شهدت تركيا موجة جديدة من التوقيفات طالت عدداً من رؤساء البلديات المعارضين، في تصعيد اعتبره مراقبون حملة قضائية متصاعدة ضد “حزب الشعب الجمهوري”، أبرز أحزاب المعارضة التركية.
ففي الساعات الأولى من صباح السبت، اعتُقل ثلاثة رؤساء بلديات معارضين، هم زيدان كرالار، رئيس بلدية أضنة، وعبد الرحمن توتديري، رئيس بلدية آديامان، إضافة إلى رئيس بلدية أنطاليا، بحسب ما أفادت به صحيفة “سوزجو” ووكالة “الأناضول” الرسمية.
ووفق التقارير، فإن الاعتقالات تمت في إطار تحقيقات تتعلق باتهامات بـ”الجريمة المنظمة”، دون الكشف عن تفاصيل إضافية.
يأتي هذا التطور بعد يوم واحد فقط من توقيف رئيس بلدية مانافجات التابعة لإقليم أنطاليا، في إطار تحقيق بقضية فساد تتعلق بتلقي رشى، وفق ما أعلنت مؤسسة الإذاعة والتلفزيون التركية (TRT). وأكدت المؤسسة أن 33 شخصاً آخرين، بينهم نواب لرؤساء بلديات، تم توقيفهم أيضاً ضمن القضية نفسها.
واعتُقل ثلاثة رؤساء بلديات ينتمون إلى حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة في تركيا، صباح السبت، على ما أعلن رئيس بلدية أنقرة، مشيرا إلى أن التوقيفات جرت في إطار تحقيق حول اتهامات بالجريمة المنظمة.
وكتب عمدة أنقرة منصور ياواش على منصة إكس “تم اعتقال رؤساء بلدياتنا في أضنة زيدان كرالا وفي أنطاليا محي الدين بوتشيك وفي آديامان عبد الرحمن توتديري”.
وأفاد رئيس بلدية أنقرة في منشوره بأنه “في نظام حيث يرضخ القانون ويتأرجح وفقا للسياسة، وتُطبق العدالة على مجموعة ويتم تجاهلها لمجموعة أخرى، لا ينبغي أن يتوقع أحد منا أن نثق بسيادة القانون أو نؤمن بالعدالة”.
وأضاف “لن نرضخ للظلم أو انعدام القانون أو المناورات السياسية”، وفق وصفه.
بدوره، قال مكتب المدعي العام في إسطنبول إنه تقرر احتجاز رئيسي بلديتي أضنة وأديامان الكبيرتين في جنوب البلاد بتهم كسب غير مشروع، فضلا عن 8 آخرين.
وقالت قناة “إن تي في” التلفزيونية إن رئيس بلدية أنطاليا ونائب رئيس بلدية منطقة بيوك شكمجة في إسطنبول احتجزا أيضا في إطار تحقيق أوسع نطاقا شمل المئات من أعضاء حزب الشعب الجمهوري، منهم 11 من رؤساء البلديات السابقين، منذ أكتوبر تشرين الأول من العام الماضي.
وفي سياق موازٍ، أعلنت النيابة العامة التركية، يوم الجمعة، توجيه تهمة جديدة إلى رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، المسجون منذ 23 آذار/مارس الماضي على خلفية اتهامات بالفساد. وتتهمه السلطات هذه المرة بـ “تزوير شهادة جامعية”، بعد إعلان جامعة إسطنبول في مارس إلغاء الشهادة التي كان يحملها.
وقالت صحيفة “ميليت” إن لائحة الاتهام الجديدة تطالب بعقوبة بالسجن تصل إلى ثماني سنوات وتسعة أشهر. ولم يتسن لرويترز التحقق من مضمون الوثيقة.
وكان اعتقال إمام أوغلو، في مارس، قد أثار موجة احتجاجات هي الأكبر منذ عقد، كما أثار ردود فعل دولية منددة، وُصفت فيها القضية بأنها ذات دوافع سياسية تهدف لإقصاء منافس قوي للرئيس رجب طيب أردوغان من السباق الرئاسي.
وإمام أوغلو، الذي أعيد انتخابه في مارس 2024 رئيساً لبلدية إسطنبول بأغلبية واسعة، يُعد أبرز المرشحين المحتملين للمعارضة في أي انتخابات رئاسية مقبلة. وتنفي الحكومة التركية أن تكون هذه القضايا ذات دوافع سياسية، بينما يؤكد “حزب الشعب الجمهوري” أن الاتهامات “مدبرة لإبقاء أردوغان في الحكم”.
الجدير بالذكر أن هذه التوقيفات تأتي بعد اعتقالات أخرى طالت موظفين في بلدية إزمير، مطلع الشهر، وهو ما يعزز المخاوف لدى المعارضة بشأن “تسخير القضاء لتصفية الخصوم السياسيين”.
وكانت السلطات التركية شنت حملة ضد المعارضة في مطلع الشهر باعتقال أكثر من 120 من أعضاء بلدية إزمير، معقل حزب الشعب الجمهوري بغرب تركيا، بعد أكثر من 3 أشهر على عملية مماثلة استهدفت بلدية إسطنبول.
وينفي حزب الشعب الجمهوري الاتهامات الموجهة ضده بشدة، ويقول إن التحقيق له دوافع سياسية، وهي اتهامات تنفيها الحكومة.