تقارير

أبطال الظل.. قصص العطاء بشهر الرحمه

تقرير خاص

شهر رمضان في صنعاء مليء بقصص إنسانية لأولئك الذين يعملون في صمت بعيدًا عن الأضواء، فبينما يجتمع الأهالي حول موائد الإفطار، أو يهرعون إلى المساجد هناك من يبقى في الشوارع، خلف عجلات القيادة، أو أمام الأفران المشتعلة.

أبطال الشوارع

في حي شعبي بقلب صنعاء، يقف علي، عامل نظافة في الأربعينيات من عمره، يحمل مكنسته بيديه المتعبتين وتعلو وجهه ابتسامة بسيطة، وخلفه يدوي صوت شاحنة جمع القمامة بلحنها المعروف، يقول علي: ” القمامة تزداد بشكل كبير في رمضان خاصة بعد الإفطار، والناس تفرح وتجتمع والعزائم والولائم هنا وهناك وهذا شيء جميل، لكن علينا نحن أن نعمل بجد لتنظيف الشوارع وجمع القمامة المنازل”.

علي يعمل منذ الفجر وحتى منتصف الليل رغم التعب والإرهاق، لضمان أن تستيقظ المدينة في اليوم التالي على وجها النظيف، وقصته قصة إخلاص وتفانٍ في خدمة المجتمع.

وفي حي باب اليمن، يعمل عبد الرحمن، عامل نظافة في الخمسين من عمره، يقول: ” ذات ليلة كان فيها المسجد القريب من منزلي يعج بالمصلين الذين جاءوا لأداء صلاة المغرب وبعد انتهاء الصلاة، ترك المصلون كميات كبيرة من بقايا الطعام وكان المنظر غير لائق ببيت الله لذلك قررت تنظيف المسجد، رغم أني كنت متعبًا، وعندما أنتهيت جاءني إمام المسجد وشكرني، وقال لي: العامل خير من العابد، هذه الكلمات البسيطة جعلتني أشعر أني أقوم بشيء يرضي الله”.

الإفطار في الطرقات

وفي الشوارع المزدحمة، يقود أحمد، سائق باص صغير، في رحلته اليومية التي لا تنتهي مع أذان المغرب، يقول أحمد لموقع الوعل اليمني: “في رمضان يكون ضغط العمل في ذروته قبيل اذان المغرب وأحاول أن أوصل اكبر عدد من الركاب إلى منازلهم بسرعة لكي يفطروا مع أسرهم، اما انا فنادرا ما اتمكن من الافطار مع اسرتي ولكني اشعر بالرضى لاني اجاهد من اجل شراء مستلزمات بيتي واسرتي”.

مضيفا :” في احد الايام كان الطريق مزدحمًا بشكل غير معتاد، وكان الركاب قلقين من امكانية الوصول قبل أذان المغرب، لكن بفضل الله اوصلت الجميع في الوقت المناسب، وشعرت بأني قدمت شيئًا ذا قيمة، وكان الركاب مسرورين وانا اكثر منهم لان دعواتهم كانت تنهال علي “.

في حي آخر، يقود ياسر سيارة التاكسي لطلب الرزق، ويتحدث قائلا : ” من اجمل المواقف التي حصلت معي في رمضان قبيل المغرب في تلك الزحمة الخانقة رايت سيدة عجوز تنتظر على جانب الطريق وتحمل طبقًا من الطعام. أوقفت سيارتي وسألتها: “هل تحتاجين ان اوصلك؟” أجابت السيدة: “أريد الوصول إلى بيت ابني قبل أذان المغرب”، لم اتردد وأوصلتها إلى وجهتها في الوقت المناسب وقبل أن اغادر، قدمت لي السيدة طبق الطعام التي كانت تحمله وقالت: “هذا لك، وشكرا لانك لقد جعلتني أفطر مع ابني”. هذه اللحظة جعلتني اشعر بأن عملي له معنى أكبر من مجرد قيادة سيارة”.

في آخر لحظة*

وفي مخابز صنعاء القديمة الشهيرة يعمل محسن، شاب في الثلاثينيات من عمره، أمام فرن مشتعل، يقول لموقع الوعل اليمني “رمضان يعني لنا ساعات عمل أطول لكننا نفخر بأننا نقدم الخبز الساخن للناس في وقت الإفطار”.
ويتابع :” من الصعب علينا ان نغلق المخبز قبيل الافطار لأن الإقبال يكون مضاعفا، فالناس تؤخر شراء الخبز الى ماقبل اذان المغرب بدقائق لكي يظل ساخنا، وهو مايعني ان علينا البقاء وتلبية الطلبات الى مابعد الاذان، ورغم التعب الا اننا نشعر بالسعادة والناس يبتسمون لنا، اضافة الى ان هذا عملنا وعلينا اداؤه كما يجب”.

خالد خباز في مخبز شعبي بحي التحرير، يقول: ” نظرا لنقص العمالة اضطر انا وزملائي إلى العمل لساعات إضافية دون توقف، في إحدى الليالي جاءت إليه امرأة تبكي، وقالت: “لم أجد خبزًا في أي مكان، وعائلتي تنتظرني للإفطار، استغربت لان الموضوع بسيط ولا يستحق البكاء وأعطيتها نصيبنا من الخبز المتبقي دون مقابل”.
ويضيف : “رؤية الفرح على وجهها انسانا الجوع ويكفي اني سمعت منها دعوة صادقة غسلت قلبي “

زر الذهاب إلى الأعلى