
وجهت المقررة الأممية المعنية بحقوق الإنسان في فلسطين، فرانشيسكا ألبانيز، انتقادات حادة للاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء بشأن تعاملهم مع القضية الفلسطينية والانتهاكات الإسرائيلية في غزة. وأكدت ألبانيز أمام البرلمان الأوروبي في بروكسل أمس الثلاثاء، أن الاتحاد الأوروبي أصبح غطاءً للدول الأعضاء لعدم الوفاء بالتزاماتها الدولية تجاه فلسطين وغزة، محذرةً من استمرار إرسال الأسلحة وشرائها من إسرائيل، وتنفيذ الأبحاث العلمية من خلال برامج أوروبية مثل “هورايزون”.
وقالت ألبانيز: “لو أرادت الدول السلام حقًا، لاهتمت بموت الناس المستمر في غزة والضفة الغربية”.
وأضافت أن تجاهل الانتهاكات يشكل مساهمة أوروبية مباشرة في تدمير فلسطين، وأن أي نقاش حول حل الدولتين أو الدولة الواحدة غير مجدٍ في الوقت الحالي، في ظل استمرار التطهير العرقي وارتفاع وتيرة العنف غير المسبوق منذ ثمانين عامًا.
الوضع الإنساني
ولفتت ألبانيز إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار أنهى حربًا وصفتها بـ”الإبادة الجماعية”، مشيرة إلى حجم المعاناة المستمرة في القطاع. وأوضحت أن 80% من سكان غزة المتبقين، أي نحو 1.9 مليون نسمة، يعيشون في مياه ملوثة ويفتقرون للمأوى بعد الدمار الواسع الذي خلفته الحرب الإسرائيلية منذ 8 أكتوبر 2023. وأضافت أن الحرب أسفرت عن أكثر من 69 ألف شهيد فلسطيني، وما يزيد عن 170 ألف مصاب، معظمهم من الأطفال والنساء، فيما قدرت الأمم المتحدة تكلفة إعادة الإعمار بحوالي 70 مليار دولار.
وارتكب المستوطنون الإسرائيليون 7,154 اعتداءً في الضفة خلال الحرب، أدت إلى مقتل 33 فلسطينيًا وتهجير 33 تجمعًا سكانيًا، بينما بلغ عدد القتلى والإصابات نتيجة اعتداءات الجيش والمستوطنين معًا 1076 شهيدًا و10,760 جريحًا، مع اعتقال أكثر من 20,500 فلسطيني حتى الثلاثاء الماضي.
العقوبات الأمريكية
وعن العقوبات الأمريكية المفروضة عليها، قالت ألبانيز: “ليس بقدر العذاب الذي يلحقونه بالفلسطينيين، لكن الأمر يؤثر أكثر من أي شيء يمكنكم تخيله”.
وكان وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو قد أعلن في 9 يوليو إدراج ألبانيز على قائمة العقوبات، نتيجة جهودها لدفع المحكمة الجنائية الدولية لاتخاذ إجراءات ضد الولايات المتحدة وإسرائيل. وفي اليوم التالي، أدانت لجنة الإجراءات الخاصة التابعة لمجلس حقوق الإنسان قرار الولايات المتحدة بشدة.
الخطة الأمريكية
فيما أشار تقرير الأمم المتحدة إلى اعتماد مجلس الأمن الدولي الاثنين الماضي، بالأغلبية المشروع الأمريكي لإنهاء الحرب الإسرائيلية في غزة، حيث صوت 13 عضوًا لصالحه، وامتنعت روسيا والصين عن التصويت. ويأتي القرار، رقم 2803، دعماً لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المكونة من 20 بندًا لإنهاء النزاع، والتي وصفتها ألبانيز بأنها غير متناسبة مع القانون الدولي.
وأكدت ألبانيز أن تجاهل الانتهاكات وتدفق الأسلحة إلى إسرائيل يزيد من المعاناة الإنسانية ويجعل أي اتفاقيات أو قرارات دولية غير فعالة، داعية الاتحاد الأوروبي والدول الكبرى إلى ممارسة ضغط فعلي على إسرائيل لضمان احترام القانون الدولي وحماية المدنيين.
شددت ألبانيز على أن المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي، سواء في حماية حقوق الفلسطينيين أو مواجهة الإبادة الجماعية في غزة، محذرة من أن السكوت على الجرائم الإسرائيلية سيزيد من معاناة المدنيين ويهدم أي جهود للسلام. وأضافت أن أوروبا تتحمل مسؤولية أخلاقية وقانونية لضمان وقف الجرائم المستمرة وإعادة الاستقرار للقطاع.
تأتي تصريحات ألبانيز في وقت لا يزال فيه قطاع غزة يعاني من آثار الحرب الأخيرة، حيث يعاني السكان من نقص الخدمات الأساسية، والمياه النظيفة، والكهرباء، وانتشار الأوبئة بسبب الدمار في المرافق الصحية. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 70% من سكان غزة بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة.
ويؤكد المراقبون أن تجاهل الانتهاكات اليومية والاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين يجعل اتفاقيات وقف إطلاق النار مجرد نصوص على الورق، غير قادرة على حماية المدنيين أو الحد من التصعيد العسكري.






