تكنولوجيا
أخر الأخبار

الذكاء الاصطناعي أم السباق المحموم للسيطرة عليه.. أيهما أخطر؟

تُشير تحليلات اقتصادية واستراتيجية حديثة إلى أن التحدي الجوهري والمخاطر الأعمق التي يفرضها عصر الذكاء الاصطناعي (AI) قد لا تكون محصورة في الجوانب الأخلاقية أو الوجودية للتقنية بحد ذاتها، بل تكمن في السباق الرأسمالي العالمي المحتدم للسيطرة على بنيتها التحتية الأساسية.

وتتجه الأنظار نحو مراكز البيانات (Data Centers) التي تمثل العصب الحيوي لتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي الضخمة وتدريبها، حيث تُظهر التوقعات أن الإنفاق العالمي التراكمي على إنشاء هذه المراكز وتحديثها قد يبلغ مستويات غير مسبوقة، تُقدر بنحو 3 تريليونات دولار أمريكي خلال السنوات القادمة.

هذا الاستثمار الهائل يطلق شرارة “حرب اقتصادية” جديدة، لا تتعلق فقط بالبرمجيات، بل بالموارد المادية واللوجستية والتحكم في مصادر الطاقة التي تغذي هذه البنية التحتية.

يُركز هذا السباق المحموم على ثلاثة محاور رئيسية: الطاقة، الرقائق (GPUs)، والأرض. ففيما يتعلق بالطاقة، تُعد مراكز البيانات العملاقة التي تدعم الذكاء الاصطناعي من أكثر المنشآت استهلاكاً للكهرباء على مستوى العالم، وتتطلب كميات هائلة ومستمرة من الطاقة لتبريد وتشغيل الخوادم، مما يثير مخاوف جدية حول أمن الطاقة الوطني وقضايا الاستدامة البيئية.

كما أن المنافسة على أشباه الموصلات، وتحديداً وحدات معالجة الرسومات (GPUs) عالية الأداء التي تُنتجها شركات مثل إنفيديا (Nvidia)، تُمثل عنق الزجاجة الأساسي.

أي دولة أو شركة تستطيع تأمين إمدادات كافية ومستمرة من هذه الرقائق، تضمن لنفسها ميزة تنافسية حاسمة في تطوير وتطبيق نماذج الذكاء الاصطناعي المتطورة، مما يحول الرقائق من مجرد مكون إلكتروني إلى أداة سياسية واستراتيجية.

ويُلاحظ أن هذا النمط من التنافس يشبه إلى حد كبير سباق التسلح أو الصراع على الموارد الطبيعية في الماضي، لكنه هذه المرة يدور حول المقدرة الحاسوبية.

القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين تنفق مبالغ طائلة لضمان تفوقها، وتعمل على إنشاء “مراكز بيانات سيادية” لضمان عدم تعرض بياناتها الوطنية الحساسة أو نماذجها الذكية لأي سيطرة خارجية.

كما يفتح هذا التوجه الباب أمام لاعبين جدد، مثل الصناديق السيادية والدول التي تمتلك فوائض مالية ضخمة، للاستثمار بقوة في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، ليس فقط لتحقيق عوائد اقتصادية، بل لضمان موطئ قدم في هذه الثورة التقنية، مما يُعزز التباين الاقتصادي العالمي ويُعمق الفجوة بين من يمتلكون المقدرة الحاسوبية ومن لا يمتلكونها.

زر الذهاب إلى الأعلى