
توقفت قبل لحظات الألعاب النارية في سماء صنعاء وبقية المحافظات، وبالأمس طافت مسيرة كبيرة بالسيارات المزينة بالإضاءات الخضراء شوارع العاصمة، في احتفالات تعد الأكبر منذ انقلاب الحوثيين على الجمهورية، ما يعكس لا مبالاة الجماعة في فقدانها لعدد كبير من أعضاء الحكومة وسقوط البقية جرحى.
كما أن الجماعة لم تقم بتنكيس الأعلام وإعلان حالة الحداد على أرواح رئيس الوزراء وأعضاء حكومته، الذي قضوا في الغارات الإسرائيلية يوم الخميس الماضي.
وهو ما يدعو الناس للتساؤال هل ضحى الحوثيون بحكومتهم أمام العالم؟، الاستغراب لا يقف عند هذا السؤال، بل يتعجب المواطنون من الاحتفالات الكبيرة في الوقت الذي يفترض أن تتوقف من باب الاحترام لمن ماتوا، فهل حقا ضحى الحوثي بحكومته، ليستعطف الرأي العام ويثير حماستهم، ويزيد من شعبيته؟
تفاصيل جديدة تناقلتها الصحافة الغربية حول كيفية اصطياد المخابرات الإسرائيلية لهذا الصيد الثمين وفي غارة واحدة.
حيث كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال في تقرير لها:” أن الضربة الجوية الإسرائيلية التي استهدفت حكومة الحوثيين في العاصمة صنعاء الأسبوع الماضي نُفذت بعد ساعات فقط من حصول الاستخبارات الإسرائيلية على معلومات عن اجتماع وشيك لوزراء جماعة الحوثي.
كما أفاد التقرير أن ضباطًا في الاستخبارات الإسرائيلية التقطوا إشارات تفيد بأن وزراء في حكومة الحوثيين يخططون لعقد اجتماع لمتابعة خطاب لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، فتم على الفور إرسال الطائرات الحربية التي قصفت قاعة المؤتمرات التي تجمعوا فيها.
ورأى خبراء أن الضربة استهدفت الواجهة الإدارية للجماعة أكثر من بنيتها العميقة، معتبرين أنها لم تكن إنجازًا استخباريًا استثنائيًا.
وقال محمد الباشا، مؤسس شركة “باشا ريبورت” الأميركية للاستشارات الأمنية، إن “الضربة الإسرائيلية لم تكسر الشيفرة الداخلية للحوثيين، بل أصابت الواجهة الإدارية فقط”.
وأطلقت الجماعة بعد الضربة ثلاث طائرات مسيرة وعددًا من الصواريخ الباليستية باتجاه إسرائيل، كما حاولت استهداف سفينة قرب مضيق باب المندب.
وأفاد التقرير أن إسرائيل أنشأت في تموز/يوليو وحدة استخباراتية جديدة تضم نحو 200 جندي وضابط لمتابعة الحوثيين بشكل خاص، بعدما شكلت الجماعة ثغرة استخبارية قبل حرب غزة.
وأضاف أن قادة الحوثيين لجؤوا إلى أساليب لتجنب الرصد، مثل إطفاء هواتفهم والتواصل وجهًا لوجه والتنقل المستمر.
وأسفر الهجوم عن مقتل ما لا يقل عن 12 مسؤولًا، بينهم رئيس الوزراء ووزير الخارجية، إضافة إلى إصابة آخرين بجروح خطيرة.
أشارت الصحيفة إلى أن العملية تعكس نهجًا أمنيًا جديدًا لدى إسرائيل يقوم على الضرب المبكر وبقوة.
وأكد عوديد عيلام، المسؤول السابق في جهاز الموساد، أن إسرائيل “تخلت عن الصيغ القديمة للردع المتناسب”، فيما عُرفت هذه السياسة الجديدة داخل الجيش بالاختصار الإنكليزي FAFO (العبث ثم مواجهة العواقب).
ولفتت الصحيفة إلى أن اليمن يعيش منذ قرابة عقد حربًا تقودها السعودية ضد الحوثيين، فيما لم تنجح إدارتا جو بايدن ودونالد ترامب في ردع الجماعة. ففي أيار/مايو، توصّلت إدارة ترامب إلى هدنة مع الحوثيين مقابل وقف هجماتهم على السفن، لكن الجماعة خالفت الاتفاق في تموز/يوليو بشن هجوم جديد.
كما أطلقت الشهر الماضي صاروخًا باتجاه إسرائيل قالت تل أبيب إنه كان للمرة الأولى مزودًا بذخائر عنقودية.
وخلص التقرير إلى أن إسرائيل قد تواجه التحديات نفسها التي واجهتها السعودية والإمارات والولايات المتحدة في اليمن، ما قد يفرض عليها الاستعانة بالدعم الأميركي إذا أرادت خوض حملة طويلة الأمد ضد الحوثيين.
ونقل عن عوديد عيلام قوله إن “إسرائيل لا تستطيع دعم حملة طويلة الأمد ضد الحوثيين، ومن الضروري تقريبًا أن يعود الأميركيون إلى الساحة”.