وسط اتهامات للصين بدعم الحوثيين.. تحذيرات غربية من استمرار سياسة واشنطن “التائهة” تجاه اليمن

وصف تقرير صادر عن معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، السياسة الأمريكية الراهنة تجاه اليمن بأنها “تائهة”، مؤكداً أن العمليات الجوية ضد الحوثيين لم تحقق الردع المطلوب، بل قد تصب في مصلحتهم وتمنحهم زخماً دعائياً.
وأكد التقرير أن الحوثيين باتوا يشكلون خطراً متزايداً على المصالح الأمريكية والخليجية مقارنة بفترة ما قبل حرب غزة، داعياً إلى تشكيل “فريق خاص باليمن” لمراجعة النهج الأمريكي داخلياً، وفتح نقاش رفيع المستوى مع الشركاء الخليجيين حول خيارات الاحتواء أو المواجهة أو التوصل إلى تسويات محدثة.
وفي السياق ذاته، نشر مركز “ستمسون” الأمريكي تحليلاً أشار فيه إلى أن الصين انتقلت من موقع “المستفيد المجاني” من الأمن البحري في البحر الأحمر إلى دور فاعل في زعزعة الاستقرار الإقليمي. وأكد التقرير أن بكين، رغم نفيها العلني، أصبحت جزءاً من معادلة دعم الحوثيين عبر توفير معدات عسكرية متقدمة ومكونات ثنائية الاستخدام، إلى جانب الغطاء الاستخباراتي والتقني. واعتبر أن اليمن، بموقعه الجغرافي الاستراتيجي، أصبح نقطة ارتكاز مهمة في استراتيجية الصين الرامية إلى تقويض النفوذ الغربي، وتعزيز شراكاتها مع إيران، وتوسيع وجودها العسكري في نقاط حساسة على خط الملاحة بين آسيا وأوروبا.
وكانت وزارة الدفاع البريطانية حذرت قبل أيام، من استمرار الهجمات الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر، مؤكدة أن ذلك يشكل تهديداً مباشراً للتجارة العالمية ولأمن الممرات الدولية.
وفي تقرير لمجلة فورين بوليسي، وُصف الحوثيون بأنهم “أحد أبرز المستفيدين من صمت المجتمع الدولي”، محذرة من أن تجاهل معالجة الملف اليمني بجدية يهدد بتحويل البحر الأحمر إلى ساحة مفتوحة للصراع بين قوى دولية.
كما حذر المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ في إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن من اتساع رقعة الحرب الإقليمية وانعكاسها على جهود التهدئة في اليمن، مشدداً على أن الهجمات الحوثية على الملاحة الدولية تعرقل مساعي وقف إطلاق النار الشامل.
وتأتي هذه التقارير والتحذيرات في وقت تشهد فيه المنطقة تصعيداً متزايداً منذ اندلاع حرب غزة، حيث صعّد الحوثيون هجماتهم على السفن التجارية والعسكرية في البحر الأحمر وخليج عدن، مستهدفين ما يقولون إنها سفن مرتبطة بإسرائيل أو الداعمة لها.
وقد دفعت هذه التطورات الولايات المتحدة إلى إطلاق عملية عسكرية أطلق عليها “حارس الازدهار” لتأمين الممرات البحرية.
لكن تباين المواقف داخل واشنطن بين خيار الاستمرار بالضربات الجوية المحدودة، وبين المطالبات بتبني نهج أكثر شمولية، يعكس ارتباكاً في صياغة استراتيجية متماسكة.
وفي المقابل، يستفيد الحوثيون من هذا الوضع لتوسيع نفوذهم العسكري والإعلامي، بينما تستثمر الصين وإيران هذا المشهد لتعزيز حضورهما في البحر الأحمر، الأمر الذي يهدد بتحويل اليمن من ساحة نزاع محلية إلى ساحة صراع دولي معقّد.