تتوسع الصراعات في جميع أنحاء غرب آسيا وسط الاهتمام العالمي بغزة والأراضي الفلسطينية المحتلة. وإحدى النتائج السلبية للحرب المستمرة بين إسرائيل وحماس هي عدم قدرة العالم على التخفيف من حدة الصراعات الأخرى الملحة ومعالجتها، وتقدم سوريا مثالا يجسد هذه الديناميكية.
أعرب عديد من المسؤولين عن قلقهم بشأن توسيع نطاق الحرب بين إسرائيل وحماس، مع ملاحظة التصاعد الكبير في حوادث العنف في جميع أنحاء سوريا منذ 7 أكتوبر في ظل أعمال الإبادة الجماعية في غزة والاحتلال الإسرائيلي المستمر للأراضي الفلسطينية.
التزمت أنقرة بحملة جوية جديدة وشاملة ضد قوات سوريا الديمقراطية (SDF) المدعومة من الولايات المتحدة. ويهدد الرئيس رجب طيب أردوغان الآن بعملية برية أخرى في شمال وشرق سوريا، بغض النظر عن “التهديدات” التي منعت العمليات السابقة. وهو يشير إلى وجود القوات الروسية والأمريكية في شمال غرب سوريا وإقليم شمال شرق سوريا، والذي أدى وجودهما إلى منع أي تقدم من هذا القبيل نظراً للمخاطر المترتبة على العملية.
وبالتوازي مع ذلك، هاجمت الميليشيات المسلحة المنشآت العسكرية الأمريكية حوالي 180 مرة في سوريا والعراق والأردن منذ 7 تشرين أكتوبر تضامناً مع فلسطين. وتواصل واشنطن الرد على هذه الهجمات بالقوة العسكرية في كل من سوريا والعراق. كما تقصف إسرائيل بانتظام محور المقاومة في جميع أنحاء سوريا، بما في ذلك البنية التحتية المدنية مثل مطاري حلب ودمشق.
وتدرك جميع الجهات الفاعلة واقع سوريا في إطار الجغرافيا السياسية الإقليمية الأوسع. وتعلن بعض هذه الجهات صراحة تضامنها مع فلسطين، وتضرب القوات الأمريكية دون تكلفة تذكر. وكل ذلك يزيد من شعبية ما يعرف بمحور المقاومة في جميع أنحاء المنطقة، وتشهد على ذلك هجمات حركة الحوثي المتمركزة في اليمن على الشحن الدولي في البحر الأحمر.
وبالتالي، تظل سوريا عنصرًا أساسيًا في المنافسة الإقليمية، لكنها لا تزال تحظى بأولوية منخفضة فيما يتعلق بالقضايا الدولية والإقليمية الأخرى.
ومما يثير القلق أن الاستراتيجية الافتراضية في كل من هذه الصراعات تنطوي على أدوات سياسية صارمة لتجميد الصراع. وبينما يواجه العالم حالة من عدم الاستقرار الصراعات الطويلة الأمد، يختار زعماء العالم حلولاً سريعة تفشل في تهدئة الوضع. وعلى هذا النحو، أصبحت إدارة الصراعات هي الاسم السائد في اللعبة على حساب الاستقرار الحقيقي المستدام في غرب آسيا.
ويعود هذا الواقع إلى الافتقار إلى الشجاعة السياسية؛ إذ يختار زعماء العالم السماح باستمرار الوضع الراهن المجمد في سوريا، ملتزمين بمواقف سياسية صارمة ذات أهداف غامضة. ويجسد الوجود العسكري الأمريكي في شمال وشرق سوريا هذا الواقع، حيث أنه من غير الواضح سبب بقاء القوات الأمريكية في البلاد بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
تدّعي واشنطن أن قواتها ضرورية لمنع عودة تنظيم داعش، في حين أن السبب الحقيقي لنشر قواتها له صلات قوية بـ “الحروب الأبدية” التي اندلعت بعد أحداث 11 سبتمبر – أي الحد من النفوذ الإيراني من لبنان إلى إيران.
تفتقر سوريا للقدرة على مواجهة قدر كبير من عدم الاستقرار، وهو ما يتفاقم بشدة بسبب القرارات السياسية التي تتخذها جميع أطراف الحرب السورية. وسيؤدي هذا الواقع إلى تعقيد آفاق السلام في البلاد مع زيادة مخاطر عدم الاستقرار الإقليمي والعالمي والحرب على نطاق أوسع.
ألكسندر لانغلواز
المصدر: ناشيونال إنترست