دعت رئيسة وزراء نيبال المؤقتة، سوشيلا كاركي، الأحد، إلى “الهدوء والتعاون من أجل إعادة البناء” في البلاد الواقعة في جبال الهيمالايا، وذلك عقب اندلاع احتجاجات مناهضة للفساد أودت بحياة ما لا يقل عن 72 شخصاً.
وقالت كاركي، في أول تصريح علني لها منذ توليها منصبها، الجمعة: “علينا أن نعمل وفق تفكير جيل زد”، في إشارة إلى الغالبية العظمى من المحتجين الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً. وأضافت: “ما يطالب به هذا الجيل هو إنهاء الفساد، وحُسن التدبير الإداري، والمساواة الاقتصادية. أنت وأنا علينا أن نكون عازمين على تحقيق ذلك”.
وكان الناشطون استخدموا تطبيق “ديسكورد” لاختيار كاركي كمرشحتهم لتولي رئاسة الحكومة، وهو مسار أقرت به كاركي نفسها. وقالت: “الظرف الذي جئت فيه لم أكن أرغب أن أكون هنا، اسمي جاء من الشارع”.
وأوضحت الزعيمة المؤقتة، أنها لن تبقى المنصب لمدة طويلة، متعهدة بتسليم السلطة إلى الحكومة المقبلة. وأضافت في خطاب وطني: “لن نبقى هنا أكثر من ستة أشهر في أي ظرف، سنكمل مسؤولياتنا ونتعهد بتسليم السلطة للبرلمان المقبل والوزراء”.
وكان الرئيس، رام تشاندرا باوديل، حلّ البرلمان وحدد الخامس من مارس المقبل، موعداً للانتخابات بناءً على توصية من رئيسة الوزراء الجديدة.
ارتفاع عدد ضحايا الاضطرابات
في غضون ذلك، قالت وزارة الصحة في نيبال، الأحد، إن عدد الضحايا في الاحتجاجات المناهضة للفساد، التي اندلعت الأسبوع الماضي في البلاد ارتفع إلى 72 شخصاً، إذ واصلت فرق البحث انتشال جثث من مراكز التسوق والمباني الأخرى، التي تضررت في الاضطرابات.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة، براكاش بوداتوكي، “نعثر حالياً على جثث عدد من الأشخاص، الذين لقوا حتفهم في مراكز التسوق والمنازل والمباني الأخرى، التي أضرمت فيها النيران أو تعرضت للهجوم”.
وأظهرت أحدث بيانات الوزارة، أن ما لا يقل عن ألفين و113 شخصاً، أصيبوا في أسوأ اضطرابات تشهدها نيبال منذ عقود.
وأضرمت النيران في عدد من المباني الحكومية ومقر المحكمة العليا ومبنى البرلمان ومراكز شرطة وشركات وكذلك منازل خاصة لسياسيين بما في ذلك منزل الرئيس رام تشاندرا بودل، ورئيس الوزراء السابق كيه بي شارما أولي.
عودة الهدوء
وعادت مظاهر الحياة إلى طبيعتها في البلاد، بعد أن شهدت البلاد احتجاجات وأعمال عنف استمرت لأسبوع، قادها شبان صغار من “الجيل زد” ضد الفساد.
وعُينت كاركي، بعد مفاوضات مكثفة بين بودل وقائد الجيش، أشوك راج سيجديل، وقادة الاحتجاج.
بدورها، قالت الهند جارة نيبال الجنوبية، إنها تأمل في أن تساعد هذه التطورات في تعزيز السلام والاستقرار، إذ كتب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي على منصة “إكس”: “الهند ملتزمة تماماً بالسلام والتقدم والازدهار للإخوة والأخوات في نيبال”.
واندلعت الاحتجاجات على مستوى البلاد، بسبب حظر وسائل التواصل الاجتماعي والذي رفعته الدولة لاحقاً، إذ لم تهدأ أعمال العنف إلا بعد استقالة رئيس الوزراء، الثلاثاء الماضي.
وعادت مظاهر الحياة الطبيعية مع إعادة فتح المتاجر واستئناف حركة السيارات وبدأت الشرطة تحمل الهراوات بدلاً من البنادق التي كانت تتسلح بها في الأسبوع الماضي.
وتعاني نيبال من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي منذ إلغاء نظامها الملكي في عام 2008، بينما يدفع نقص الوظائف ملايين الشبان إلى البحث عن فرص عمل في بلدان أخرى مثل دول الشرق الأوسط وكوريا الجنوبية وماليزيا، إذ يبلغ عدد سكانها 30 مليون نسمة وتقع بين الصين والهند.
ومعدل البطالة بين الشباب في نيبال، بلغ 20% العام الماضي، وفق البنك الدولي، وتقدّر الحكومة أن أكثر من ألفي شاب يغادرون البلاد يومياً للعمل في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا.