“إنزال التحالف” وتوتر إدلب: سوريا تتأرجح بين ملاحقة الإرهاب وجهود الشرع لإنهاء العزلة
يتشكل المشهد السوري اليوم، الأربعاء، من خليط متفجر من العمليات العسكرية المتقطعة في مناطق السيطرة المتعددة والتحركات الدبلوماسية الهادئة، وسط استمرار التحديات الاقتصادية والأمنية التي تواجه مختلف فئات السكان في البلاد.
شهدت منطقة دير الزور في شمال شرق سوريا تصعيدًا أمنيًا ملحوظًا، حيث نفذت قوات التحالف الدولي، بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، عملية إنزال جوي مكثفة فجر اليوم في قرية الكسار الفوقاني. شاركت في هذه العملية طائرات حربية ومروحية ومسيّرات أمريكية، وتم خلالها فرض طوق أمني مشدد وتحذير الأهالي بالبقاء في منازلهم عبر مكبرات الصوت. تأتي هذه العملية في إطار المجهودات المستمرة لملاحقة خلايا تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وتزامنت مع نجاح قوات العمليات الخاصة التابعة لـ”قسد” في إلقاء القبض على عنصر بارز من خلايا التنظيم غربي الرقة، مما يؤكد استمرار نشاط هذه الخلايا في البادية السورية المحاذية للحدود العراقية.
في المقابل، لم يكن شمال غرب سوريا بمنأى عن التوترات، وتحديداً في محافظة إدلب. شهدت منطقة جبل السماق حادث استهداف لسيارة مدنية من قِبل مجهولين يستقلون دراجة نارية، مما أسفر عن مقتل شخصين وإصابة خمسة آخرين. وفي سياق منفصل، تشن قوات الأمن في إدلب عملية واسعة النطاق لتوقيف عدد من المطلوبين، وأفادت تقارير بوقوع اشتباكات عنيفة داخل ما يُعرف بـ”مخيم الفرنسيين” في ريف حارم، والذي يضم مقاتلين أجانب من الجنسية الفرنسية، حيث يأتي هذا التصعيد الأمني في سياق الحملات التي تستهدف فصائل محددة في المنطقة.
على الصعيد الدبلوماسي، تتجه دمشق بخطوات حذرة نحو كسر العزلة الإقليمية والدولية. استقبل الرئيس السوري محمود الشرع أوراق اعتماد عدد من السفراء الجدد، كان أبرزهم السفير السعودي، في خطوة تُعد استمراراً لمسار الانفتاح العربي المتزايد على دمشق. ويسعى النظام السوري إلى ترجمة التغييرات السياسية الداخلية إلى تطبيع دبلوماسي خارجي يهدف إلى خدمة المصالح الاقتصادية والسياسية للبلاد، وسط توقعات بتسارع وتيرة هذا الانفتاح خلال الفترة المقبلة.
أما على الصعيد الميداني في الجنوب، فقد سُجل توغل جديد لآليات الجيش الإسرائيلي في ريف القنيطرة، حيث توغلت باتجاه نقطة عسكرية في بلدة الحميدية، ونفذت أعمال حفر في المنطقة الحدودية. ويأتي هذا التحرك في ظل استمرار التوترات بين الطرفين على طول خط الفصل في هضبة الجولان المحتلة وريف القنيطرة.
اقتصادياً، لا يزال ملف الأزمة المالية في لبنان يلقي بظلاله الثقيلة على القطاع المصرفي السوري. منحت الحكومة السورية المصارف التجارية مهلة مدتها ستة أشهر لاستيعاب الخسائر الناجمة عن تجميد أموالها في البنوك اللبنانية. في غضون ذلك، حافظ سعر صرف الليرة السورية على استقرار نسبي مقابل الدولار في السوق الموازية (السوداء)، حيث استقر سعر الدولار عند حوالي 11650 ليرة للشراء في أسواق دمشق وإدلب، وهو ما يشير إلى حالة ترقب في ظل الجمود الاقتصادي العام.







