ثقافة وفكر
أخر الأخبار

التوثيق بالصورة.. “وجود” مهرجان الصورة في عمّان بـ 26 معرضا

يؤكد مهرجان الصورة الذي تقام دورته الثانية عشرة بالمتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة، دور الصورة بصفتها وثيقة، وأهميتها كنصّ بصري يعبر عن العديد من المفردات الجمالية والإبداعية، وضرورة مواكبة التطورات في هذا المجال، خصوصًا ما يتصل بالبناء الفني لعناصر الصورة، وطريقة العرض، والموضوعات التي تتناولها.

المهرجان الذي أسسته دارة التصوير عام 2011، بتنظيم منها وبالشراكة مع عدد من المؤسسات المحلية والعالمية، يعد حدثا مميزا في عالم التصوير في المنطقة، يختص بفن التصوير الفوتوغرافي التوثيقي، ويستمر لمدة شهر كامل.

ويهدف المهرجان إلى لفت أنظار جمهور أكبر لهذا الفن في الأردن والمنطقة، خلق ملتقى للمحترفين، والتوسع عالميا لتوفير فرص تبادل ثقافي مستدام. واستقطبت الدورة الثانية عشرة اهتمام العديد من المؤسسات ومشاركة مصورين فوتوغرافيين من أنحاء العالم، لتوثيق تجارب إنسانية تنتمي لثقافات عدة بأسلوب جمالي.

ويتضمن المهرجان الذي تحمل دورته الحالية عنوان “وجود”، 26 معرضًا فنيًّا مختصًّا بالصورة الفوتوغرافيّة توزّعت على 11 موقعًا في العاصمة الأردنية عمّان، بالإضافة إلى مجموعة من الندوات وحلقات العمل والأفلام.

ويحتفي المهرجان بمعرض “أشباح التاريخ” لمويسس سامان المصور في وكالة ماغنوم الذي وثّق عبر عدسته عشرين عامًا من الحياة في العراق بعد الحرب. وتُعرَض صور سامان بمحاذاة نصوص من كتابته واقتباسات وإشارات مرجعية مستمَدّة من ثقافة “البوب” المعاصرة. ويحفّز المعرض على طرح الأسئلة عن الكيفية التي تتشكل من خلالها الروايات المنقولة والمتداولة.

إلى جانب ذلك، يتضمن المهرجان معارض عدة منها: “غرف انتظار الهروب” للنرويجي موريا وبيكبا، و”حكاية بصندوق” للفلسطينية لورا بشناق، و”استكشاف فوتوغرافي للمجتمع البوسني في جنوب غرب صربيا” للصربي ڤلادمير زيڤونوڤيتش، و”أن تكون موجودًا هو أن تقاوم” للفلسطينية حنان عوض، و”المترو” للمصرية هدير محمود، و”المناظر الطبيعية الأردنية غير الملوثة” للفرنسي جان بابتيست همبرت، و”غزة، الحرب المستمرة” للفلسطينية سمر أبوالعلوف.

وتتسم الصور بحيويتها وعمق زوايا الالتقاط للمشهد كما لو أنها تسرد قصصًا وتنقل حكايات وتجارب وتسجل واقعًا وتؤرخ لذاكرة إنسانية، حاملةً رسالتها في نقل الحقيقة أو أجزاء منها، وعاكسة مجريات الأحداث التي لا تطال البشر فقط بل تؤثر في كل مفردات الطبيعة، من بحر وشجر وصحراء.

وتنوعت تقنيات الصور المعروضة، ناقلةً إحساس المصور لحظةَ التقاطها وطريقته في نقل ذلك الإحساس، فمن الصور ما جاء بالأبيض والأسود، ومنها ما جاء مركّبًا بطريقة تعتمد على تقنيات الفن الحديث وما توفره التكنولوجيا من آفاق لهذا الفن، ومنها ما حافظَ على الألوان الطبيعية وبخاصة مفردتا الظل والضوء.

ورغم التنوع في التقنيات إلا أن الصور جميعها تحمل لمسة إنسانية عميقة، وتعبّر عن مشاعر دفينة، بخاصة في صور الوجوه، كالحسرة التي تطل من عيني امرأة فلسطينية تروي التجاعيد على وجهها حكايات الألم والمعاناة، أو الخوف من الواقع ممزوجًا في نظرات لاجئ قوّضت الحرب خططه للمستقبل، أو إصرار طفل وهو يحاول تمرير كفّه عبر جدار الفصل العنصري، أو شعور بالتيه والضياع في نظرات فتاة تقف عند مقدمة قارب كأنها تسير نحو المجهول.

وجاءت الصور التي وثقت لحياة المكان عميقة أيضًا، حيث البيوت المتراكبة في المدن، والمشاهد التي تصور أثرَ مَن كانوا في المكان، فيبدو الكرسي وحيدًا، والحذاء الصغير ملقى على الأرض.. ومن الصور ما وَثّق لمدن الاغتراب التي فُرضت على اللاجئين، وجاءت هذه الصور في غالبيتها بألوان قاتمة أو مطفأة، إشارةً إلى الحالة النفسية التي تعبّر عنها الصورة.

كما تنوعت الصور التي تلتقط مشاهد لجبال مهيبة، وكثبان رملية ذات تشكيلات مذهلة، والأشجار الموزعة على جنبات الطريق. وجاءت الصور التي مزجت بين العنصر الإنساني والمدينة، في غالبيتها، مركّزة على مفردات المكان، بينما الإنسان فيها يحضر عبر لقطة خلفية لا تُظهر وجهه.

إلى جانب معارض الصور، تبنّت فعاليات المهرجان عرض فيلم “وراء الكواليس- أول مصور في غزة: كيغام” بحضور مخرجته مروة جبارة طيبي. ويلقي الفيلم الضوء على حياة المصور الأرمني كيغام جغليان الذي تنقل بين القدس وغزة خلال عام 1945، وكان صاحب أول أستديو للتصوير الفوتوغرافي، وتعدّ صوره التي وصلت إلينا اليوم بمثابة أرشيف متنوع عن فلسطين في تلك الحقبة.

وأكدت ليندا خوري، منسقة المهرجان ومديرة دارة التصوير على أن الصور المعروضة تحاول إبراز الجانب الذي تفاعل من خلاله المصور مع عنوان “وجود” وكيف نقل هذا التفاعل بصريًّا ومن وجهة نظره الخاصة. وأوضحت أنه تم تخصيص زاوية لمصورين من غزة، بهدف نقل الحقيقة عبر الصور، وإتاحة الفرصة للمشاركين لنقل تجاربهم وقصصهم إلى العالم.

العرب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى