
تقرير خاص
في ظل نظام استبدادي يُسيطر على مقاليد الحكم، أصبح الإعلام أداةً أساسية بالنسبة له تُستخدم لضمان بقائه في السلطة باستخدام آليات للرقابة والتقييد والقمع التي تُمارسها عصابة الحوثي ونظامها الانقلابي.
— تشويه الحقائق
بمجرد سيطرة الميلشيات على العاصمة، تم فرض رقابة صارمة على جميع وسائل الإعلام، سواء التقليدية أو الرقمية، ووضعت الجهات الأمنية القمعية كل ما يُنشر أو يُبث تحت المجهر، واعدت قوائم سوداء للمواضيع المحظورة التي لا يُسمح الاقتراب منها، وتم التلاعب بالمعلومات والاخبار بشكل انتقائي، وشوهت الحقائق أو حذفت عن عمد، وتعرض الصحفيون والإعلاميون للترهيب وتم تهديدهم بالاعتقال أو الفصل من العمل إذا تجاوزوا الخطوط الحمراء المرسومة لهم، وقتل كثير منهم واعتقل العشرات، ووضع بعضهم كدروع بشرية في مخازن السلاح.
— حلم حرية التعبير
كما أصبحت حرية التعبير حلماً بعيد المنال في ظل نظام “الحوثي” وتم إغلاق الصحف والقنوات الإعلامية المستقلة التي لا تتبع الخط الرسمي للانقلابيين، أما الإنترنت، الذي يُعتبر منصةً للتواصل الحر، تم التحكم فيه بشكل كامل، وحجبت كافة المواقع الإخبارية المستقلة وتمت مراقبة النشاط الرقمي للمواطنين والمدونين، ومنع الصحفيون من تغطية الأحداث الحساسة واجبروا على تبني الرواية الحوثية دون أي مساحة للتحقيق أو النقد.
يقول أحد الصحفيين في صنعاء لموقع الوعل اليمني: “أنا أعلم أنني لا أستطيع قول الحقيقة كاملة ولكنني أحاول أن أوصل جزءًا منها دون أن أتعرض للاعتقال، فهذا النظام لا يترك مجالًا للحرية او اختلاف الرأي ويجب علينا الحفاظ على مصدر رزقنا وفي الوقت نفسه نحن مضطرين لتسريب الحقيقة ولو بالقدر اليسير”.
وتؤكد تقارير حقوقية أن الإحصائيات المؤكدة تشير إلى أن الصحافة في اليمن تمر بمرحلة صعبة، وأن أغلب الصحافيين اليمنيين يعملون في ظروف بالغة الخطورة والتعقيد ويواجهون تحديات وجودية وان وضعهم يزداد سوءاً عاماً بعد عام على مختلف الأصعدة.
وبحسب منظمة “مراسلون بلا حدود” حلت اليمن في ذيل قائمة مؤشر حرية الصحافة عربياً وعالمياً للعام الماضي 2024 حيث احتلت اليمن المرتبة 154، بين الدول المتأخرة في مؤشر حرية الصحافة، تلتها دول أخرى مثل الصومال والسودان وفلسطين.
— الخوف من الكلمة
ومثلت المعارضة الإعلامية أكبر كابوس لنظام “الحوثي”، ولذلك قامت الميليشيات ومن خلال مايعرف ب”وزارة الاعلام” و”جهاز الامن الوقائي” بقمعها بكل الوسائل الممكنة، وواجه الصحفيون والنشطاء الذين انتقدوا النظام أو كشفوا فساده اتهامات بالخيانة أو التآمر مع جهات أجنبية وقامت بالتخلص من بعض الصحفيين عبر القتل المباشر أو الاخفاء القسري.
ووفقا لناشط إعلامي اعتقل سابقا :” لقد دفعنا ثمنًا باهظًا لمحاولتنا كشف الحقيقة ولم يتردد الحوثي في استخدام القوة لسحقنا وكسر اقلامنا، ودفعنا ثمن الحقيقة من حريتنا واعمارنا، فعندما يُصبح الإعلام في ظل حكم العصابة أداة للدعاية أكثر منه وسيلة لنقل الحقيقة، فان الرقابة والتقييد والقمع تُستخدم لضمان بقاء هذا النظام في السلطة بينما تُسحق الحريات الأساسية للمواطنين، ويدفع الصحفيون والإعلاميون ثمنًا باهظًا لمحاولتهم كشف الحقيقة، وهو ما يُظهر مدى خطورة الوضع في ظل أنظمة استبدادية”.