
تتواصل انتهاكات الإماارات في اليمن من نهب للثروات، واستيلاء على الجزر والسيطرة العسكرية، وشراء الولاءات، وغيرها من الانتهاكات التي كان آخرها الكشف عن أعمال حفر وتنقيب في “جبل النار” بمدينة المخا في محافظة تعز، الواقعة تحت سيطرة قوات طارق صالح الماولي للإمارات.
حيث استحدثت الإمارات مواقع عسكرية وأمنية مشددة حول الجبل، وتقوم بنقل كميات ضخمة من الأحجار والمعادن النادرة، وسط غياب أي شفافية أو عوائد تُذكر للمواطن.
ووفقاً لمواقع إخبارية فإن جبل النار يشهد نشاطاً صناعياً ثقيلاً يغطي مساحة واسعة من السفوح والسهول المحيطة، ويرتبط هذا النشاط بأعمال تعدين ومعالجة للخامات، وفي الموقع تبدو تجهيزات ضخمة ذات أذرع شعاعية طويلة خارجة من نقطة مركزية، وهو التصميم المعروف لمحطات التكسير والفرز المزودة بسيور ناقلة شعاعية مكدسة، إذ تقوم هذه السيور بنقل الصخور أو الخام المكسر وتوزيعه في أكوام مخروطية منتظمة حول المحطة.
وتستخدم هذه التقنية لتخزين المواد بصورة منظمة تسهل لاحقاً تحميلها في الشاحنات أو نقلها إلى وحدات معالجة أخرى، وتقلل الحاجة إلى استخدام جرافات إضافية. وعلّق تحقيق استقصائي لموقع “هنا عدن” بالقول إن وجود هذه المعدات الضخمة وسط بيئة جبلية مع طرق ترابية دائرية وأكوام تربة وحُفر قريبة يعكس نمط عمل موقع تعدين أو تنقيب واسع النطاق، حيث تُجلب المواد الخام من مناطق الاستخراجبواسطة شاحنات ثقيلة وجرافات مجنزرة ليتم تكسيرها وفرزها ونقلها عبر السيور.
وتكشف الإحداثيات الدقيقة موقعاً تتخلله حفرة كبيرة وأذرع تشبه السيور الناقلة أو الحفارات الضخمة، مع تغير لون التربة بشكل واضح بين الصور المؤرخة خلال العامين الأخيرين، وهناك مناطق كانت مظلمة صخرية أصبحت فاتحة اللون مخططة بمسارات مركبات ثقيلة، وهو دليل بصري على عمليات قشط طبقات عليا واستخراج مواد معدنية.
ويترافق هذا المشهد مع صور لمدرج طويل جديد في ذوباب، يزيد طوله على كيلومتر واحد وعرضه عشرات الأمتار، ما يشير إلى مهبط أو مطار في مراحله الأولى، ومعه طريق ترابي جديد يربط المدرج مباشرة بمحيط جبل النار بدلاً من الطريق الساحلي العام الذي يبعد بضعة كيلومترات فقط.
كما تُظهر الصور مناطق واسعة تم حفرها أو كشطها في الجبال، مع وجود حفر كبيرة وأكوام من المواد الخام في مواقع مختلفة، إلى جانب طرق واسعة مُهيأة لدخول وخروج الشاحنات الثقيلة، الأمر الذي يشير إلى حجم العمليات ونقل كميات كبيرة من المواد.
وتصطف حاويات ومبان صغيرة في صفوف منتظمة في أطراف الموقع، ما يعكس بنية تحتية لدعم العمال أو تخزين المعدات والمواد حسب التحقيق الاستقصائي، ويعطي اللون الداكن لبعض المساحات المحفورة مقابل اللون الفاتح للأرض الأصلية انطباعاً عن وجود تربة أو خامات مختلفة يتم استخراجها وفرزها.
وتكشف هذه التفاصيل عن وجود نشاط تعدين أو معالجة معادن على نطاق واسع ومنظم في المنطقة، مع تجهيزات صناعية ثقيلة متقدمة مصممة للتعامل مع خامات معدنية أو مواد صخرية بكميات ضخمة.
وذكر” الموقع بوست” اليوم الأحد 19 أكتوبر، أن صحيفة “الأخبار” اللبنانية المقربة من حزب الله، أكدت في تقرير لها إنه بعد نحو عامين من إغلاق فصائل موالية للإمارات منطقة جبل النار الواقعة بالقرب من مدينة المخا الساحلية غربي اليمن، بذريعة إنشاء معسكر فيها، تداول العشرات من الناشطين اليمنيين، ومعظمهم موالون للتحالف السعودي ـ الإماراتي، صوراً التقطت بواسطة الأقمار الاصطناعية عن نشاط إماراتي يتركّز في التنقيب ونقل خامات متعدّدة من المعادن من المنطقة.
وحسب التقرير فإن الإحداثيات أظهرت أن الإمارات أحاطت المنطقة بوجود عسكري، وكشفت عن وجود معدّات تنقيب ضخمة، منها ما له علاقة بالحفر ومعالجة الخامات المستخرجة.
وكان تحقيق استقصائي نشرته مؤسسة “هنا عدن”، أفاد أن أبو ظبي تقوم بتعدين سطحي في جبل النار، وهي تقنية تُستخدم لاستخراج خامات عالية القيمة أو بكميات كبيرة.
وأرجعت استخدام هذه التقنية إلى ارتفاع تكاليف إزالة الطبقات السطحية، ونقلت عن مصادر محلية أن الخامات التي تتعرّض للتجريف تحتوي على معادن ثمينة مثل الفوسفات أو التيتانيوم أو الجرمانيوم المرتبط بخامات الزنك.
ووسط سخط شعبي في تعز جراء النهب الإماراتي للثروة المعدنية في المحافظة، اكتفت الحكومة اليمنية بإصدار بيان على لسان “هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية”، نفت فيه وجود معدن الذهب في جبل النار.
ووفق الصحيفة فإن الكلام عن سرقة الإمارات للثروات اليمنية عمره سنوات، ويشمل مناطق تمتد من غرب محافظة تعز وحتى محافظات أبين وشبوة وحضرموت والمهرة شرق البلاد. لكن حجم التجهيزات والمعدات في جبل النار، يؤكد أن هناك شركات إماراتية تعمل بطريقة غير قانونية على استنزاف ثروات اليمن المعدنية.
ونقلت الصحيفة عن خبير جيولوجي في صنعاء، قوله إن “ما كشفته صور الأقمار الاصطناعية التي تم تداولها أخيراً، يشير إلى أن الإمارات استقدمت عبر شركات تابعة، معدات ضخمة إلى هذا الموقع بحراسة الميليشيات التابعة لها بقيادة طارق صالح، بعدما كانت في السابق توكل هذه المهمة إلى مقاولين محليين تحميهم فصائل عسكرية”.
وفي الأشهر الماضية، كشفت مصادر محلية في محافظة حضرموت عن احتجاز عدد كبير من الشاحنات المحمّلة بالأحجار الكريمة والتي كانت متجهة عبر الطرق الدولية الرابطة بين المحافظات الجنوبية والشرقية لليمن، تمهيداً لتهريبها إلى الإمارات.
وقالت إن فصائل مسلحة حضرمية تابعة للسعودية صادرت كميات كبيرة من هذه الشحنات، في حين قدّر خبراء في “هيئة الجيولوجيا والمعادن” في صنعاء، ما يتم نهبه من الأحجار الكريمة بنحو ربع مليار دولار سنوياً.
ولم يقتصر النهب المنظّم للثروات المعدنية من قبل الإمارات، على معدن دون آخر. إذ إن أبو ظبي التي دخلت الاستثمار في قطاع المعادن اليمني عام 2006، عملت على العبث بعدد من مناجم الذهب في حضرموت.
ورغم توقّف كل الشركات الإماراتية العاملة في هذا المجال عام 2018، وفقاً لمصادر حكومية في مدينة عدن، إلا أن شركة “ثاني دبي للتعدين”، ظلّت تعمل في منجمين للذهب في وادي حضرموت حتى عام 2022.
وأواخر العام الماضي، أوقف “حلف قبائل حضرموت” الموالي للسعودية، تصدير كميات كبيرة من خام الرمال السوداء من ميناء المكلا. وقال حينها إنه سيمنع تصدير أي ثروات حضرمية، وذلك بعد أن سيطر على 5 قطاعات نفطية في المحافظة بدعم سعودي.
ووفقاً لقانون المعادن اليمني النافذ، فإن هذا النوع من المعادن الثقيلة العالية القيمة الاقتصادية، يوجد بكميات كبيرة في المناطق الشرقية والغربية من ساحل حضرموت. ويقول الخبير الجيولوجي الذي رفض الكشف عن اسمه إن “الحكومة اليمنية باعت الطن من الرمال السوداء بنحو 220 دولاراً فقط، بينما سعره يتجاوز الـ2000 دولار، وهو ما يؤكد أن هناك شبكة مصالح ونفوذ تقف وراء تجريف وتهريب هذا المعدن الإستراتيجي”.
وسبق أن أكد تقرير صادر عن “معهد أطلس للشؤون الدولية” أن “الطموحات الجيوسياسية الإماراتية امتدت بشكل واضح للسيطرة على الموارد الطبيعية، وعلى رأسها الذهب اليمني” ووفقاً للمعهد، فإن الإمارات تمكّنت عبر “المجلس الانتقالي الجنوبي” من الوصول إلى المناطق الغنية بالمعادن الثمينة.
وفي الإطار نفسه، أكد تقرير دولي نشرته “منصة الطاقة المتخصصة”، ومقرها واشنطن، أواخر أيار الماضي، امتلاك اليمن احتياطيات كبيرة من الذهب، والزنك، والفضة، والحديد، وغيرها من المعادن، موزعة على محافظات حجة، وصنعاء، وحضرموت، والبيضاء والحديدة، مشيراً إلى أن الصراعات السياسية والأمنية تبقى عائقاً رئيسياً أمام جذب الاستثمارات وتفعيل عمليات التنقيب والإنتاج.






