتحدي والتمرد على النظم التقليدية.

تُجسد هذه الخلفية الشخصية تحوّل “مودي” من شخص عادي إلى زعيم قومي استطاع أن يلعب على وتر مشاعر الشعب، إذ كان قادرًا على تجسيد قصة نجاح تُحاكي تطلعات كل من يشعر بالظلم الاجتماعي والاقتصادي، ولعل هذا هو السبب في أن العديد من الهنود، رغم التحديات والصعوبات التي تواجههم، وجدوا في “مودي” أملًا جديدًا للانتفاض ضد النظام القديم الذي طالما اعتبروه فاسدًا وغير قادر على تلبية احتياجاتهم.

لم يكن نجاح “مودي” على المستوى الداخلي ممكنًا دون الاستفادة القصوى من وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، فقد تم استخدام التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي لإنتاج محتوى دعائي يكرس صورة “مودي” كزعيم قادر على إعادة بناء الأمة، في المقابل، لعبت وسائل الإعلام التقليدية دور المراقب والناقد، مسلطة الضوء على الفجوة بين الوعود الكبيرة والواقع المعيشي للمواطنين.

أسفرت هذه المعركة الإعلامية عن مشهد إعلامي متضارب، ففي الوقت الذي انتشرت فيه رسائل الدعم والتأييد عبر الحملات الرقمية، تكشّفت أيضًا حالات الفساد وسوء تنفيذ المشاريع التنموية في تقارير متعددة، هذا التباين ساهم في تشكيل رأي عام متقلب، حيث تبادلت الجماهير الثناء والنقد، مما جعل الخطاب السياسي أكثر تعقيدًا وحساسية.

البناء الهندوسي.. على أنقاض الإسلامي:

هدم مسجد بابري

على تلك المنصة في مدينة “أيوديا” بولاية “أوتار براديش”، استغل “مودي” الرموز الدينية ليقدم رؤية جديدة للهند، إذ وصف المعبد الذي يتكون من سبعة أضرحة وقبة يصل ارتفاعها إلى 160 قدمًا، ويحتضن تمثال (الإله الهندوسي رام) المُنحوت من الحجر الأسود والمزين بالجواهر، بأنه دليل حيّ على انتصار الهند على “عقلية العبودية”، لم يذكر “مودي” أن الموقع الذي بُني عليه المعبد كان وراءه قصة مؤلمة تتعلق بهدم (مسجد بابري) الذي يعود للقرن السادس عشر على يد متطرفين هندوس، ما أثار لهيب الاحتجاجات لسنوات طويلة.

وقد ربط “مودي” هذا المشروع برؤية أوسع للمستقبل، إذ تحدث عن قوة الهند الاقتصادية المتزايدة، وأسطولها البحري المتنامي، وبرامجها الطموحة في استكشاف الفضاء، مؤكدًا أن هذه الإنجازات ما هي إلا انعكاسٌ لإمكانات شعب يبلغ عدده حوالي 1.5 مليار نسمة، وفي خطابه المهيب، قال: «ستتذكر الأجيال بعد ألف عام جهودنا في بناء الأمة اليوم»، مُبرزًا بذلك إرادته في إعادة صياغة الهوية الوطنية لتصبح قائمة على مبادئ الهوية الهندوسية.

إن ارتفاع وتيرة اضطهاد للمسلمين في الهند، هي إحدى صور فشل “مودي” في الحكم، والأمر الأكثر إثارة للدهشة في زيادة وتيرة عمليات إعدام المسلمين خارج نطاق القانون خلال العقد الماضي ليس عدد الحالات بقدر ما هو موقف الحكومة، فقد تعامل المسؤولون المحليون مع القتلة المشتبه بهم بقتل المسلمين.. كأبطال.

هناك سلسلة من الوقائع التي توثق منهجية الدولة في استخدام العنف الطائفي ضد المسلمين، فمثلا في عام 2002، وبعد حادثة حريق قطار في ولاية “جوجارت” التي كان يحكمها مودي في ذلك الوقت، ومات فيها 57 من الحجاج الهندوس، وتم إلقاء التهمة على المسلمين وقتل منهم أكثر من ألف إنسان، حينها وجد “مودي” نفسه في موقع يفرض عليه الدفاع عن سياساته ومواقفه، وبينما تم تصويره كحامي للشعب الهندوسي في مواجهة التوترات الطائفية، شهدت تلك الفترة تصاعدًا في حملات التعصب الديني التي أدت إلى اعتداءات طائفية عنيفة كثيرة ضد المسلمين، ورغم أن مودي نفى أنه أعطى تعليمات صريحة بعدم تدخل الشرطة لمنع تفشي الاعتداءات، إلا أنه كان من الواضح أن التردد الحكومي في منع الاعتداءات على المسلمين لم يكن مجرد صدفة، بل كان جزءًا من منهجية متبعة أدت إلى تشجيع بعض عناصر قوات الشرطة المحلية على الانخراط في أعمال عنف مبررة بخطاب قومي متطرف.

هذا الموقف الرسمي خلق بيئة سمحت بتصاعد التطرف؛ إذ أصبح يُنظر إلى من يُنفذ هذه الأعمال بصفتهم “أبطالًا قوميين” بدلاً من معاقبة منتهكي القانون. وبذلك، لم تعد مسألة حماية القانون والعدالة أولى أولويات الدولة، بل تحول النقاش إلى احتفال رمزي بالانتصارات القومية، تجسّدها مثلًا (معبد أيوديا) الذي بُني على أنقاض (مسجد بابري)، هذا التحول، ليس مجرد تغيير في البنية المادية، بل هو أيضًا تغيير جذري في قيم المجتمع وسياساته، حيث يُفضّل التضحية بحقوق الإنسان والتعددية مقابل تعزيز خطاب الوحدة الوطنية على أسس دينية ضيقة.

هناك حجم كبير من الظلم المنهجي الذي تعرض له المسلمون، وقد كان الخطاب الرسمي والمواقف الحكومية عاملًا رئيسيًا في تمكين المعتدين، وتم تغييب العدالة في كثير من الحالات.

وبعد تولي “مودي” رئاسة وزراء الهند تم ترسيخ السياسات التي تعتمد على الخطاب الديني المتطرف والهوية القومية الهندوسية، واستُخدم الخطاب الديني كأداة سياسية لجذب الأصوات وإعادة صياغة الهوية الوطنية، ما أسهم في تعميق الانقسامات الطائفية داخل المجتمع، ويتجلى أحد أبرز هذه المواقف في الاحتفالات التي أقيمت بـ(معبد أيوديا)، والذي بُني على أنقاض (مسجد بابري)، في صورة رمزية أخرى للتهميش التاريخي الذي لحق بالمسلمين.

إن إرث “مودي” يتسم بتناقض صارخ، ففي حين يحاول رسم صورة لقوة وطنية صاعدة، فإن السياسات التي اتبعتها حكومته، سواء في “جوجارات” أو على المستوى الوطني، أدت إلى وقوع انتهاكات جسيمة ضد المسلمين، واستخدام الدين كوسيلة لتعزيز الانقسامات بدلًا من حماية الحقوق المدنية، هذا التباين بين الوعود الانتخابية والواقع المأساوي للحقوق يجعل من النقد الموجه لإرث “مودي” صرخة ضد التجاوزات التي تعرض لها المسلمون، ما يطرح تساؤلات جذرية حول مستقبل الديمقراطية والعدالة في الهند.

تغييب الوعي بالشعارات الدينية

مودي يخطب في افتتاح معبد رام

على الرغم من أن خطاب “مودي” في مدينة “أيوديا” بولاية “أوتار براديش”، في حفل تدشين (معبد رام)  تم بثه على شاشات التلفزيون أمام عشرات الملايين من الهنود، إلا أن ردود الفعل لم تكن موحدة، فقد وجد مؤيدو “مودي” في هذا المشروع رمزًا للنهضة الوطنية، بينما رأى آخرون أنه مجرد تغليف سياسي يخفي خلفه سياسات اقتصادية وإدارية أثبتت فشلها في تحسين معيشة المواطن العادي.

ومن بين هؤلاء كان “لوف شوكلا”، البالغ من العمر 42 عامًا ويعيش في بلدة صغيرة على أطراف “أيوديا”، تحدث “شوكلا” مع كاتب المقال أثناء جلوسهما خارج متجر إلكتروني صغير كان يديره منذ أن كان في السادسة عشرة من عمره، أوضح “شوكلا” كيف تحول من داعم متعصّب لحزب “بهاراتيا جاناتا” منذ تولّى مودي السلطة عام 2014 إلى معارضٍ له في انتخابات 2024، مستنكرًا السياسات التي تبناها النظام؛ مشيرًا إلى أنه بعد سنوات من الثقة المطلقة، بدأ يشعر بأن السياسات التي تركز على “حماية الرموز الدينية مثل الأبقار”، التي تُعتبر بالنسبة للهندوس رمزًا للنعمة الإلهية، أصبحت مصدرًا للفساد والانحراف، إذ تُترك الأبقار للتجوال دون رقابة وتُستنزف الأموال المخصصة لحمايتها دون تحقيق النتائج المرجوة.

كان “مودي” قد صاغ خطابًا يجمع بين الطموحات الاقتصادية والرموز الدينية بطريقة جعلت من مشروع المعبد في “أيوديا” إعلانًا عن تجديد الهوية الوطنية، ففي حين كانت الهند تُعرف سابقًا بكونها “دولة علمانية” تجمع بين مكونات دينية متعددة، سعى “مودي” إلى إعادة رسم معالم الهوية الوطنية لترتكز على مبادئ “الهوية الهندوسية”، متجاهلًا حقيقة أن البلاد تضم أكثر من 200 مليون مسلم، في ذلك السياق، اعتبر “مودي” أن الطريق إلى العظمة يكمن في استرجاع الماضي الهندوسي وإبراز دوره في تكوين الأمة.

لم يكن هذا التحول مجرد قرار شكلي، بل جاء في ظل سلسلة من الإجراءات والسياسات التي تبناها النظام، منها إعادة كتابة المناهج الدراسية لتسليط الضوء على التراث الهندوسي، وتقليص الإسهامات التي قدمها المسلمون في بناء الهوية الوطنية2 ورغم أن هذه الإجراءات قد فُسرت من قبل البعض على أنها محاولة لإحياء التاريخ، فإنها أيضًا أثارت موجة من الانتقادات بأنها تؤدي إلى تفكيك النسيج الاجتماعي وتشويه مفهوم الوطنية الشاملة.

على مدار سنوات طويلة، استثمر “مودي” وزملاؤه في إعادة كتابة التاريخ الوطني لتأكيد دور الهوية الهندوسية في بناء الأمة، فبعد أحداث مثل هدم (مسجد بابري) الذي وقع في أوائل التسعينات، وهي نقطة تحوّل مؤلمة في تاريخ الهند الحديث، سعى مودي إلى استغلال تلك الأحداث لصالحه، معتبرًا إياها بمثابة شهادة على انقسام الشعب الهندي بين الذين ينتمون إلى الهوية التقليدية، وبين أولئك الذين يُعتبرون “وافدين” أو متأخرين عن مسيرة الأمة.

فشل السياسات الاقتصادية والإدارية :

أبقار (مقدسة) تعيق حركة المرور في مدينة فاراناسي المقدسة على نهر الجانج في ولاية أوتار براديش

على الجانب الاقتصادي، لم تكن الوعود الكبيرة التي أعلن عنها “مودي” مجرد شعارات، فقد شرعت حكومته في تنفيذ إصلاحات جذرية كان من أبرزها قرار إلغاء الأوراق النقدية ذات الفئات الكبيرة في عام 2016، وقد جاء هذا القرار في إطار حملة لمكافحة الفساد وغسيل الأموال، إلا أنه خلّف أزمة اقتصادية أثّرت بشكل مباشر على حياة الملايين، خاصة أصحاب الأعمال الصغيرة الذين وجدوا أنفسهم فجأة في مواجهة نقص حاد في السيولة المالية.

كما أن السياسات التي اتبعتها الحكومة لم تقتصر على الجانب المالي فقط، بل تعدتها لتشمل استخدام “النظام القضائي” كأداة سياسية ضد المعارضة، فشهدت تلك الفترة تجميد حسابات بنكية لشخصيات معارضة رئيسية، وفتح قضايا قانونية ضد مرشحين معارضين بارزين، ما أثار تساؤلات حول استقلالية القضاء واستخدامه لتحقيق أهداف سياسية، وفي ظل هذا المناخ السياسي المشحون، أصبحت الثقة في النظام الديمقراطي الهندي تتآكل تدريجيًا بين شرائح واسعة من المجتمع.

قبل أن يصل إلى رئاسة وزراء الهند، كان لـ”مودي” سجل طويل في ولاية (جوجارات) حيث عمل كرئيس للولاية لأكثر من عقد، وهناك، قام بتطبيق إصلاحات إدارية شاملة أدت إلى تحسين بعض مؤشرات النمو الاقتصادي، مما أكسبه سمعة المدير الكفء الذي يستطيع تحويل الأزمات إلى فرص، وقد استخدم نموذج (جوجارات) فيما بعد كأداة دعائية لترويج أفكاره على المستوى الوطني، داعيًا إلى تطبيق نفس السياسات في جميع أنحاء الهند.

لكن مع ذلك، تبيّن أن نجاحات (جوجارات) كانت محدودة النطاق، إذ لم تُتَرجم إلى تحسينات ملموسة في حياة المواطنين في المناطق الريفية والمدن الصغيرة، حيث ظلّت مستويات الفقر والبطالة مرتفعة، وقد أظهر التحليل الاقتصادي أن النمو الذي تحقق في (جوجارات) كان موجهًا بشكل أساسي نحو النخبة والأثرياء، فيما ظلّ المواطن العادي يعاني من تدني مستوى الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم.

وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتحديث البنية التحتية وتحقيق تنمية شاملة، فقد ظهر جليًا فشل السياسات التنموية الوطنية في عدة جوانب أساسية، فمن ناحية التخطيط والتنفيذ، أُطلقت العديد من المشروعات دون إعداد دراسات جدوى شاملة أو تقييم دقيق للاحتياجات المحلية، ما أسفر عن تنفيذ مشاريع لا تتماشى مع واقع المناطق المستهدفة، هذا النقص في التخطيط أدى إلى تأخير كبير في التنفيذ وهدر لمواردَ ضخمة دون تحقيق النتائج المرجوة.

كما كان ضعف التنسيق بين الجهات الحكومية المختلفة عاملًا محوريًا في تفاقم هذا الفشل، إذ تكررت الجهود أو تعارضت، مما تسبب في تضارب الأعمال وإهدار المال العام، وغياب آليات المراقبة والمتابعة المستمرة، ما أدى إلى تعزيز الفساد وسوء الإدارة، فبقيت العديد من المشروعات دون إنهاء أو بجودة متدنية، ما أثر سلبًا على مصداقية السياسات التنموية.

ومن جهة توزيع الموارد، برز الفشل في تركيز الاستثمارات بشكل كبير في المراكز الحضرية والمدن الكبرى على حساب المناطق الريفية والنائية التي تعاني من نقص حاد في الخدمات الأساسية، هذا التفاوت الواضح أدى إلى تفاقم الفجوات التنموية، حيث لم تتلقَ المناطق الأقل حظًا الدعم اللازم لتطوير بنيتها التحتية، ما عزز شعور الإهمال والحرمان بين المواطنين.

كما أثّر التركيز المفرط على المشروعات الكبرى على قطاعات حيوية أخرى مثل التعليم والصحة، إذ أدّى تحويل الميزانيات الضخمة لهذه المشاريع إلى تقليص الموارد المخصصة لتحسين الخدمات الأساسية، نتيجة لذلك، شهدت هذه القطاعات تدهورًا في جودة الخدمات المقدمة، مما زاد من معاناة الفئات الأضعف وأظهر بوضوح أن السياسات التنموية لم تُترجم إلى تحسين ملموس في حياة المواطنين.

يتجلى فشل الاستراتيجيات التنموية الوطنية في سوء التخطيط والتنفيذ، والتوزيع غير العادل للموارد، والتأثير السلبي على الخدمات الأساسية، ما يستدعي إعادة تقييم جذرية للنموذج التنموي واعتماد سياسات أكثر شفافية وتوازنًا؛ تلبي احتياجات جميع شرائح المجتمع دون استثناء.

فشل السياسات التعليمية والصحية:

شهدت السياسات التعليمية والصحية خلال فترة حكم “مودي” سلسلة من الإصلاحات المعلنة التي كان يُتوقع منها تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، إلا أن التنفيذ العملي لهذه الإصلاحات واجه تحديات جسيمة كشفت عن جوانب الفشل في كلا القطاعين، ففي مجال التعليم، تم إطلاق مبادرات لتحديث المناهج وإدخال التكنولوجيا إلى الفصول الدراسية، إلا أن التنفيذ الفعلي تخلله نقص حاد في التجهيزات وتوزيع غير عادل للموارد، خاصة في المناطق الريفية التي تعاني من قلة الدعم المالي والكفاءات التعليمية المؤهلة، كما أدت ممارسات الفساد وانتشار المحسوبية إلى تحويل جزء من الميزانيات المخصصة للتعليم إلى تحقيق مصالح شخصية، ما أسهم في تراجع مستوى التحصيل الدراسي وزيادة معدلات التسرب من المدارس.

على الجانب الصحي، بالرغم من الإعلانات الضخمة عن مشاريع إنشاء مراكز صحية حديثة وتحديث المرافق الطبية، فإن العديد من هذه المشاريع لم تصل إلى المناطق النائية والمحرومة، مما ترك المواطنين دون الوصول الكافي إلى الخدمات الطبية الأساسية، إضافة إلى ذلك، فإن نقص الكوادر الطبية المؤهلة والمعدات الحيوية، إلى جانب البيروقراطية في توزيع الموارد، شكل عقبة أمام تقديم خدمات صحية فعّالة، تتجلى هذه التحديات في صورة نظام صحي عاجز عن مواجهة الزيادة السكانية والتحديات الاقتصادية، ما يستدعي إعادة تقييم شاملة للنّهج المتبع في كلا القطاعين؛ لضمان تحقيق تنمية شاملة ومستدامة تفي بتطلعات المواطن الهندي.

فشل السياسات البيئية والموارد الطبيعية:

تلوث نهر الجانج في الهند

تشهد السياسات البيئية وإدارة الموارد الطبيعية في الهند جهودًا حكومية للتعامل مع التحديات البيئية الملحة، إلا أن التنفيذ العملي لهذه السياسات غالبًا ما يُظهر قصورًا ملحوظًا أثّر على البيئة وصحة المواطنين، ففي ظل تزايد الضغوط التنموية والاقتصادية، لم تنجح الاستراتيجيات المتبعة في الحد من التلوث أو حماية الموارد الطبيعية بالشكل المطلوب.

على سبيل المثال، يُعد تلوث (نهر الجانج) من أبرز صور الفشل البيئي، إذ تجاوزت مستويات الملوثات في مياهه الحدود الآمنة، ما أدى إلى تعرض صحة الملايين للخطر وتأثر الإنتاج الزراعي الذي يعتمد بشكل كبير على مياه النهر، فقد ثبت أن نِسَب تركيز المواد الكيميائية والبكتيريا الضارة في بعض المناطق تجعل من (نهر الجانج) مصدر قلق بيئي وصحي كبير، في ظل غياب آليات فعالة لمعالجة هذه المشكلة.

كما تواجه الهند تحديات جمّة تتعلق بندرة المياه وتغير المناخ، حيث أدت موجات الحرارة الشديدة وتوالي فترات الجفاف إلى تفاقم نقص المياه في المناطق الحضرية والريفية على حد سواء، هذا النقص لم يقتصر تأثيره على القطاع الزراعي فقط، بل امتد ليؤثر على استقرار الحياة اليومية للسكان، مع ضعف الاستجابة الحكومية في تطوير استراتيجيات متكاملة لإدارة الموارد المائية وتكييفها مع التغيرات المناخية.

كما أن التوسع العمراني والصناعي المتسارع، الذي يُعتبر جزءًا من النمو الاقتصادي، ساهم في تدهور البيئة بشكل ملحوظ، فقد أدى التوسع غير المنظم إلى استنزاف المساحات الخضراء وزيادة انبعاثات الكربون والتلوث الصناعي، ما جعل المدن الهندية تواجه مشاكل بيئية متفاقمة، ورغم الإمكانات الاقتصادية الكبيرة التي تمتلكها الهند، فإن السياسات الحالية لم تُجهز أو تُنفذ برامج متكاملة لتحسين جودة البيئة في ظل النمو العمراني والصناعي، مما يزيد من التحديات المستقبلية في الحفاظ على الموارد الطبيعية.

 فشل سياسي وانتخابي:

تتسم البيئة السياسية في الهند بفترة من التوترات الداخلية والتحالفات الانتخابية التي أدت إلى انخفاض الثقة الشعبية في النظام، فقد أضعفت هذه التوترات استقرار الحكومة وأثرت سلبًا على تصور المواطن لمصداقية القيادة، خاصةً في ظل اعتماد بعض السياسات على أساليب انتخابية تستخدم الدين كوسيلة لجمع الأصوات.

يُعد استخدام الخطاب الديني في الحملات الانتخابية أحد أبرز مظاهر هذه الظاهرة، حيث تم استغلال الرموز والمعتقدات الدينية لتأطير السياسات باعتبارها حماية للهوية الهندوسية، هذا التوجه لم يقتصر على تعزيز صورة “مودي” باعتباره القائد السياسي فحسب، بل ساهم أيضًا في إثارة جدل واسع حول مدى ملاءمة استغلال الدين لتحقيق مكاسب انتخابية، إذ أدى هذا الاستخدام إلى تأجيج الانقسامات الطائفية، حيث أصبح الدين أداة لتأطير النزاعات السياسية بدلًا من كونه عاملًا موحدًا، ما أثر على وحدة المجتمع الوطني وزاد من حدة الاستقطاب.

وفي المقابل، جاءت الانتقادات الداخلية والخارجية لتؤكد أن هذه الاستراتيجيات السياسية لم تثمر عن استقرار أو تقدم، بل أدت إلى تفاقم الفجوات بين مختلف مكونات الشعب، فقد وجّه النقاد في داخل الهند ومن الجهات الدولية انتقادات لاذعة للنموذج السياسي الذي يعتمد على الخطاب الديني، باعتباره انحرافًا عن المبادئ الديمقراطية العلمانية التي قامت عليها الهند، كما أدت التحالفات الانتخابية القائمة على أسس طائفية إلى إضعاف أسس الوحدة الوطنية وزيادة في عدم اليقين حول مستقبل السياسة الداخلية، ما جعل الثقة في قدرة النظام على تطبيق سياسات موحدة ومستقرة في تراجع مستمر.

بهذا الشكل، تُظهر التجربة الهندية أن استخدام الدين كأداة سياسية والتحالفات القائمة على أسس طائفية ليست سوى عوامل أساسية ساهمت في تقويض الثقة الشعبية وإضعاف استقرار النظام السياسي، ما يستدعي إعادة تقييم جذرية للمناهج الانتخابية وتبني سياسات توحد المجتمع على أسس علمانية وشاملة.

على الصعيد الدولي، تواجه سياسات “مودي” إرثًا مزدوجًا، فمن ناحية، تُسهم إنجازات الهند الاقتصادية وتنفيذ مشاريع البنية التحتية الضخمة في ترسيخ صورة الهند كقوة عظمى ناشئة، حيث يُنظر إليها على أنها لاعب رئيسي في الاقتصاد العالمي ومنافس جاد على الصعيد الجيوسياسي، إلا أن هذا التقييم الإيجابي يتعارض مع النتائج السلبية التي أحدثتها سياسات “مودي”، الذي أدى إلى تراجع الثقة لدى المستثمرين الدوليين، فقد أدت السياسات المالية والقضائية الموجهة سياسيًا إلى خلق مناخ متشائم يشكك في استقرار النظام الاقتصادي والهندسي للدولة، ما جعل المستثمرين يتحفظون في ضخ رؤوس أموالهم في السوق الهندي.

وفيما يتعلق بتأثير الخطاب الديني على الديمقراطية، فقد اتخذ “مودي” من الدين أداة رئيسية في تعزيز صورته السياسية، حيث تم استغلال الرموز الدينية والمعتقدات الشعبية لتأطير السياسات الحكومية باعتبارها تجسيدًا لحماية الهوية الوطنية، هذا الاستخدام المكثف للخطاب الديني لم يكن مجرد استراتيجية لجذب الأصوات، بل كان له تأثير عميق على الهيكل الديمقراطي للهند، إذ أدّى إلى تقويض المبادئ العلمانية التي قامت عليها الدولة، وزاد من حدة الانقسامات الداخلية بين المكونات الدينية المختلفة للمجتمع، وبذلك، فإن التركيز المفرط على الخطاب الديني لم يُثبّت فقط صورة الهند كدولة متفوقة على المستوى الوطني، بل خلق أيضًا تحديات على المستوى الدولي، حيث أدت هذه السياسة إلى انتقادات حادة من قبل جهات دولية ترى في ذلك انحرافًا عن القيم الديمقراطية الأساسية، وهو ما يهدد بمرور الوقت بنزع الثقة عن النظام السياسي الهندي أمام المجتمع الدولي.

وفي ظل تغير المشهد السياسي العالمي، ظهرت الهند كقوة نووية صاعدة تخوض تحديات جيوسياسية معقدة، خاصة في ظل المنافسة المتزايدة مع الصين وأمريكا، استغل “مودي” في حملاته الانتخابية صورة الهند القادرة على لعب دور قيادي على المسرح الدولي، مع التركيز على تعزيز الاستثمارات الأجنبية وبناء تحالفات استراتيجية، إلا أن التحديات الداخلية مثل عدم الاستقرار السياسي والفساد في بعض القطاعات أدت إلى تراجع الثقة لدى المستثمرين الدوليين، مما أثر على مكانة الهند في الأسواق العالمية.

كما أثّرت النزاعات الحدودية والتوترات مع الدول المجاورة على سياسة الهند الخارجية؛ فالتحديات المتعلقة بالحدود مع باكستان والصين دفعت الحكومة الهندية إلى تعديل استراتيجياتها الدبلوماسية، حيث سعت إلى تعزيز العلاقات مع القوى الإقليمية والعالمية مع محاولة الحفاظ على استقلاليتها في صنع القرار، وهكذا، تعكس سياسة مودي الخارجية مزيجًا من الطموح الوطني والضغوط الداخلية التي تمنع من تنفيذ رؤى تنموية شاملة.

تأثير الفساد على الحياة اليومية:

تأثرت الحياة اليومية للمواطن الهندي بتطبيق السياسات الاقتصادية والإدارية التي اتّبعها “مودي”، حيث زادت الفجوة بين الأغنياء والفقراء بشكل ملحوظ، على الرغم من الارتفاع في مؤشرات النمو الاقتصادي والإعلانات المتكررة عن إنجازات تنموية، ظل المواطن العادي يعاني من ضعف الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والنقل.

وانتشرت ممارسات الفساد في مختلف مستويات الإدارة الحكومية، مما أدى إلى تدهور الثقة في المؤسسات الرسمية، فالإجراءات التي كانت تهدف إلى مكافحة الفساد، مثل تجميد الحسابات البنكية وفتح قضايا قانونية ضد معارضي النظام، أدت في كثير من الأحيان إلى استخدام النظام القضائي والمالي كأدوات للضغط السياسي، هذا الواقع أثّر بشكل مباشر على حياة المواطن، حيث واجه الكثيرون صعوبات في الحصول على الخدمات التي يحتاجونها، وهو ما تسبب في احتجاجات وتظاهرات تعكس الشعور العام بالإحباط.

“مودي”.. إرثه الفشل :

شارع غمرته المياه في جنوب الهند، في عام 2024

بعد عقد كامل من السياسات المتناقضة والإخفاقات المتكررة، يتشكل إرث “ناريندرا مودي” من كلمة واحدة (الفشل) وكان شاهده تناقض الوعود الضخمة مع الواقع المأساوي الذي عاشه المواطن الهندي، فقد طغى في فترة حكمه استخدام الخطاب الديني المتطرف كأداة لتأطير السياسة الوطنية، ما أدى إلى تعميق الانقسامات الطائفية وإهمال الحقوق الأساسية للأقليات، خاصة للمسلمين.

وفي ظل سلسلة طويلة من الإخفاقات، سواء في مجال التخطيط والتنفيذ للمشروعات التنموية، أو في تقديم الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والبيئة، سيظل إرث “مودي” في ذاكرة التاريخ كفترة من الانحراف السياسي والإداري، وستنظر إليه الأجيال القادمة باعتباره نموذجًا للمخاطر التي يصنعها الاستغلال السياسي للتطرف الديني وتجاهل العدالة الاجتماعية، وكيف أن السياسات القائمة على التمييز واللامبالاة كانت سببًا في تفكك وحدة الأمة وتراجع الثقة في مؤسسات الدولة.

لقد ساهمت السياسات التي اتبعتها حكومته في إعادة كتابة التاريخ الوطني وترسيخ صورة (الوطن الهندوسي)، ما أحدث تحولًا جذريًا في الخطاب السياسي، وقد أدى ذلك إلى تغييرات في طريقة تصور المواطن الهندي لنفسه كجزء من أمة متعددة الثقافات، إلا أن تلك السياسات أيضًا خلقت توترات وصراعات بين مكونات المجتمع المختلفة، مما أثر على استقرار النظام الديمقراطي.

وبرغم أن هناك من يرون في “مودي” رمزًا للقوة والقدرة على تغيير المشهد الاقتصادي، إلا أن سجل الإخفاقات والظلم الذي خلفه في فترة حكمه يجعل من الصعب تبرير ذلك أمام معايير العدالة والتقدم الاجتماعي، وسيُقيّم مؤرخو المستقبل فترة حكمه بناءً على مدى تأثر حياة مئات الملايين من المواطنين، وكيف أن سياساته ساهمت في تعميق الفوارق الاجتماعية وتفشي الانقسامات الطائفية.

في نهاية المطاف، سيظل إرث “مودي” درسًا تاريخيًا يُحذر من الوقوع في فخ السياسات الشعبوية واحتضان التطرف.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

هامش:

كاتب وصحفي أمريكي مواليد 1965 حاصل على الدكتوراة ترأس مكتب صحيفة نيويورك تايمز في بيروت، وعمل مراسلًا لصحيفة التايمز في بغداد، وكاتب في مجلة أتلانتيك، وقد أمضى أكثر من عقدين من الزمان في الكتابة عن الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا. وهو مؤلف كتاب (الغضب من أجل النظام: الشرق الأوسط في حالة من الاضطراب، من ميدان التحرير إلى داعش)، الذي فاز بجائزة ليونيل جيلبر لعام 2017، وهي جائزة تُمنح سنويًا لأفضل كتاب باللغة الإنجليزية يتناول الشؤون الخارجية والقضايا الدولية الهامة. ↩︎

للتوسع في هذا الموضوع يرجى مراجعة مقال: مودي: يجتزئ التاريخ الإسلامي.. ليُشرعن التطرف الهندوسي للكاتب.

Exit mobile version