الحيّة في ذكرى انطلاقة حماس: سلاح المقاومة حق مشروع وأولويات المرحلة تثبيت الاتفاق والإعمار والوحدة الوطنية

الدوحة – الوعل اليمني  

أكد رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة خليل الحيّة، أن المقاومة الفلسطينية وسلاحها “حق مشروع كفلته القوانين الدولية لكل الشعوب الواقعة تحت الاحتلال”، مشددًا على أن هذا الحق مرتبط بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، ومؤكدًا في الوقت ذاته انفتاح الحركة على دراسة أي مقترحات سياسية تحافظ على هذا الحق وتضمن تقرير المصير للشعب الفلسطيني.

جاء ذلك في كلمة ألقاها الحيّة، اليوم الأحد، بمناسبة الذكرى الثامنة والثلاثين لانطلاقة حركة حماس، والتي تحل في ظل استمرار تداعيات معركة “طوفان الأقصى” وحرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، وما خلفته من دمار واسع وأوضاع إنسانية كارثية.

استشهاد رائد سعد

واستهل الحيّة كلمته بالإعلان رسميًا عن استشهاد القيادي في كتائب القسام رائد سعد، إثر غارة إسرائيلية استهدفت سيارة على شارع الرشيد غرب مدينة غزة، معتبرًا أن عملية الاغتيال تأتي في سياق الخروقات الإسرائيلية المتواصلة لاتفاق وقف إطلاق النار.

وأكد أن استمرار هذه الخروقات، إلى جانب عرقلة إدخال المساعدات وتنفيذ الاغتيالات، يهدد صمود الاتفاق ويعرضه للانهيار، داعيًا الوسطاء، وعلى رأسهم الإدارة الأميركية والرئيس دونالد ترامب، بصفتهم الضامن الأساسي، إلى إلزام الاحتلال باحترام الاتفاق وتنفيذه كاملًا.

أولويات المرحلة المقبلة

وأوضح الحيّة أن قيادة الحركة اعتمدت مجموعة من الأولويات لمواجهة التحديات الراهنة والتعامل مع المخاطر والفرص المتاحة، وفي مقدمتها استكمال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، والتي تشمل إدخال المساعدات الإنسانية والمعدات الطبية، وتأهيل المستشفيات والمراكز الصحية والبنية التحتية، وفتح معبر رفح في الاتجاهين.

وأضاف أن من بين الأولويات أيضًا الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، بما يضمن الانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من قطاع غزة، والشروع الفعلي في مشاريع الإعمار، مؤكدًا تمسك حماس والفصائل الفلسطينية بالاتفاق ورفضها أي محاولات للالتفاف عليه.

وفي الشأن الداخلي، دعا الحيّة إلى تشكيل لجنة تكنوقراط من شخصيات فلسطينية مستقلة لإدارة قطاع غزة بشكل فوري، مؤكدًا جاهزية حركة حماس لتسليمها كامل الصلاحيات والمهام في مختلف المجالات، وتسهيل عملها دون أي عوائق.

وشدد على أن هذه الخطوة تأتي في إطار الحرص على مصلحة الشعب الفلسطيني، وتخفيف معاناته، وإدارة شؤونه الحياتية بعيدًا عن أي حسابات فصائلية أو ضغوط خارجية.

القوات الدولية وحدود دورها

وفيما يتعلق بمقترحات نشر قوات دولية، أكد الحيّة أن مهمة أي قوات دولية يجب أن تقتصر على حفظ وقف إطلاق النار والفصل بين الجانبين على حدود قطاع غزة مع أراضي عام 1948، دون أن يكون لها أي مهام داخل القطاع أو تدخل في شؤونه الداخلية.

كما أوضح أن مهمة ما يسمى بـ”مجلس السلام” ينبغي أن تقتصر على رعاية تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وتأمين التمويل اللازم، والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة، محذرًا من أي محاولات لفرض وصاية أو انتداب جديد على الشعب الفلسطيني.

وجدد الحيّة التأكيد على رفض الحركة القاطع لكل مظاهر الوصاية والانتداب على الشعب الفلسطيني، مشددًا على أن الشعب الفلسطيني وحده من يقرر مصيره ومن يدير شؤونه، وأن أي حلول مفروضة من الخارج مآلها الفشل.

وأشار إلى أن الحركة ملتزمة بما تم التوافق عليه مع الفصائل الفلسطينية بشأن القضايا المطروحة في الرؤى السياسية المتعلقة بوقف الحرب، بما يحفظ الحقوق الوطنية الفلسطينية.

 إعادة بناء المرجعية الفلسطينية

وأكد الحيّة حرص حركة حماس على العمل المشترك مع القوى والفصائل الفلسطينية كافة، من أجل تحقيق الوحدة الوطنية وبناء مرجعية وطنية جامعة تسعى لاستعادة الحقوق الوطنية، وعلى رأسها حق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.

ودعا حركة فتح والسلطة الفلسطينية إلى التوافق على برنامج وطني مشترك، وإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية والمشروع الوطني، وإعادة بنائها وفق التفاهمات السابقة، إلى جانب تفعيل الحياة السياسية الفلسطينية عبر صندوق الانتخابات.

وفي سياق حديثه عن الأوضاع الإنسانية، شدد الحيّة على أن أولوية المرحلة هي التحرك المكثف للإغاثة وإنهاء معاناة سكان قطاع غزة، وتوفير مقومات الحياة الكريمة، ومنع تكرار الكوارث الإنسانية، محذرًا من استمرار الحصار وركام المنازل ونقص الغذاء وبرد الشتاء، خاصة بعد المأساة التي شهدها القطاع خلال المنخفض الجوي الأخير.

قضية الأسرى أولوية دائمة

وأكد الحيّة أن قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال تمثل أولوية مركزية لدى حركة حماس وفصائل المقاومة، مشيرًا إلى العمل على تحسين أوضاعهم الإنسانية وإنهاء الانتهاكات بحقهم، وصولًا إلى تحريرهم الكامل.

وانتقد صمت المجتمع الدولي تجاه الجرائم المرتكبة بحق الأسرى، داعيًا إلى تحرك دولي جاد لوقف هذه الانتهاكات ومحاسبة الاحتلال.

ودعا رئيس حركة حماس إلى ملاحقة الاحتلال قانونيًا، وعزله سياسيًا، وتقديم قادته للمحاكمة أمام المحاكم الدولية، على خلفية ارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة.

كما شدد على أهمية توسيع التحرك الإقليمي والدولي لكسب التأييد للقضية الفلسطينية، وتفعيل الجهد الإعلامي لفضح الجرائم الإسرائيلية وكشف طبيعة الاحتلال أمام الرأي العام العالمي.

المقاومة صامدة والنهج مستمر

وفي ختام كلمته، أكد الحيّة أن المقاومة الفلسطينية لا تزال حية وقيادتها ثابتة، وقد نجحت في كسر “أسطورة الردع” الإسرائيلية، وضرب الرواية الصهيونية، واستعادة مكانة القضية الفلسطينية، وتعقيد مشروع التطبيع.

وشدد على أن حركة حماس ستبقى وفية لنهج المقاومة وتحرير فلسطين، ماضية على عهد قادتها الشهداء “دون تغيير أو تبديل”.

Exit mobile version