بدأت شاحنات محملة بالمساعدات بالعبور إلى قطاع غزة عبر معبر رفح المصري، بعد إعلان إسرائيل “تعليقاً تكتيكياً” لعملياتها العسكرية في أجزاء من القطاع للسماح بتوزيع الإعانات.
وأظهرت صور وشريط فيديو لوكالة الأنباء الفرنسية، شاحنات ضخمة محملة بأكياس بيضاء تدخل عبر بوابة معبر رفح من الجانب المصري الذي يؤدي إلى جنوب قطاع غزة. إلا أن الشاحنات لا تدخل مباشرة إلى القطاع عبر الجانب الفلسطيني من المعبر المدمر والمقفل بسبب الحرب. وتسير الشاحنات بعد ذلك كيلومترات قليلة جداً نحو معبر كرم أبو سالم الإسرائيلي، حيث يتوقع أن تخضع للتفتيش مجدداً قبل دخول منطقة رفح الفلسطينية.
وحمل بعض الشاحنات شعار الهلال الأحمر المصري، بينما حملت أخرى رسم العلم الإماراتي مع عبارة “الإمارات العربية المتحدة، المساعدات الإنسانية إلى غزة، مشاريع دعم المياه في غزة”.
وبحسب قناة “القاهرة الإخبارية” القريبة من السلطات المصرية فإن “شاحنات المساعدات الإنسانية القادمة من مصر وصلت إلى معبر كرم أبو سالم”.
وكان الجيش الإسرائيلي أعلن تعليقاً تكتيكياً يومياً لعملياته العسكرية في القطاع، “اعتباراً من الساعة العاشرة صباحاً (السابعة بتوقيت غرينيتش) وحتى الساعة الثامنة مساء (17:00 بتوقيت غرينتش)”، مضيفاً أن هذا التعليق سيشمل المناطق التي لا يتحرك فيها الجيش “وهي المواصي ودير البلح ومدينة غزة وسيكون يومياً حتى إشعار آخر”.
وأشار إلى أنه “جرى تحديد ممرات مؤمنة بصورة مستدامة اعتباراً من الساعة السادسة صباحاً (3:00 بتوقيت غرينيتش) وحتى الحادية عشرة مساء (20:00 بتوقيت غرينيتش) ستسمح بالتحرك الآمن لقوافل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لإدخال وتوزيع الأغذية والأدوية إلى السكان في قطاع غزة”.
وأتى القرار الإسرائيلي في ظل تصاعد الضغوط الدولية في مواجهة تفاقم أزمة الجوع في القطاع الفلسطيني المحاصر والمدمر جراء الحرب المتواصلة منذ أكثر من 21 شهراً.
وبدأت إسرائيل ليلاً إلقاء مساعدات غذائية جواً على القطاع، بموازاة خطوات مماثلة أعلنت الإمارات وبريطانيا أنها ستقوم بها أيضاً. كذلك، أعلن الأردن اليوم الأحد تسيير قافلة مساعدات إلى قطاع غزة عبر بوابة زيكيم بين إسرائيل وشمال قطاع غزة. وبصورة عامة تشكك المنظمات الإنسانية الدولية بجدوى هذه الوسيلة.
ونشرت وزارة الخارجية الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني أن “هدنة إنسانية” ستطبق على أجزاء معينة من غزة صباح اليوم لتسهيل توصيل المساعدات.
وأكدت مصادر فلسطينية بدء إنزال المساعدات على شمال غزة.
ترحيب أممي
قال توم فليتشر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إن فرق الأمم المتحدة ستكثف جهودها لإطعام الفلسطينيين في غزة خلال الهدن التي أعلنتها إسرائيل في مناطق محددة بالقطاع اليوم الأحد.
وقال في منشور على “إكس”، “أرحب بإعلان هدنة إنسانية في غزة للسماح بدخول المساعدات.. ونحن على تواصل مع فرقنا على الأرض، التي ستبذل قصارى جهدها للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الجوعى خلال هذه الفرصة”.
وكانت الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية حذرت من ارتفاع معدلات سوء التغذية بين الأطفال وخطر مجاعة واسعة النطاق بين سكان القطاع الذين يزيد عددهم على مليوني نسمة.
وأعلنت إسرائيل أن بحريتها اعترضت السفينة “حنظلة” التابعة لتحالف أسطول الحرية المؤيد للفلسطينيين، التي كانت تبحر باتجاه غزة السبت، بحسب ما أظهر أيضاً بث مباشر لنشطاء على متن السفينة.
وقال بيان للخارجية الإسرائيلية، إن “السفينة تشق طريقها بأمان إلى شواطئ إسرائيل. جميع الركاب بخير”.
وكانت سفينة “حنظلة” في طريقها لمحاولة كسر الحصار البحري الإسرائيلي على غزة وإدخال كمية من المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين في القطاع.
وتحت ضغوط من باريس وبرلين ولندن “لرفع القيود المفروضة على تسليم المساعدات على الفور”، أعلن الجيش الإسرائيلي، أمس، أن عمليات إسقاط المساعدات جواً في غزة ستستأنف خلال الليل وأنه سيعمل على إنشاء ممرات إنسانية لضمان النقل الآمن لقوافل الأمم المتحدة المحملة بالطعام والأدوية.
شاركت الإمارات والأردن وفرنسا ودول أخرى في عمليات إسقاط طرود إغاثة في غزة عام 2024، وقد عدت أحياناً خطرة كما تتطلب لوجيستيات معقدة لكمية محدودة من المساعدات. وأكد عديد من المسؤولين الإنسانيين آنذاك أنها لا يمكن أن تكون بديلاً عن إيصال المساعدات براً. وأعلنت بريطانيا أمس أنها تستعد لإسقاط المساعدات وإجلاء “الأطفال الذين يحتاجون إلى رعاية طبية”، بالتعاون مع “شركاء مثل الأردن”.
بدورها، أعلنت الإمارات أنها ستستأنف عمليات إنزال المساعدات بالمظلات “على الفور”.
في هذا الصدد، قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني إن استئناف عمليات الإنزال الجوي للمساعدات يمثل استجابة “غير فاعلة” للكارثة الإنسانية المستمرة.
وكتب لازاريني على منصة “إكس” “لن تنهي عمليات الإسقاط من الجو خطر المجاعة المتفاقم. إنها مكلفة وغير فاعلة ويمكن حتى أن تقتل مدنيين يتضورون جوعاً”.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بيان عقب محادثة مع نظيره المصري عبدالفتاح السيسي “لا يمكننا أن نقبل أن يموت الناس، وبينهم أعداد كبيرة من الأطفال، من الجوع”.
وأوضح أن المؤتمر الذي سيعقد يومي الإثنين والثلاثاء المقبلين في مقر الأمم المتحدة في نيويورك “يجب أن يفتح ديناميكية جديدة لمصلحة تسوية عادلة ودائمة للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، على أساس حل الدولتين، وهو الحل الوحيد القادر على ضمان السلام والأمن للجميع في المنطقة”.
إسقاط ليلي
أعلن الجيش الإسرائيلي أنه أسقط ليل السبت مساعدات إنسانية جواً في قطاع غزة، الذي يواجه آلاف من سكانه خطر المجاعة.
وقال الجيش على “تيليغرام”، “بناء على توجيهات القيادة السياسية، نفذ جيش الدفاع الإسرائيلي، أخيراً، عملية إسقاط جوي لمساعدات إنسانية في إطار الجهود المستمرة للسماح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة وتسهيل ذلك”.
وأضاف أن عملية الإسقاط شملت سبعة طرود مساعدات تحتوي على دقيق وسكر وأطعمة معلبة.
وكان الجيش الإسرائيلي قال أمس السبت، إن عمليات إسقاط المساعدات جواً في غزة ستستأنف خلال الليل، وإنه سيعمل على إنشاء ممرات إنسانية لضمان النقل الآمن لقوافل الأمم المتحدة المحملة بالطعام والأدوية.
وأورد في بيان “الليلة، سيستأنف (الجيش الإسرائيلي) عمليات الإسقاط الجوي للمساعدات الإنسانية، كجزء من الجهود الجارية للسماح بدخول المساعدات إلى غزة وتسهيل دخولها”، مضيفاً أن عمليات الإسقاط الأولى ستشمل سبع حمولات تحتوي على الدقيق والسكر وأغذية معلبة وفرتها منظمات دولية.
يأتي ذلك بينما أعلن الدفاع المدني في غزة مقتل 40 فلسطينياً بنيران الجيش الإسرائيلي، أمس السبت، في القطاع المحاصر والمدمر جراء أكثر من 21 شهراً من الحرب.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل لوكالة “الصحافة الفرنسية”، إن الحصيلة شملت تسعة فلسطينيين قُتلوا في ثلاث غارات جوية على مدينة غزة شمال القطاع.
وأضاف أن 13 شخصاً قُتلوا في خمس غارات جوية قرب خان يونس (جنوب)، بينهم ثمانية أشخاص في غارة على مخيم للنازحين في المواصي.
كذلك، أسفرت غارة بطائرة مسيرة عن مقتل شخصين في مخيم النصيرات في وسط قطاع غزة.
من جهة أخرى، أشار الدفاع المدني إلى مقتل 14 شخصاً بنيران القوات الإسرائيلية أثناء الانتظار للحصول على مساعدات إنسانية، وذلك في ست حوادث مختلفة في شمال ووسط وجنوب القطاع، بما في ذلك تسعة أشخاص في حادثة واحدة في محور موراغ في جنوب غزة.
وبحسب شهود عيان، فقد تجمع عدة آلاف من الأشخاص بهدف الحصول على مساعدات غذائية.
وذكر شاهد العيان أبوسمير حمودة (42 سنة) أن الجيش الإسرائيلي أطلق النار “باتجاه المواطنين عندما حاولوا الاقتراب من الحاجز العسكري” الإسرائيلي في منطقة زيكيم شمال غربي منطقة السودانية.
رداً على سؤال بهذا الشأن، قال الجيش الإسرائيلي إنه “أطلق طلقات تحذيرية لإبعاد الحشد في المنطقة، رداً على تهديد مباشر لهم”. وأضاف أن ليس لديه علم بشأن وقوع أي إصابات نتيجة إطلاق النار.
من ناحية أخرى، أفاد الدفاع المدني بأن رجلاً قُتل في غارة بطائرة مسيرة قرب خان يونس، فيما قُتل آخر بنيران المدفعية في مخيم البريج وسط القطاع.
وقال الجيش الإسرائيلي، رداً على سؤال عن هذا الأمر، إنه ينظر في المسألة. وأشار في بيان منفصل إلى أنه يواصل عملياته في غزة، موضحاً أنه استهدف أعضاء في “خلية إرهابية زرعوا عبوة ناسفة لاستهداف عسكريين”. وأضاف الجيش الإسرائيلي أنه خلال 24 ساعة “ضرب سلاح الجو أكثر من 100 هدف إرهابي في قطاع غزة”.
من جهة ثانية، قال بصل إن طواقم الدفاع المدني “تمكنت صباح أمس السبت من انتشال 12 قتيلاً من منطقة موراج شمالي رفح جنوبي قطاع غزة، وذلك بعد التنسيق مع مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)” التابع للأمم المتحدة، مشيراً إلى أنهم قتلوا جراء قصف إسرائيلي، مساء الجمعة، ونقلت جثثهم إلى مستشفى ناصر في خان يونس.
اتصال أردني- أميركي
من ناحية أخرى، أكد ملك الأردن عبدالله الثاني في اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس السبت، ” ضرورة بذل كل الجهود لوقف الحرب على غزة” و”ضمان تدفق المساعدات” لجميع مناطق القطاع الفلسطيني الذي يواجه نقصاً حاداً في الغذاء.
وقال الديوان الملكي في بيان، إن الملك عبدالله بحث مع ترمب “مجمل المستجدات في المنطقة، وبخاصة التطورات في غزة وسوريا”.
وأضاف أن الملك جدد “التأكيد على ضرورة بذل كل الجهود لوقف الحرب على غزة، وضمان تدفق المساعدات لجميع مناطق القطاع للتخفيف من الأوضاع الخطيرة والمأسوية”.
ويواجه قطاع غزة نقصاً حاداً في الغذاء وغيره من الضروريات، بينما حذرت الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية من خطر المجاعة.
كما أشاد الملك بـ”جهود الولايات المتحدة والرئيس الأميركي في خفض التصعيد بالمنطقة”، مشيراً إلى أن “الأردن مستمر بالعمل إلى جانب الولايات المتحدة والدول الفاعلة لتحقيق السلام الذي يضمن أمن واستقرار المنطقة بأكملها”. ولفت إلى “نجاح التنسيق الوثيق بين الأردن والولايات المتحدة في خفض التصعيد في سوريا”، مؤكداً “أهمية استقرارها والحفاظ على سيادة أراضيها”.