احتفاءٌ كاريكاتيري برموز الأدب العالمي

احتفاءً بكبار الأدباء الذين أثروا الساحة الأدبية العالمية بروائعهم التي شكّلت جانباً من التراث الثقافي لبلدانهم، يستضيف المركز الثقافي الإسباني بالقاهرة المعروف بمعهد ثربانتس معرضاً فنياً بعنوان “رسم الأدب: الكتّاب والكاريكاتير” تعريفاً بتجربتهم الأدبية الثرية.

ويضم المعرض نحو 50 لوحة لفنانين من 16 دولة بين مصر وإسبانيا ودول من أميركا اللاتينية وأوروبا، قدّم فيها الفنانون تصوراتهم لكثير من الكتاب برؤى فنية مختلفة. واعتمدت تيمة المعرض بشكل أساسي على تقديم تصوّرات خيالية معاصرة لأدباء عاشوا قبل عصر التكنولوجيا، فلم يعرفوا الهواتف المحمولة أو الذكاء الاصطناعي.

وقدم أحد الفنانين ثربانتس الكاتب الإسباني الشهير، وهو يلتقط صورة سيلفي بهاتف محمول مع دونكيشوت بطل عمله الأشهر، وفي الخلفية تظهر طواحين الهواء، كما رسمه فنان آخر وهو يرتدي نظارة الواقع الافتراضي، ويشاهد من خلالها أحد أعماله.

وصوّرت واحدة من اللوحات لقاءً متخيلاً بين شكسبير وثربانتس، وكل منهما يقرأ كتاباً للآخر، وجمعت أكثر من لوحة بين نجيب ومحفوظ وماركيز الحائزين جائزة نوبل، وهما يرتديان ميدالية واحدة تعبر عن الجائزة، أو وهما واقفان أمام أعمال لهما.

التواصل الثقافي عبر الفن

يقول الفنان فوزي مرسي، منسق المعرض، “في البداية كان التصوّر أن يتضمّن المعرض رسوماً لثيربانتس فقط. لكن، لاحقاً كان الرأي أن يكون لنخبة من كبار الكتّاب من ثقافات مختلفة، لتكون التجربة أكثر ثراءً للفنانين المشاركين من كل الدول وللجمهور، باعتبارها تمثل شكلاً من أشكال التواصل الثقافي من خلال التعرف إلى فنانين من بلدان مختلفة والاطلاع على ملامح من تاريخهم وأعمالهم”.

thumbnail_3.jpg
لقاء تخيلي بين ويليام شكسبير وثربانتس حيث يقرأ كل منهما كتاباً للآخر (إدارة المعرض)​​​​​​​

ويضيف مرسي، في حديثه إلى “اندبندنت عربية”، “يمثل رسم مثل هذه الشخصيات تحدياً للفنان، بعضها قد لا يكون شكله مألوفاً أو معروفاً للفنان، إنما يكون مشهوراً باسمه وكتاباته وتاريخه، فكثير من الناس لا تعرف شكل ثربانتس أو شكسبير أو غيرهما من كتّاب العصور السابقة، على رغم أنك قد تكون قرأت لهم كثيراً من الأعمال فيكون رسمهم أكثر صعوبة من أدباء عاشوا في عصور لاحقة، ويعرف الناس كيف كان شكلهم وهيئتهم، وربما يكونون شاهدوهم بالفعل في حوارات تلفزيونية، مثل نجيب محفوظ على سبيل المثال”.

ويستكمل، “مثل هذه المعارض تكون لها فائدة كبيرة للجمهور والفنانين، فهي تلقي الضوء على شخصيات بارزة في الفن والأدب، وتدفع الجمهور إلى البحث عن أعمالهم وإنتاجهم والاطلاع عليه، وكذلك الفنان فحتى يتمكّن من رسم الشخصية لا بد أن يتعرف إلى طبيعتها وحياتها وملامح من أعمالها الأدبية، كي يظهرها بصورة تمثلها، وتكون قريبة لشخصيتها الحقيقية، ويكون هذا فرصة كبيرة للتواصل الثقافي حينما يرسم الفنان كاتباً من ثقافة أخرى فكثيراً ما قدّم الفنانون الأجانب أعمالاً شديدة التميز لكتاب عرب بعدما بحثوا عنهم ودرسوا تاريخهم وشخصيتهم وأعمالهم”.

مشاركات من دول مختلفة

مشاركات مصرية متميزة في المعرض قدّم فيها الفنانون تصوّرهم ورؤيتهم الفنية للأدباء كل من وجهة نظره، ومن بين المصريين المشاركين في المعرض الفنانة نورا مكرم، التي قدمت عملاً صوّر الكاتب الإسباني ثيربانتس.

تقول نورا، “في لوحتي رسمت الأديب الإسباني ثيربانتس، وهو كاتب ومسرحي وروائي وشاعر، ويعد أحد الشخصيات الرائدة في الأدب الإسباني، اشتهر بكتابة روايته المشهورة (دون كيشوت). لكي أستطيع رسم لوحته كان عليّ أن أبحث عن كتاباته وصوره، وهي تجربه ثرية. كنت لا أعرف الكثير عنه قبل المعرض، الذي كان فرصة رائعة للتعمّق والبحث في حياة هذا الكاتب، وهي حياة مختلفة ومثيرة ومليئة بالأحداث”.

thumbnail_5.jpg
لوحة تصوّر ثربانتس يلتقط صورة مع دونكيشوت بطل عمله الأشهر (إدارة المعرض)​​​​​​​

وتضيف الفنانة المصرية، “رسمتُ كاريكاتيراً لشخص الأديب ينظر إلى شخصيته المشهورة في روايته، وهو يمتطي حصانه، ويضارب طواحين الهواء، وكأنه يدور في دوائر مفرغة، وهي أحداث الرواية الطويلة التي تشبه حياة الأديب المليئة بالأحداث المثيرة، وكذلك تشبه حياتنا، فكل منا قد يجد نفسه بصورة أو بأخرى داخل أحداث الرواية”.

بينما يقول الفنان أحمد جعيصة، “مثل هذه المعارض التي تضم فنانين من جنسيات مختلفة تتيح فرصة للتواصل بين الفنانين من جميع أنحاء العالم، وتتيح لنا كفنانين مصريين أن نتعرف إلى وضع فنوننا على الساحة العالمية، كل منطقة من العالم تكون لها مدرسة وطابع يميزها في ما يخص فن الكاريكاتير، وحتى يتمكن الفنان من رسم الشخصية لا بد من البحث عن صور وتماثيل، وكل ما من شأنه أن يتيح التعرف إلى الملامح الشكلية، إضافة إلى ضرورة الاطلاع على جوانب من حياته، لأنها بلا شك سيكون لها تأثير في شخصيته”.

ويضيف جعيصة، “قراءة أعمال الكاتب تضيف كثيراً للفنان عند رسمه، الكاتب تظهر جوانب من شخصيته من خلال أعماله، وكل مرة سيحاول الفنان رسمه ستظهر أحدها، وتكون هي الطاغية على اللوحة مثل الطيبة، والغموض، والفكاهة وهكذا، وفي الوقت ذاته فإن البساطة هي الأفضل في فن البورتريه الكاريكاتيري، لكن بما لا يخل بالجوانب المطلوب تقديمها في اللوحة”.

Exit mobile version