رفضت وزارة الصحة التابعة لحركة “حماس” في غزة اليوم الخميس أمراً أصدره الجيش الإسرائيلي بإخلاء المستشفيات الواقعة في مدينة غزة نحو جنوب القطاع، تمهيداً لهجوم إسرائيلي وشيك.
وأعربت الوزارة في بيان “عن رفضها لأية خطوة من شأنها تقويض ما بقي من النظام الصحي بعد عملية التدمير الممنهج التي قامت بها سلطات الاحتلال”، مناشدة المؤسسات الدولية والأممية “حماية ما بقي من النظام الصحي وتوفير كل الموارد اللازمة لإنقاذ الأرواح”.
وقال الجيش الإسرائيلي الخميس إنه بدأ إبلاغ الطواقم الطبية ومنظمات الإغاثة في شمال غزة بضرورة الشروع في إعداد خطط إجلاء، تمهيدا لعملية عسكرية للسيطرة على المدينة.
وجاء في البيان الصادر عن الجيش أن المسؤولين العسكريين الإسرائيليين أبلغوا هذا الأسبوع “المسؤولين في القطاع الطبي والمنظمات الدولية في شمال قطاع غزة من أجل الاستعداد لإجلاء السكان إلى جنوب القطاع”.
عبر فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) اليوم الخميس عن مخاوفه من موت أطفال يعانون سوء التغذية في غزة، إذا لم تتوافر فوراً المخصصات العاجلة خلال العملية العسكرية الإسرائيلية داخل مدينة غزة.
وذكر لازاريني أن بيانات “الأونروا” أظهرت زيادة عدد الأطفال الذين يعانون سوء التغذية في مدينة غزة، بواقع ستة أمثال منذ مارس (آذار) الماضي.
وقال خلال اجتماع لنادي الصحافيين في جنيف “لدينا سكان ضعفاء للغاية سيتعرضون لعملية عسكرية كبيرة جديدة… ببساطة لن يكون لدى كثير منهم القوة اللازمة للقيام بنزوح جديد”.
وأضاف باللغة الفرنسية، متحدثاً عن الأطفال، “لن ينجو كثير منهم… إنها مجاعة مصطنعة ومفتعلة، إنها متعمدة، استخدام الغذاء كأداة حرب”.
وأفاد مرصد عالمي للجوع خلال مايو (أيار) الماضي بأن نصف مليون شخص داخل قطاع غزة يتعرضون للجوع، لكنه امتنع عن استخدام مصطلح المجاعة.
وسبق أن قالت وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي وكالة عسكرية إسرائيلية مسؤولة عن تنسيق المساعدات، إنها تبذل جهوداً كبيرة لضمان وصول المساعدات إلى غزة، ونفت فرض قيود على دخولها إلى القطاع.
مقتل 10 فلسطينيين
قُتل 10 فلسطينيين بينهم ثلاثة من منتظري المساعدات وأصيب آخرون بجروح اليوم الخميس في قصف إسرائيلي على حي التفاح شمال شرق غزة وشارع صلاح الدين وسط القطاع، ومدينة خان يونس جنوباً.
وفي التفاصيل، أفادت الوكالة الفلسطينية الرسمية للأنباء (وفا) بمقتل “5 فلسطينيين في قصف مسيرة للاحتلال منطقة شمال غرب مدينة خان يونس”. وأضافت أن “ثلاثة أشخاص قُتلوا وأصيب آخر بجروح، جراء استهداف الاحتلال تجمعات قرب مركز مساعدات على شارع صلاح الدين وسط قطاع غزة”.
كما قُتل شخصان وأصيب آخرون بجروح حرجة جراء قصف مسيرة للاحتلال تجمعاً في منطقة الزرقا في حي التفاح شمال شرق مدينة غزة.
وواصل الاحتلال عمليات النسف في حيي الزيتون شرق مدينة غزة، والصبرة وسط وجنوب المدينة، وجباليا شمال القطاع.
“حماس” تندد
من جهة أخرى رأت حركة “حماس” أمس الأربعاء في الخطة العسكرية، التي أعلنتها إسرائيل للسيطرة على مدينة غزة، “استهتاراً” بالجهود التي تبذلها وساطات عربية ودولية لوقف الحرب في القطاع الفلسطيني.
وقالت الحركة في بيان إن إعلان الجيش الإسرائيلي “ما سماه عملية ’عربات جدعون 2‘ ضد مدينة غزة يمثل إمعاناً في حرب الإبادة المستمرة منذ أكثر من 22 شهراً، واستهتاراً بالجهود التي يبذلها الوسطاء” لوقف الحرب.
أعلن الجيش الإسرائيلي الخطوات الأولى من عملية للسيطرة على مدينة غزة أمس الأربعاء، واستدعى عشرات الآلاف من قوات الاحتياط، في وقت تدرس فيه الحكومة الإسرائيلية مقترحاً جديداً لوقف إطلاق النار بعد مرور نحو عامين على نشوب الحرب.
وقال البريجادير جنرال إيفي ديفرين، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، لصحافيين “بدأنا العمليات الأولية والخطوات الأولى من الهجوم على مدينة غزة، وقوات جيش الدفاع الإسرائيلي تسيطر بالفعل الآن على ضواحي مدينة غزة”.
لكن مسؤولاً عسكرياً قال خلال إفادة صحافية إن جنود الاحتياط لن يلتحقوا بالخدمة قبل حلول الشهر المقبل، وهي خطوة تمنح الوسطاء بعض الوقت لتقريب وجهات النظر بين حركة “حماس” وإسرائيل حول شروط وقف إطلاق النار.
وبعد اشتباك القوات الإسرائيلية مع “حماس” في القطاع الفلسطيني أمس، ذكر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن بنيامين نتنياهو قلل المهلة الزمنية للسيطرة على معاقل “حماس” وهزيمة الحركة التي أشعلت فتيل الصراع بهجومها على إسرائيل في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
إسرائيل ماضية قدماً في خطتها
تشير هذه التصريحات إلى أن إسرائيل ماضية قدماً في خطتها للسيطرة على أكبر مركز حضري في قطاع غزة، على رغم الانتقادات الدولية لعملية من المرجح أن تجبر الفلسطينيين على مزيد من النزوح.
وقال ديفرين إن القوات تنفذ عمليات بالفعل في ضواحي مدينة غزة، وإن “حماس” أصبحت قوة عصابات “مهزومة ومستنزفة” الآن، وأضاف “سنعمق الهجوم على حماس في مدينة غزة، معقل الإرهاب الحكومي والعسكري للمنظمة الإرهابية”.
واستدعى الجيش الإسرائيلي عشرات الآلاف من قوات الاحتياط أمس استعداداً لهجوم متوقع على مدينة غزة، في وقت تدرس فيه الحكومة الإسرائيلية مقترحاً جديداً لوقف إطلاق النار.
واتهمت “حماس” في بيان على “تيليغرام” نتنياهو بعرقلة اتفاق وقف إطلاق النار من أجل مواصلة الحكومة “حربها الوحشية ضد المدنيين الأبرياء بتصعيد عملياتها الإجرامية في مدينة غزة”، وقالت “تجاهل نتنياهو لمقترح الوسطاء وعدم رده عليه يثبت أنه المعطل الحقيقي لأي اتفاق”.
ووافق مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هذا الشهر على خطة لتوسيع نطاق الحملة في القطاع بهدف السيطرة على مدينة غزة، حيث خاضت القوات الإسرائيلية معارك شرسة مع “حماس” في المراحل الأولى من الحرب، وتسيطر إسرائيل حالياً على نحو 75 في المئة من قطاع غزة.
ويحث كثيرون من أقرب حلفاء إسرائيل الحكومة على إعادة النظر في هذه الخطة، لكن نتنياهو يتعرض لضغوط من بعض أعضاء اليمين المتطرف في ائتلافه من أجل رفض وقف إطلاق النار الموقت، ومواصلة الحرب والسعي إلى ضم غزة.
وأعلن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش المنتمي لتيار اليمين المتطرف أمس الأربعاء الموافقة النهائية على خطة إسرائيلية لاقت استنكاراً واسعاً لمشروع استيطاني في الضفة الغربية المحتلة، قال إنها ستقضي على أي احتمال لقيام دولة فلسطينية.
واندلعت الحرب في السابع من أكتوبر 2023 عندما هاجم مسلحون بقيادة “حماس” تجمعات سكانية بجنوب إسرائيل، مما أسفر بحسب إحصاءات إسرائيلية عن مقتل نحو 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، واقتياد 251 رهينة إلى غزة.
ووفقاً لمسؤولي الصحة في القطاع، قتل أكثر من 62 ألف فلسطيني في الحملة الإسرائيلية اللاحقة والمتواصلة، ولا يفرق مسؤولو الصحة في غزة بين القتلى المسلحين والمدنيين لكنهم يقولون إن معظمهم من النساء والأطفال.
وقبلت “حماس” اقتراحاً قدمه الوسيطان مصر وقطر لوقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً وتضمن إطلاق سراح بعض الرهائن، في مقابل الإفراج عن محتجزين فلسطينيين في إسرائيل.
ولا تزال الحكومة الإسرائيلية تدرس هذا الاقتراح، وسبق أن قالت إنه يجب إطلاق سراح جميع الرهائن الـ50 المتبقين فوراً، وتعتقد السلطات الإسرائيلية أن 20 رهينة ما زالوا على قيد الحياة.
ويخشى كثيرون من سكان غزة وزعماء أجانب من أن يتسبب الهجوم على المدينة في خسائر بشرية فادحة، في حين تقول إسرائيل إنها ستساعد المدنيين في مغادرة مناطق القتال قبل الشروع في أي هجوم.
اشتباكات بين قوات إسرائيلية ومقاتلي “حماس”
اشتبكت القوات الإسرائيلية أمس مع أكثر من 15 مسلحاً من “حماس” خرجوا من أنفاق وأطلقوا النار والصواريخ المضادة للدبابات قرب خان يونس جنوب مدينة غزة، وقال مسؤول عسكري إسرائيلي إن الهجوم أدى إلى إصابة جندي بجروح بالغة واثنين آخرين بجروح طفيفة.
وأكدت كتائب القسام الجناح العسكري لـ”حماس” في بيان شن هجوم على قوات إسرائيلية إلى الجنوب الشرقي من خان يونس والاشتباك معها عن قرب، وقالت إن أحد المسلحين فجر نفسه بين الجنود، مما أسفر عن خسائر بشرية، وذلك خلال هجوم استمر ساعات عدة.
وتسببت الحملة العسكرية الإسرائيلية في دمار واسع النطاق بقطاع غزة، الذي كان يسكنه قبل الحرب نحو 2.3 مليون فلسطيني، ودمر كثير من المباني من بينها منازل ومدارس ومساجد. واتهم الجيش الإسرائيلي “حماس” بتنفيذ عمليات من داخل البنية التحتية المدنية، وهو ما تنفيه “حماس”.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن سكان مدينة غزة سيتلقون أوامر بالإخلاء قبل دخول أية قوة.
وذكرت البطريركية اللاتينية-القدس، التي تشرف على الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في القطاع والواقعة في مدينة غزة، أنها أبلغت بأن الأحياء المجاورة لها بدأت في تلقي إخطارات بالإخلاء.
وأضعفت الحرب بشدة حركة “حماس”، التي تحكم غزة منذ ما يقرب من عقدين، ويقول الجيش الإسرائيلي إن “حماس” تقلصت.
وقالت “حماس” إنها ستفرج عن كل الرهائن الباقين في مقابل إنهاء الحرب، وتقول إسرائيل إنها لن تنهي الحرب قبل أن تلقي الحركة سلاحها.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الإسرائيليين يؤيدون بشدة إنهاء الحرب إذا كان سيتم تحرير الرهائن، وشاركت أعداد كبيرة يوم السبت في مسيرة بتل أبيب حثت الحكومة على المضي قدماً في إبرام مثل هذا الاتفاق.
وأظهر استطلاع جديد للرأي أجرته “رويترز / إبسوس”، أن غالبية تبلغ 58 في المئة من الأميركيين يعتقدون أنه ينبغي لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الاعتراف بدولة فلسطين.