فوق ما تركته أوجاع الحرب عليهم، فجع السودانيون مساء أول أمس – الأحد – بخبر وفاة الشاعر محمد المكي إبراهيم في القاهرة خاتماً رحلة دامت أكثر من نصف قرن من التعبير الشعري عن عواطف شعب كامل، وترك بصمة بالغة الخصوصية والفرادة في الأدب السوداني، إذ اشتهر بقصائده الوطنية والثورية، لا سيما المرتبطة بثورة أكتوبر (تشرين الأول) 1964، التي أطاحت نظام الرئيس الراحل إبراهيم عبود.
يعد إبراهيم، الذي ولد في 1937 بمدينة الأبيض، من الشعراء السودانيين الذين كرسوا حياتهم في خدمة الإبداع الأدبي والفكري، فضلاً عن التعبير عن هموم الوطن وآلامه وآماله، كما تميزت أشعاره بأسلوبها الفريد وعميق معانيها، إذ تناولت قضايا الهوية والمقاومة والأمل في زمن الصعوبات.
الشاعر الدبلوماسي
والشاعر المكي كان أيضاً دبلوماسياً، واشتغل لفترة طويلة في وزارة الخارجية السودانية قبل أن يستقيل إثر خلافات مع نظام الرئيس السابق عمر البشير ويهاجر إلى الولايات المتحدة الأميركية.
وبعد انتشار نبأ وفاته، عم الحزن على رحيله وسائل التواصل الاجتماعي في السودان، وتبادل الكتاب والمثقفون ومحبوه التعازي في رحيله وذكر مآثره، واستعادة قصائده وآخر كلماته.
ونعى رئيس وأعضاء مجلس السيادة في السودان الشاعر محمد المكي إبراهيم، قائلاً في بيان “ننعى للشعب السوداني شاعراً وأديباً فذاً، نظم أروع القصائد والأناشيد في حب الوطن، واتسمت أعماله الأدبية بالرصانة والاتزان”.
وتابع البيان “يعد محمد المكي أحد أبرز الشعراء السودانيين، وهو رائد من رواد القصيدة العربية الثورية في العصر الحديث، وتميز بقصائده عن ثورة أكتوبر، وكان لها وقع خاص في وجدان كل السودانيين”.
صوت الإنسان والوطن
وقال الشاعر فضيلي جماع “أبت هذه السنة كبيسة الأحزان إلا أن تفجعنا في رحيل الشاعر محمد المكي إبراهيم، وفيه تصدق مقولته في رثائه لأستاذه وصديقه محمد المهدي المجذوب، برحيله ينفصل الصندل عن الجمر. جاءني الخبر في أكثر من رسالة، لكني مثل غيري تعلقت بالأمل الكذوب أن يكون الخبر عكس ما جاءني، فزعت إلى الأمل أن ينفيه الكذب كما جاء في رثائه”. وأضاف “برحيله تفقد أمتنا صوتاً إنسانياً ووطنياً حراً سيظل صداه ما بقي السودان في هذا الكوكب، وقد صدق حين قال (بعض الرحيق أنا والبرتقالة أنت)”. وتابع جماع “ستبقى بذرة هذا الشعر الناضح بالحكمة والوطنية والجمال زاداً لنا في ابتلاءاتها التي طالت، وسيبقى اسم الشاعر وساماً على صدر السودان ما بقيت رحمه الولود”.