جرى استخدام الصاروخ الجعبري J80 لأول مرة خلال عملية العصف المأكول في شهر رمضان صيف عام 2014، إذ استُخدم في قصف الاحتلال الاسرائيلي. كما جرى استخدامه أيضاً في هجوم على شمال تل أبيب في 25 مارس/آذار 2019.
أبهرت كتائب الشهيد عز الدين القسام في قطاع غزة العالم بمهارتها وإبداعها في صناعة الأسلحة المحلية. بفضل جهود مجاهديها ومهندسيها، تمكنت الكتائب من تجاوز الحصار ومواجهة تحديات أعداء المقاومة.
أبهرت كتائب الشهيد عز الدين القسام في قطاع غزة العالم بمهارتها وإبداعها في صناعة الأسلحة المحلية. بفضل جهود مجاهديها ومهندسيها، تمكنت الكتائب من تجاوز الحصار ومواجهة تحديات أعداء المقاومة. وتعتبر صواريخ جعبري J80 أحد أبرز الأسلحة التي استخدمتها حماس في عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ضد إسرائيل. هذه الصواريخ صنعها بالكامل في قطاع غزة مهندسو القسام، وهي تعكس قدرات متقدمة وتكنولوجيا محلية متميزة.
ما صاروخ جعبري 80؟
الصاروخ الجعبري 80 (J80) هو صاروخ مصنوع محلياً وطورته كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس في قطاع غزة. يحمل اسم J80 تيمناً بالشهيد أحمد الجعبري، قائد كتائب القسام الذي اغتيل في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2012 خلال الحرب الثانية على قطاع غزة، إذ يرمز حرف “J” في الاسم إلى الجعبري.
جرى استخدام الصاروخ الجعبري J80 لأول مرة خلال عملية العصف المأكول في شهر رمضان صيف عام 2014، إذ استُخدم في قصف الاحتلال الاسرائيلي. كما جرى استخدامه أيضاً في هجوم على شمال تل أبيب في 25 مارس/آذار 2019. يعتبر الجعبري J80 واحداً من أبرز الأسلحة التي تستخدمها حماس في المواجهات مع إسرائيل.
مواصفات جعبري J80
يتميز الصاروخ جعبري J80 بمواصفات فريدة، إذ يبلغ وزن رأسه الحربي نحو12 كيلوجراماً، ويملك مدى يفوق 100 كيلومتر. يتمتع الصاروخ بتقنية تضليل القبة الحديدية، إذ يتميز بحركته غير المنتظمة والمتذبذبة، ويحمل تقنية خاصة تساعده على الهروب من صواريخ القبة الحديدية.
استخدمت كتائب القسام جعبري J80 لتحدي منظومات الهندسة الإسرائيلية وفرق تشغيل بطاريات القبة الحديدية. وأكد خبير عسكري في جيش الاحتلال أن القبة الحديدية التي يزعم الاحتلال حماية نفسه بها فشلت في صد الصواريخ جعبري J80، وجرى تأكيد هذا الأمر عملياً، إذ لم تنجح إسرائيل في اعتراض الصواريخ التي أطلقت نحو تل أبيب خلال حرب العصف المأكول في عام 2014.
وعرضت حماس مؤخراً نموذج أحدث للصاروخ يحمل اسم جعبري 90 (J-90).
من أحمد الجعبري؟
أحمد الجعبري هو قائد فلسطيني. وُلد في الرابع من ديسمبر/كانون الأول عام 1960 في حي الشجاعية في مدينة غزة، وأصول عائلته تعود إلى مدينة الخليل في الضفة الغربية. أكمل أحمد الجعبري تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي في مدارس قطاع غزة، وعمل في مجال الزراعة لتأمين معيشته وأسرته، بسبب غياب والده الذي كان يعيش في الأردن في تلك الفترة، تحمل مسؤولية الأسرة لمدة تسع سنوات متواصلة. ولم يؤثر ذلك في استمراره في مسيرته التعليمية، إذ حصل أحمد الجعبري على شهادة البكالوريوس في تخصص التاريخ من الجامعة الإسلامية في غزة.
مسيرة أحمد الجعبري السياسية
شهدت حياة أحمد الجعبري مسيرة سياسية حافلة، إذ انضم في بداية نشاطه السياسي إلى حركة فتح، وتعرض للاعتقال بتهمة الانخراط في مجموعات عسكرية تابعة لفتح تخطط لعملية فدائية ضد الاحتلال في عام 1982.
في فترة احتجاز أحمد الجعبري في السجن، أقام علاقات وثيقة مع قادة فلسطينيين من جماعة الإخوان المسلمين مثل الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وإبراهيم المقادمة. بعد ذلك، قطع علاقته مع حركة فتح وانضم إلى هذه الجماعة التي أصبحت فيما بعد تُعرف بحركة حماس، وذلك قبل تأسيسها رسمياً في عام 1987.
بعد خروج الجعبري من سجون الاحتلال في عام 1995، انضم إلى القيادة السياسية لحركة حماس وتولى مسؤولية “دائرة شؤون الأسرى والمحررين”. في عام 1997، أصبح عضواً في “حزب الخلاص الإسلامي” الذي أسسته حماس لتجاوز العقبات التي فرضتها السلطة الفلسطينية. جرى انتخابه لعضوية المكتب السياسي لحماس لمدتين متتاليتين.
خلال نشاطه السياسي، ظهرت علاقة الجعبري بالقائد العام لكتائب القسام، محمد الضيف، وبعدد من القادة البارزين في حماس مثل عدنان الغول وسعد العرابيد. ساهم الجعبري مع هؤلاء القادة في تأسيس “كتائب عز الدين القسام” وقاد منطقة غزة المعروفة تنظيمياً باسم “لواء غزة”. واعتقله جهاز الأمن الوقائي التابع للسلطة في عام 1998 بتهمة علاقته بكتائب القسام.
أُفرج عن أحمد الجعبري من سجون السلطة بعد قصف الاحتلال مقراتها الأمنية في قطاع غزة في بداية انتفاضة الأقصى في عام 2000. وشارك أحمد الجعبري في قيادة عمليات الانتفاضة ضد الاحتلال وأصبح واحداً من القادة العسكريين البارزين في حماس. كان أحد أهم ثلاثة أعضاء في المجلس العسكري لكتائب القسام حتى اغتيال الشيخ صلاح شحادة في 22 يوليو/تموز 2002.
بعد فشل محاولة اغتيال القائد العام لكتائب القسام، محمد الضيف، في عام 2003، أصبح الجعبري “القائد الفعلي” للكتائب القسام نائباً للضيف. وأصبحت القيادات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية تشير إليه باسم “رئيس أركان حماس” و”الرقم الأصعب” في قيادة الجناح العسكري لحماس.
تألق أحمد الجعبري قائداً عسكرياً بارزاً خلال الهجوم الإسرائيلي على غزة في نهاية عام 2008 وبداية عام 2009. حصل على اعتراف وسائل الإعلام الإسرائيلية بأنه “مهندس الدفاع” في هذا الهجوم الذي استمر لأكثر من 20 يوماً، وأطلق عليه لقب “الشبح” بسبب فشل القوات الإسرائيلية في اعتقاله أو قتله خلال الهجوم.
من قمة الهرم العسكري القيادي لكتائب القسام، حقق أحمد الجعبري إنجازات كبيرة خلال فترة توليه مسؤولية “رئيس الأركان”. جرى تحويل الكتائب من نظام المجموعات إلى “جيش نظامي” يتألف من نحو 20 ألف مقاتل منضبط، ويملك ترسانة متنوعة من الأسلحة المتوسطة والخفيفة.
أظهر أحمد الجعبري قدرات قيادية عالية في إشرافه على عديد من العمليات العسكرية النوعية لكتائب القسام. تحت قيادته، تبنت الكتائب أنظمة تدريب وتسلسل قيادي واضحة، وأصبحت أكثر مؤسسية ومهنية. في حالة فقدان القيادة الحالية، يمكن تعويضها بقيادة جديدة، إذ يكون بجانب القائد العام قادة آخرون.
وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز، أصبحت كتائب القسام بقيادة أحمد الجعبري أقوى وأكبر “المليشيات” في قطاع غزة. قسم القطاع إلى ست مناطق، وكل منطقة لديها قائد خاص يخضع لسلطة أحمد الجعبري. أصبح أحمد الجعبري شخصية شعبية تملأ صورته الملصقات واللافتات في القطاع.
تُوجِّه إسرائيل اتهامات للجعبري بالمسؤولية عن تخطيط وتنفيذ العديد من العمليات العسكرية التي نفذتها كتائب القسام ضدها. كان مطلباً رئيسياً لأجهزة المخابرات الإسرائيلية وتعرض لأربع محاولات اغتيال فاشلة. تعرض منزل أحمد الجعبري لقصف طائرة إسرائيلية في 18 أغسطس/آب 2004، وأصيب بجروح طفيفة، واستُشهد ابنه وشقيقه وصهره وأقاربه في هذا الحادث. كما كان لجهاز “الشاباك” محاولتان لاختطافه، واعتُبر هدفاً ذا أولوية عالية في إحدى هذه الخطط في منتصف عام 2008.
أحمد الجعبري مهندس صفقة الأحرار
مع إنجازاته العسكرية الكبيرة، اكتسب أحمد الجعبري شهرة واسعة بصفته مهندس صفقة الأحرار. تبرز قدرته القيادية أكثر في دوره في قيادة مفاوضات صفقة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، التي استمرت لمدة ست سنوات. في عام 2006، أسرت كتائب القسام جلعاد شاليط خلال عملية “الوهم المتبدد”، وتولى الجعبري شخصياً مسؤولية رعايته وإدارة قضيته.
نتج عن هذه المفاوضات المعقدة وغير المباشرة مبادلة جلعاد شاليط بـ1047 أسيراً وأسيرة فلسطينية، بما في ذلك أسرى ذوو أحكام عالية. جرى تنفيذ هذه الصفقة بين أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول 2011، وأطلقت عليها حماس اسم “وفاء الأحرار”. يعتبر نجاح أحمد الجعبري في إتمام هذه العملية إشارة إلى نجاحه في قيادته العسكرية وقدرته على إدارة شؤون الأسرى بنجاح.
اغتيال أحمد الجعبري
في مساء يوم 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، اغتال الاحتلال الإسرائيلي أحمد الجعبري. جرى استهداف سيارته في غارة جوية قرب مجمع الخدمة العامة في مدينة غزة. جرت هذه العملية بعد أسبوع فقط من عودته من رحلة الحج في مكة المكرمة. جرى اغتيال أحمد الجعبري في مقدمة العدوان العسكري الإسرائيلي الكبير على قطاع غزة الذي استمر لمدة عشرة أيام.
حتى لحظة اغتياله، كان أحمد الجعبري يشغل منصب رئيس أركان المقاومة في فلسطين وكان من بين أبرز قادة كتائب الشهيد عز الدين القسام. في بيان نعيه، أكدت كتائب القسام دوره البارز وأهميته في المقاومة. كان لأحمد الجعبري موقف قوي يتمثل في قوله: “ما دام الصهاينة يحتلون أرضنا الفلسطينية، فلا خيار لديهم سوى الموت أو الرحيل عنها”.
TRT عربي