الحديدة من عروس البحر الأحمر إلى مدينة يلتهمها الفقر والظلام

  تناول تقرير موسع لـ”اندبندنت عربية” الأوضاع المعيشية في الحديدة، في ظل اتساع رقعة الفقر، وانعدام الخدمات الحكومية، وعلى رأسها انقطاع الرواتب، وخدمات الكهرباء، وهي المدينة الساحلية التي  تتجاوز درجات الحرارة في بعض مناطقها 45 درجة مئوية.

تعاني المحافظة من صعوبة حصول كثير من السكان على التيار الكهربائي بسبب ارتفاع كلفتها بخاصة في المناطق التي تسيطر عليها مليشيا الحوثيون.

ويعيش نحو 3 ملايين من سكان محافظة الحديدة (غرب اليمن) التي تسيطر عليها المليشيا في ظروف صعبة “حولت حياتهم إلى جحيم لا يطاق”، وتعاني المدينة الساحلية مع بقية مديرياتها المترامية من الحر والفقر لاسيما المرضى من كبار السن والأطفال في ظل سلطة يصفها السكان أنها “لا تعرف غير فرض الجبايات”، وتصل درجة الحرارة في الحديدة خلال فصل الصيف إلى 45 مئوية وتتراوح نسبة الرطوبة العالية بين 70 و85 في المئة.

وعاشت المدينة في وقت سابق تحت الظلام لعامين متتاليين منذ عام 2018 وحتى 2020 بسبب انقطاع التيار الكهربائي الذي عاد بشكل تجاري لم يتمكن غالبية الناس من الاستفادة منه بسبب أسعاره المرتفعة، إذ تبلغ تكاليف الاستهلاك الشهري للكهرباء لإحدى العائلات المتوسطة ما يقارب 260 دولار أميركي بحسب ما تحدث به السكان.

ويؤكد السكان أن الشوارع والأرصفة باتت “بدائل كبار السن للنوم والبحث عن نسمة هواء باردة”، ويقول أحدهم واصفاً المشهد إن “المدينة تحولت إلى فوهة بركان”.

وتقول رنا الحبيشي وهي إعلامية يمنية تعيش في محافظة الحديدة، إن “معاناة السكان متعددة ومختلفة ومؤلمة خصوصاً أولئك الذين يعانون أمراضاً مزمنة”، وتضيف “أنا شخصياً لدي مرضان هما الضغط والسكر، لا أستطيع النوم من دون تكييف، لكنه وللأسف الفواتير تكلفنا فوق 70 و80 ألف ريال يمني” أي ما يعادل 150 دولاراً.

ويعاني اليمنيون جراء انقطاع رواتبهم منذ عام 2016 في المناطق التي تسطير عليها مليشيا الحوثي، وبدورها تقترح الشابة اليمنية للخروج من أزمة الكهرباء “خفض تسعيرة الكهرباء إلى 20 ريال يمني مع عودة الرواتب”.

وتقول إيناس علي (اسم مستعار) إن “الناس باتوا يفترشون الأرض عراة هرباً من المنازل والمخيمات الحارة”، وتضيف “أجهزة التكييف باتت كالزينة في أغلب المنازل ونادراً ما تسمع صوتها لأن الناس لا تستطيع تحمل تكاليف تشغيلها”.

ويستهلك المكيف الواحد بحسب إيناس كل ثلاث ساعات نحو 700 ريال يمني، أي ما يعادل 2.8 دولار أميركي، وتضيف “من أين نأتي بها ونحن نعيش بلا مرتبات منذ سنوات؟”.

ويلجأ السكان كما تقول إلى بدائل لمواجهة الطقس الحار “كالخروج في الساحات والأحواش وأسطح المنازل التي تبرد بالماء”.

ويخشى السكان تفاقم أزمات صحية خصوصاً لدى المسنين والأطفال جراء الطقس الحار، تشير إيناس إلى أن أعراضاً بدأت تظهر على الأطفال بسبب عدم تحمل درجات الحرارة في المدينة الساحلية الرطبة.

مصدر دخل

من جهته يرى الصحافي اليمني مصعب عفيف أن الحوثي منذ سيطرته على البلاد في عام 2015 بات ينظر إلى الكهرباء بوصفها مصدر دخل للمليشيا المدعومة من إيران، وبدأ الحوثيون رحلتهم مع الكهرباء بعد تعطيل المحطة الكهربائية في الحديدة وتسريح موظفيها والتوقف عن صيانتها، بمبرر عدم القدرة على استيراد مادة المازوت المشغلة للمحطة تحت حجة منع التحالف دخول سفن المازوت والوقود، لكن هذا المبرر سقط مع السماح لسفن الوقود على أنواعها بالوصول إلى ميناء الحديدة.

ومع عودة تدفق مادة المازوت عبر ميناء الحديدة، يقول عفيف “استحدث الحوثيون نظام الخط الساخن وحصروا خدمة الكهرباء بالمستشفيات والمنشآت التجارية بمقابل مالي كبير، وانتعشت تجارة الحوثيين عبر هذه العملية، إضافة إلى استيراد منظومات الطاقة الشمسية وبيعها لأبناء المدينة”.

محطة كهرباء تجارية

ولم يكتف الحوثيون بهذا بل بدأوا مرحلة جديدة، فأنشأ عدد من قياداتهم شركات كهرباء تجارية داخل أحياء الحديدة وعموم محافظات اليمن باستخدام مولدات كهربائية حكومية نهبت من مرافق وزارة الكهرباء، وبدأوا بالمتاجرة بالكهرباء بمبالغ باهظة، واضطر بعض سكان الحديدة الميسورين إلى الاشتراك فيها.

Exit mobile version