تقارير

التفكك الأسري سياسة الحوثيين لهدم المجتمع

تقرير خاص

الخطاب والمنهج التعليمي الذي تتبناه جماعة الحوثيين في اليمن، حيث تشير المعطيات إلى أن التفكك الأسري أصبح جزءاً من مخطط مدروس لخدمة أجندات سياسية، ففي المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين تُدرس مناهج وملازم تعليمية تُحرض على تقويض الروابط الأسرية وتشجع على الولاء للجماعة على حساب الروابط العائلية.

أرقامٌ تكشف الواقع

وفقاً لدراسات ميدانية اعدها طلاب من جامعة صنعاء فإن نسبة الأسر المفككة في صنعاء وعمران وصعدة ( وهي مناطق يسيطر عليها الحوثيون) ارتفعت إلى 40% خلال السنوات الخمس الماضية، مقارنة بـ 20% في المناطق الأخرى، كما أن 60% من الشباب في هذه المناطق أفادوا في استطلاع للرأي بأن المناهج التعليمية تشجعهم على الانقطاع عن أسرهم إذا تعارضت قناعاتهم مع توجهات الجماعة، وفي تصريح للقيادي الحوثي ” احمد الشامي” ورد: “الأسرة التقليدية تمثل خطراً على الولاء للاسلام لذلك يجب إعادة تشكيل وعي الشباب ليكون ولاؤهم لاعلام الهدى “بينما ذكرت إحدى الناشطات اليمنيات بأن “تحويل الأسرة إلى عدوٍ رمزي هو جزء من حربهم النفسية، فهم يريدون شباباً بلا روابط عائلية ليتمكنوا من السيطرة عليهم.”

ضحية مشروع طائفي

وتحول التفكك الأسري في عهد جماعة الحوثي من أزمة اجتماعية الى أداة في صراع السلطة، فبواسطة التعليم والإعلام زرعت الأفكار التي تقوض سلطة الأب والأم، وتستبدلها بسلطة “القائد الديني” واصبحت الأسرة – بحسب محللين وتربويين- ضحية للسياسات المُمنهجة الطائفية، ويرى الاستاذ ” جمال السامعي” تربوي ، انه “لا بد من تسليط الضوء على قضية حماية الأسرة كونها مسألة اجتماعية ومقاومة لمشاريع التفتيت التي تهدد كيان المجتمعات تحت شعارات سياسية ودينية مزيفة، لأن الأسرة يتم إفراغها حاليا من دورها التقليدي كمركز للحماية والتضامن وإعادة صياغتها لتصبح أداة لتعزيز الولاء للجماعة”. ويضيف لموقع الوعل اليمني “في الكتب والملازم الدراسية تُقدم النصوص التي ترفع من شأن الطاعة العمياء للقيادات الحوثية على حساب الروابط الأسرية، بل وتصور الخلاف مع الأهل فضيلة إذا كان بدافع الالتزام بتعاليم الجماعة”.

أداة للتفكيك

وأظهرت تحليلات للمناهج التعليمية في مناطق سيطرة الحوثيين بأن هناك تركيزاً على مفاهيم مثل “الجهاد” بمعناه الطائفي، و”الولاء للقائد”، بينما يتم التقليل من شأن دور الأسرة في التنشئة، ففي إحدى الملازم الموجهة لطلاب المراكز الصيفية ورد نص صريح يقول: “إن حق القائد في الطاعة يفوق حق الوالدين إذا تعارضت أوامرهما مع توجيهات العلم.”، والعلم هو اللقب الذي تطلقه الجماعة على زعيمها عبدالملك الحوثي، وهي رسائل تعيد – بحسب خبراء- الى تشكيل الهوية الاجتماعية للشباب لتصبح هوية طائفية مشوهة، كما تشير البيانات الصادرة عن منظمات حقوقية محلية إلى أن حالات النزاع الأسري بسبب الانتماء السياسي أو الطائفي قد زادت بنسبة 65% خلال العامين الماضيين في المناطق الخاضعة للحوثيين، كما أن 30% من حالات الهروب من المنازل التي سجلتها مراكز الإيواء كانت بسبب ضغوط عائلية ناتجة عن التلقين الحوثي الذي يجبر الشباب على اختيار بين الولاء للأسرة أو الولاء للجماعة.

حرب نفسية

وبحسب الخبراء فإن الصراع في اليمن لم يعد مقتصراً على جبهات القتال بل امتد إلى داخل البيوت حيث تحولت الخلافات الأسرية إلى معارك إيديولوجية، تقول إحدى الأمهات من صنعاء لموقع الوعل اليمني”ابني يعتبرني كافرة لأنه سمع في المدرسة أن من لا يؤيد الحوثي خارج الملة ولم يعد ينظر إلي كأمه بل كعدوة يجب إقناعها أو هجرها”.

اما آثار هذه السياسات فهي لا تقتصر على الأفراد بل تصل إلى المجتمع ككل حيث يؤدي ضعف الروابط الأسرية إلى زيادة العنف المجتمعي، وتفشي الجريمة، وانهيار شبكات الدعم الاجتماعي، وبدون أسرة متماسكة يصبح الأفراد أكثر عرضة للتجنيد في الصفوف القتالية أو الانخراط في أنشطة متطرفة، مما يخلق بيئة خصبة لاستمرار الصراع.

زر الذهاب إلى الأعلى