في مجتمع اليوم، للخوف مما يعتقده الآخرون عنك، المعروف باسم “FOPO”، ورهاب “اللودوكسافوبيا” تأثير كبير على تصرفات الأفراد، وقراراتهم، وحتى أحاسيسهم.
ويتجلى هذا النوع من الخوف، الذي صاغه عالم النفس مايكل جيرفيه، كآلية وقائية تهدف إلى الحصول على القبول وتجنب الرفض.
ورغم أن الخوف مما يعتقده الآخرون عنك متجذر في الغرائز التطورية للبقاء داخل المجتمع، إلا أنه يتغلغل الآن في جوانب مختلفة من الحياة الحديثة، ويتفاقم بسبب التأثير المنتشر لوسائل التواصل الاجتماعي.
مراحل الرهاب
وبحسب تقرير نشره موقع “huffpost”، يحدد جيرفيه، مؤلف كتاب “القاعدة الأولى للإتقان: “توقف عن القلق بشأن ما يعتقده الناس فيك”، ثلاث مراحل من الخوف مما يعتقده الآخرون عنك، هي: “الترقب، والتحقق، والاستجابة”.
وتتضمن المرحلة الاستباقية الانشغال بالأفكار والمشاعر التي تسبق التفاعلات الاجتماعية. أما أثناء مرحلة التحقق، فيقوم الأفراد بفحص الإشارات الاجتماعية بدقة للتحقق من صحتها، وغالبًا ما يكون ذلك على حساب المشاركة الحقيقية. وأخيرا، في مرحلة الاستجابة، قد يغيّر الأفراد سلوكهم ليتوافق، ويضحون بقناعاتهم للتخفيف من المخاطر الاجتماعية المتصورة.
وتؤكد أبارنا ساجارام؛ معالجة في مجالي الزواج والأسرة، انتشار الخوف مما يعتقده الآخرون، خاصة داخل العائلات المهاجرة الراسخة في القيم المجتمعية.
وتسلط الضوء على تأثير وسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ تعمل معايير مثل الإعجابات والتعليقات كمقاييس للتحقق الخارجي؛ ما يزيد من تكثيف قبضة الخوف مما يعتقده الآخرون على الأفراد.
ويعد التعرف على علامات الخوف مما يعتقده الآخرون أمرًا بالغ الأهمية في معالجة تأثيره؛ إذ إن أفعالا مثل تفحص الهاتف بشكل مستمر، أو التظاهر بالضحك، أو الامتثال للمعايير المجتمعية على حساب التفضيلات الشخصية، تشير إلى قابلية الإصابة بالخوف مما يعتقده الآخرون.
علاوة على ذلك، فإن الخوف مما يعتقده الآخرون عنك يحث الأفراد على إعطاء الأولوية للتحقق الخارجي على التعبير الحقيقي عن الذات؛ ما يعيق النمو الشخصي وتحقيق الذات.
التغلب على المخاوف
يتطلب التغلب على الخوف مما يعتقده الآخرون عنك اتباع نهج متعدد الأوجه:
أولاً، يعتبر تعزيز الوعي بتأثير الخوف مما يعتقده الآخرون عنك بمثابة خطوة تأسيسية نحو التحرر من قبضته. كما أن استراتيجيات مثل التنفس، والحديث الإيجابي عن النفس، تساعد في إدارة القلق والشك بالذات.
علاوة على ذلك، فإن الانتقال من الهوية القائمة على الأداء إلى الهوية القائمة على الغرض، والمرتكزة على القيم الجوهرية بدلاً من التحقق الخارجي، يمكن أن يخفف من تأثير هذا الخوف.
كما أن الانخراط في تمارين توضيح القيم، سواء بشكل مستقل أو مع التوجيه المهني، يسهل مواءمة الإجراءات مع الأهداف والمعتقدات الأصيلة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التفكير في التجارب السابقة، والاعتراف بالفرص الضائعة بسبب الخوف مما يعتقده الآخرون عنك، يعزز محاولات التحرر، ويزرع المرونة في مواجهة الأحكام الخارجية.
وفي نهاية المطاف، تعمل تنمية الثقة بالنفس والأصالة على تمكين الأفراد من التعامل مع التفاعلات الاجتماعية بكفاءة ومرونة؛ ما يقلل من تأثير الآراء الخارجية.
وخلص التقرير، الذي نشره موقع “huffpost”، إلى أن الخوف مما يعتقده الآخرون عنك يمثل تحديًا منتشرًا، ولكن يمكن التغلب عليه في المجتمع الحديث.
ومن خلال الاعتراف بتأثيره، وتنفيذ استراتيجيات لتعزيز الأصالة والثقة بالنفس، يمكن للأفراد تحرير أنفسهم من أغلال التحقق الخارجي، واحتضان ذواتهم الحقيقية، والسعي إلى تحقيق الذات بشروطهم الخاصة.