إعلاميو رئاسة الوزراء “نموت نموت.. وتبقى مخصصات بن بريك”

بقلم مصطفى محمود
8 / 11 / 2025م
سالم بن بريك، الذي يجلس على كرسيَّين في آنٍ واحد – رئيس الحكومة ووزير المالية – لا يعرف معنى التقشف إلا في خطاباته الرسمية فقط، أما في حساباته الخاصة، فيبدو أنه شيّد جمهورية مالية داخل الجمهورية، نظامًا موازِيًا يتدفّق إليه المال من كل جهة، بأوامر قانونية تحمل بصمته، وكأنها قوانين الطبيعة.
1/يصرف لنفسه من وزارة المالية مكافأة شهريه ثابتة بصفته وزيرًا،
2/يصرف لنفسه من الأمانة العامة لرئاسة الوزراء مكافأة شهريه ثابته أكبر بصفته
رئيسًا للحكومة،
3/في كل رحلة عمل، يصرف لنفسه بدلَي سفر من الجهتين معًا، كأنه يسافر بشخصيتين مختلفتين إلى الوجهة نفسها!
4/ يتقاضى مكافأة شهريه ثابته تأتيه من مصلحة الضرائب بكونه وزيرا للمالية
5/ ما يزال يتقاضى – حتى اللحظة – مكافآت ثابته شهريا تأتيه من مصلحة الجمارك التي كان يرأسها ذات يوم،…
وكأن الماضي والحاصر والمستقبل عنده موارد ماليه تتجدد و لا تنضب.
يمكن القول إنّ هذا الرجل لا يُجسّد الفساد فحسب، بل يعيد تعريفه ـ ففي زمنه، لم يعد تضارب المصالح فسادا ، بل أصبح منهجًا إداريًا، ولم تعد المكافآت حافزًا على الأداء، بل عقيدة مالية لا تمسّ.
من يتتبع مسيرته يدرك أن صعوده لم يكن وليد إنجاز، بل «صفقة» لقد اكتشفه لوبي الفساد باكرًا، فاستثمر فيه بوصفه “الطموح السهل القياد” – ذلك النموذج من البيروقراطيين الذين يضحّون بمبدأ مقابل توقيع، ويطيعون من فوقهم بصمتٍ مطلق،
تدرّج من إدارة صغيرة إلى رئاسة الجمارك، ثم إلى المالية، ثم إلى الحكومة نفسها، دون أن يُختبر في كفاءةٍ واحدة، سوى قدرته على تمرير المخالفات الماليه بهدوء.
اليوم، يسأل اعلاميوا رئاسة الوزراء سؤالًا يبدو بسيطًا لكنه قاتل… كيف لسالم بن بريك يوقف رواتب اعلاميوا رئاسة الوزراء لـ11شهر متتالية،
بينما يصرف ملايين الدولارات شهريًا(اعاشه) لقوى عاطله في الخارج، ويصرف مثلها مخصصات “الصف الثالث والثاني و الأول في حكومته؟..
كيف صمت بن بريك عن الفساد خلال سنوات مضت وهو نائب وزير الماليه ثم
وزير المالية – واليوم رئيس الحكومة في الوقت نفسه –
كيف للباحثين ان يفسرون
صمته أمام الفساد ونزيف الإيرادات، هل بصمت
الشريك ام صمت العاجز ؟
وكيف له ان يبرّر هذا التناقض الأخلاقي بين تجويع اعلاميوا الحكومه وتخمة جماعة الاعاشه والمسؤولين ؟
يبدو لي أن الأزمة لم تعد مالية أصلًا، بل أخلاقية في جوهرها.
حين يغدو المسؤول هو المستفيد الأول من الفوضى، وحين يتحول الفساد إلى مهارةٍ مؤسسية، تصبح الحكومة هي المشكلة لا الحلّ. تفقد الحكومه معناها، ويتحوّل الوطن إلى شركةٍ مغلقة يديرها المنتفعون لمصلحة بعضهم البعض، فيما يُترك المواطن في طابور الانتظار – بلا راتب، بلا كرامة، وبلا أمل.
خلاصة، مايمكنني قوله في ختام هذا المقال.. إنّ سالم بن بريك ليس ظاهرةً فردية، بل مرآةٌ تعكس انهيار فكرة الدولة نفسها…. فالحكومه حين تُختزل في الطموح الشخصي، تُنتج طبقة من الإداريين لا يحكمهم ضمير، بل جدول صرف.. ذلك ما أسميه “الفساد المتفائل” – الفساد الذي يبرّر نفسه بالقانون، ويتباهى بأنه ضروريّ لاستمرار الإدارة!
وفي بلدٍ كاليمن يعتاد الجوع كما يعتاد الناس الطقس، يصبح الإنكار أسلوبَ حكم، والصبر بديلاً عن الحقوق..
ولذلك، حين يسقط بن بريك – وهو سيسقط عاجلاً أم آجلاً – لن يسقط شخصًا بل نموذجًا.. نموذج الحكومة التي تحيا في حسابات مسؤوليها بينما تموت في جيوب موظفيها.
نموت نموت… وتبقى مخصصاته شاهدةً على عصرٍ جعل من الفساد مهنةً رسمية، ومن الصمت فضيلة وطنية.






