يشهد قطاع غزة فصلاً جديداً من التصعيد الدامي بعد فترة وجيزة من التزام أطراف الصراع بوقف إطلاق نار، حيث أفادت مصادر فلسطينية رسمية وجمعيات إغاثية باستشهاد أكثر من 100 فلسطيني خلال أقل من 24 ساعة، نتيجة لسلسلة من الغارات الجوية والقصف المدفعي الإسرائيلي المكثف الذي استأنف مساء يوم الثلاثاء الماضي واستمر حتى صباح اليوم الأربعاء.
وقد جاء هذا التصعيد كرد إسرائيلي على اتهام حركة حماس بخرق الاتفاق، تحديداً بعد إعلان الجيش الإسرائيلي عن مقتل أحد جنوده في قطاع غزة.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة وجهاز الدفاع المدني في القطاع أن حصيلة الضحايا في هذه “المجازر” بلغت ما يزيد عن 100 شهيد، مشيرين إلى أن من بين الشهداء 35 طفلاً، مما يؤكد أن الاستهدافات طالت مدنيين بشكل أساسي.
وتوزعت هذه الاستهدافات العنيفة على مناطق متفرقة من القطاع، وطالت منازل وسيارة مدنية ومركز إيواء للنازحين في دير البلح، بالإضافة إلى قصف جوي ومدفعي استهدف مدينتي غزة وخان يونس ومخيمي النصيرات والبريج. وقد أكد جهاز الدفاع المدني أن أغلب الأهداف كانت تقع غرب ما يسمى “الخط الأصفر”، وهي مناطق يفترض أنها خارج السيطرة الإسرائيلية وفقاً لاتفاق وقف إطلاق النار المبرم سابقاً.
وفي المقابل، أعلن الجيش الإسرائيلي صباح الأربعاء انتهاء “سلسلة الضربات” التي شنها على القطاع وعودته للالتزام بوقف إطلاق النار، مشدداً على أنه سيعود للرد بقوة على أي خرق جديد. ويأتي هذا الإعلان بعد أقل من 12 ساعة من القصف العنيف الذي أودى بحياة هذا العدد الكبير من الفلسطينيين.
وكانت حركة حماس قد نفت أي علاقة لها بإطلاق النار الذي أدى إلى مقتل الجندي الإسرائيلي، وأكدت التزامها ببنود الاتفاق، وناشدت الوسطاء الدوليين “التحرك الفوري للضغط على الاحتلال ووقف تصعيده الوحشي ضد المدنيين”.
وقد لقي هذا التصعيد ردود فعل دولية، حيث أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أثناء توجهه إلى كوريا الجنوبية، أن الضربات الإسرائيلية لا تُهدد بانهيار وقف إطلاق النار، مشدداً على حق إسرائيل في الرد على الهجوم الذي استهدف جندياً من قواتها.
ويشير مراقبون إلى أن المشهد يعكس استخفافاً بالاتفاقيات الدولية والقانون الإنساني، حيث تدفع فكرة القانون الدولي نفسها ثمن انتهاك الهدنة وتركت الأطفال والمدنيين تحت الركام. كما أن استمرار إغلاق معبر رفح يؤكد بحسب مصادر فلسطينية على الإصرار الإسرائيلي على انتهاك بنود الاتفاق ومحاولة إفشاله، ما يزيد من معاناة آلاف المرضى والجرحى الذين يحتاجون إلى علاج عاجل خارج القطاع.







